المهرجان والمهرجون

سبيبة : المهرجان والمهرّجون

لست في مقام التقييم فعيوبي تكفيني ولست كذلك في مقام التقويم فلعلّي أشدّ الناس عجزا على إصلاح ما بنفسي ولكنّها كلمة فيها نيّة الصدق أقولها للصّادقين من أبناء سبيبة .

مهرجان التفّاح بسبيبة تظاهرة ثقافيّة اقتصاديّة وعلميّة مضت عليها سنّة الجهة منذ الثمانينات وصار المهرجان عنوانا للغلبة السياسيّة و"العروشيّة" ومفرزا من مفارز السياسة والمال والمصالح وفي المهرجان تتجلّى العناصر الأساسيّة المكوّنة للبنية العميقة للوعي القبلي في مدينة سبيبة وتتضاءل عناصر الحياة المدنيّة في شكلها الثقافي .

ما تزال الحياة "المدنيّة " في مدينة سبيبة منجذبة إلى بنية الوعي القبلي في  كل المعارك أو ما يتوهمه أهلها داخلا في باب المعارك.المجالس البلديّة والمجالس المحليّة للتنمية والمنظّمات الوطنيّة والتظاهرات العامّة كلّها مساحات لمعارك زائفة لا منتصر فيها والكل مهزومون.

لم تكن سنة 2015 إلا تكرار رتيبا لكلّ سنين الرتابة في مدينة لم تتغيّر فيها معالم الفكر والتفكير كما لم تتغيّر فيها معالم الأرض والمكان .الناس في المدينة نماذج متكرّرة لدورة حضاريّة أسقطها الزمن في مدار تائه لا يرسم مسارا ولا ينتظر قرارا ...إنّه العبث أو كوميديا الزمن العابث...إنّه الخيبة .

من نفس تربة السّراب تنمو أضاليل الوعي وتبدأ أشباح القائمين على مدينة مهزومة في كلّ معاركها في الظهور مثل نبت صيفي فاسد .وفي الصيف يستظلّ المضّلّلون تحت أشجار الوشاية والدعاية الساقطة وتعلو في ملامح المدينة النائمة كلّ علامات الفساد...هنا أرض الفساد والمفسدين.

في أحاديث الرّجال في زوايا المقاهي المنتشرة بعدد أسماء الناس في المدينة تسمع عجبا ..وفي دعاباتهم جحيم البقاء في المدينة .

في أحاديثهم براعة اللصوص ...لصوص الدين والسياسة ..في سبيبة ينتشر اللصوص في كلّ شي.هم في كلّ قبلة أينما وجّهت فكرك ..هم الحصار .للّصوص في سبيبة عوارض التقوى وأحاديث التوبة وحكمة الزهّاد ..ولهم مزار .

وفي لعبة الخيارات يستسلم السكّان للصوص الأكثر احترافا لأنّهم ,وضمن قواعد الإشباع الحيوي, لم يعودوا في حاجة كبيرة للسرقة.أما الصّغار من اللصوص فينتظرون السنة القادمة.

دورة التاريخ تكرّر نفسها ولا يتغيّر في هذا العدّاد البائس إلاّ رقم النهايات أمّا الشهود على زيف الفعل والجهد فهم أنفسهم يتكرّرون.دائرة القدر مغلقة والسير من النقطة إلى نفس النقطة دائريّ ولا مسير ...هنا أرض القرار واليباب .

محمد المولدي الداودي

سبيبة 2015