عبد الهادي فنجان الساعدي
لقد صدَّر الدكتور عبد القادر الشيخلي كتابه المنهجية العلمية في التثقيف الذاتي بمقولة الفيلسوف الصيني كيواه – نزو الذي عاش في القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وكانت افتتاحية رائعة جدا حيث يقول الفيلسوف "اذا وضعتم مشروعات سنوية فازرعوا الحنطة – واذا كانت مشروعاتكم لعقد من الزمن فاغرسوا الاشجار – اما اذا كانت مشروعاتكم للحياة بكاملها، فما عليكم الا إن تثقفوا وتنشؤا الانسان".
لقد عرَّف المؤلف التثقيف الذاتي بانه "الرغبة الطوعية في النهل من معين العلم والمعرفة" كما انه قسم التثقيف الذاتي الى نوعين، النوع الاول يمتاز بعدم المنهجية أي القراءة العشوائية او الشاملة او المنوعة وهذا الاسلوب ينطوي على هدر في الطاقات الشخصية. اما القراءة المنهجية فهي القراءة التي فيها " اختزال الوقت والجهد والمال" كما يساعد على "تكوين مجموعة متفاقمة من المثقفين ثفافة موسوعية او ثقافة متخصصة على جانب كبير من الاحاطة بحقائق العصر".
لقد حاول إن يحصر بحثه في ثلاثة اسئلة هي: "لماذا نقرأ؟ - ماذا نقرأ؟ كيف نقرأ؟ ".
إن مجمل القول في هذا الجانب من الحديث هو إن التثقيف العشوائي يتيح اللياقة في الحديث فيوحي للمتلقي العادي إن هذا المثقف على جانب كبير من الثقافة الموسوعية غير إن الضرر الناجم عن هذ النوع من الثقافة يدركه المثقف بعد فوات الاوان وتمضي سني حياته فيدرك اخيرا انه لم يبتدع نظرية معينة او فلسفة متميزة او نتاج ثقافي مرموق يعبر عن روح العصر او طموحات الامة.
وفي الجانب الاخر هناك الاسلوب المنهجي الذي يهيئ الفرد فيه كل مستلزمات القراءة المتخصصة حيث يختار الموضوع الذي يحاول تثقيف نفسه ثم يختار المصادر التي تعينه في بحثه لتوصله الى نتيجة فكرية وحصيلة ثقافية لا يستهان بها وكلما استمر في بحوثه وقراءاته المنهجية كلما اصبحت افكاره اعمق ونتائج بحوثه اكثر دقة واصالة.
بالرغم من إن الكتاب يحتوي على 82 صفحة من القطع الصغير الا إن المؤلف اشبعه بحثا وكاد إن يوصل كل جوانبه ببعضها حيث انه التفت اخيرا الى اختيار اما رأه مناسبا للقراءة المنهجية فقسم العلوم التي افترض إن القارئ يسأل عنها وكيف يبدأ بها.
إن هذا الكتاب القيم ذكرني بمقولة الكاتب الروائي العربي الاستاذ نجيب محفوظ عندما سئل عن حملة محو الامية: فقال: "اننا لسنا بحاجة الى حملة محو الامية، انما نحن بحاجة الى حملة محو امية ثقافية".
إن ما يمكن اضافته الى هذا البحث القيم هو المستحدثات من علوم الكومبيوتر وما اضافته الى اختزال الزمن والمسافات المعرفية وكثافة المادة المخزونة في اجهزة الكومبيوتر والانترنيت حيث اختزال المنهجية العلمية في التثقيف الذاتي اصبحت احد المناهج المهمة المطروحة والتي أضحت بمتناول يد كل القراء والمثقفين.
التعليقات (0)