إدريس ولد القابلة
إن المتأمل في المنظومة الصحية لبلادنا وما آلت إليه حالها ليشفق على المواطن المسكين الذي يمكن أن يتحمل ألم المرض عن رضا بقضاء الله، ولكن لا يقبل مرارة المعاناة الناتجة عن سوء التدبير والفساد. وفي هذا النطاق تعاني أغلب مناطق الأقاليم الجنوبية أكثر من غيرها.
يعانى قطاع الصحة العمومية من مجموعة مضاعفات اجتماعية ومادية مرتبطة أساسا بالنمو الديمغرافي المتزايد خلال السنين الأخيرة، مقابل هزالة الدعم المادي واستئثار فئة قليلة من صلاحيات التغطية الصحية والفساد المتفشي في المستشفيات العمومية.
إن الميزانية العامة لقطاع الصحة لا تغطي بالكاد 41 بالمائة من المصاريف الإجمالية في مجال الصحة؛ حيث أن 5 ملايين فقط من المغاربة ظلوا هم المستفيدون من التغطية الصحية، بينما لجأ باقي المواطنين إلى تقديم شهادة الضعف والاحتياج، وهو نظام اعتُمد منذ 40 سنة لتأمين فرص متساوية أمام المواطنين في عالم التمريض، إلا أن استشراء الفساد وسيادة سوء التدبير أبطل مفعول آليات هذه المنظومة.
وقد تقرّر نظام التغطية الصحية على المستوى التشريعي منذ نونبر 2002، ورغم اعتباره ضمن سياسة التقويم الهيكلي، فإن وضع الصحة بقي متفاقما.
إن قطاع الصحة من القطاعات الحيوية في البنية الاقتصادية و الاجتماعية لأي بلد، وقد قيل إنه يكفي الإطلاع على المنظومة الصحية لتتعرف عن مدى تقدمه أو تخلفه، علما أن الحق في الاستشفاء من حقوق المواطن الأكيدة.
منذ سنوات خلت وقطاع الصحة يعرف نضالات ومطالب واسعة النطاق، وذلك من جراء ما يعانيه الأطر الطبية من مشاكل، سواء في القطاع العام أو الخاص، وما يتكبده المواطنون من معاناة. إذ أن الكثير منهم يعاني، حاليا، من عوائق تحد من حقهه في العلاج، وعلى رأسها العائق المادي. وذلك من جراء تدهور القدرة الشرائية . فهناك أقل من 15 بالمائة من المواطنين المغاربة يتوفرون على نوع من أنواع التغطية الصحية . وذلك علاوة على سوء توزيع وتموقع المؤسسات الاستشفائية والأطر الطبية . فحاليا لا يتوفر المغرب إلا على طبيب واحد لأكثر من 2500 مواطن، وأن 43 بالمائة من الأطر الطبية متمركزة في الدار البيضاء والرباط. علما أن المواصفات الدولية حسب المنظمة العالمية للصحة توصي على الأقل بطبيب لكل 1000 مواطن.
ومهما يكن من أمر، فعلى القائمين أن يعلموا علم اليقين أن التنمية المستدامة التي يسعى إليها الجميع بالمغرب لا يمكن تحقيقها بمواطن جاهل ومريض . كما عليهم أن يعلموا علم اليقين أن التعليم والسكن والتشغيل والقضاء وحقوق التعبير والصحة شكلت الأساس المادي للمفهوم الجديد للسلطة الذي أقرّه جلالة الملك منذ اعتلائه العرش، أي تقريب كل هذه الخدمات الحيوية إلى المواطنين. فما موقع قطاع الصحة بأقاليمنا الجنوبية من كل هذا؟
الوضعية كارثية رغم الأرقام الجذابة
ما زال القطاع الصحي بالأقاليم الجنوبية يعيش جملة من الأوضاع الكارثية لم يستطع القائمون على صحة المواطنين إيجاد حل ناجع ومجدي رغم مجهودات الاستثمار الجبارة التي قامت بها الدولة في هذه المناطق، ورغم تصريحات كبار المسؤولين بالقطاع الصحي ببلادنا التي غالبا ما تتقمص طابعا تفاؤليا زائدا عن الحد ضدا على الواقع المعيش .
فمع مرور الأيام يزداد هذا القطاع تدهورا بأقاليمنا الجنوبية، مما ينذر بتعميق الإشكالية أكثر وجعل المعضلة مستعصية الحل لاحقا. وترجع أسباب هذا الوضع المتردي للقطاع إلى عدة أسباب، منها ما هو مرتبط بالأطر الصحية من أطباء وممرضين وإداريين ، وما هو مرتبط بالتجهيزات والمعدات أو تلك الأسباب ذات الصلة بسوء نهج التدبير والتسيير المعتمد.
معضلة الرشوة والفساد
إتاوات الاستشفاء
مازالت مظاهر الفساد منتشر ومستشرية وسط القطاع الصحي بالأقاليم الجنوبية بشكل لافت للأنظار، ومنها الرشوة وصعوبة الولوج إلى المرافق الصحية، والمتاجرة في صحة المواطن بفعل ضعف التغطية الصحية. ويبقى الفقراء والفئات المهمشة هي أكبر الأوساط المتضررة من تداعيات انتشار ظواهر الفساد في هذا القطاع الحيوي، وذلك جراء الابتزاز الذي دأب يمارسه بعض العاملين في القطاع، وعدم قبول "شهادة الاحتياج" وسيادة التفاوض المبيت مع المرضى لاستدراجهم إلى أداء الرشاوى. وهذا ما ساهم في تفاقم مشكلات المواطنين الصحية بالأقاليم الجنوبية. علما أن الميزانية المرصودة أصلا لقطاع الصحة العمومية بالمغرب تظل هزيلة لا تكاد تبين مقارنة مع المتطلبات الضخمة التي ما فتئت تتراكم منذ سنوات.
وقد أعربت منظمة "ترانسبرنسي" أكثر من مرة عن قلقها من وضع قطاع الصحة العمومية، وأبرزت في تقاريرها، أن مظاهر عدة من الفساد تنتشر وسط القطاع ، منها الرشوة. وأشارت إلى أن الفقراء والطبقات المهمشة هي أكبرالفئات المتضررة من انتشار ظواهر الفساد ، وذلك من خلال فرض أداء ما يشبه"الإتاوات ، مما يؤدي في الغالب إلى تفاقم مشكالهم الصحية.
وللحد من هذه الآفات، قدمت منظمة الشفافية مجموعة من التوصيات والإجراءات قد تكون كفيلة بحماية مستهلكي الخدمات الطبية وضمان علاجهم بما يليق بالكرامة الإنسانية، من بينها ضرورة تفعيل القوانين الخاصة بمراقبة الالتزام بالمسؤولية، وتسهيل عمليات المراقبة وصولا إلى المقاضاة والمحاكمة. كما أوصت بأولوية تحديد استراتيجية صحية فعالة ومتوافق حولها بين مختلف الفاعلين المهنيين والسياسيين، وبضرورة تحقيق العدالة والمساواة في الوصول إلى الخدمات الصحية من خلال تغطية صحية شاملة، مع ضمان الحماية القانونية لكل مشتك من الوضع المتردي داخل المنظومة الصحية .
وتتأكد ضرورة المراقبة أكثر لما خرجت الصحة عن النظام المجاني إلى نظام أكثر إعجازا للفقراء؛ وهو نظام "خلص عاد اشكي"، الذي أصبح لغة العصر السائدة، هذا علاوة على عدم كفاية الأَسرة في أغلب المؤسسات الاستشفائية بالأقاليم الجنوبية، وضعف الطاقات الاستيعابية للمستشفيات أو حتى لانعدامها في بعض المناطق.
إشكالية التدبير
إن الأرقام المهولة التي تخرج بها بين الحين والآخر الدراسات الميدانية الإكلينيكية المتعلقة بالجانب الصحي ، تطرح أكثر من تساؤل عن مصير ملايين الدراهم التي تصرف في إطار ميزانية وزارة الصحة. وقد دقت العديد من هذه الدراسات ناقوس الخطر، وخاصة فيما يتعلق بمشاكل الصحة الإنجابية، حيث تتزايد يوما بعد آخر نسب وفيات النساء الحوامل أثناء الوضع، في غياب أبسط الشروط السليمة في جملة من المؤسسات الصحية بالأقاليم الجنوبية.
فإذا كان عوز التجهيزات البشرية واللوجيستيكية عن استيعاب أكبر عدد ممكن من الحالات الطارئة الوافدة على المصحات والمستشفيات عموما ، فكيف هو الحال بالنسبة إلى المناطق النائية بالأقاليم الجنوبية، وهو الشيء الذي يطرح العديد من التساؤلات عن الأسباب والدوافع الحقيقية الكامنة وراء ذلك؟
كل هذه الإشكاليات تجعلنا نطرح سؤالا جوهريا من أجل فهم أعمق لقطاع الصحة: هل الأقاليم الجنوبية تتوفر حقا على منظومة صحية بمعنى الكلمة؟ وبصيغة أخرى هل تتوفر منظومة الصحة على مقومات المنظومة كما يحددها المفهوم؟
أثناء بحثنا في أسس التسيير نجد أن مفهوم منظومة يعني مجموعة من العناصر تتفاعل فيما بينها وفق أسس وقواعد محددة من أجل بلوغ أهداف مبرمجة نذكر من بينها: اتخاذ القرارات في إبانها، ووفرة الموارد الكافية، والتحكم في الموارد المالية والبشرية للمنظومة والتسيير وفق أسس التدبير والحكامة الجيدة.
استنادا إلى هذه الأسس يمكن القول إن من بين الاختلالات التي يعاني منها القطاع الصحي، هناك تجريد منظومته من الاستقلالية التامة، إذ نجد أن بعض المسؤولين في القطاع الصحي تملى عليهم بعض القرارات خارج المنظومة مثل تعيينات وانتقالات الموارد البشرية، ناهيك عن عجز المسؤولين عن اتخاذ الإجراءات التأديبية في حق من ثبت عليهم سوء التدبير والفساد وذلك لكثرة التدخلات والاعتبارات.
أما فيما يخص الموارد البشرية والمادية، فإن تخصيص نسبة 5 في المائة من ميزانية الدولة للقطاع الصحي يعكس عدم إعطاء القطاع المكانة التي يستحقها، ويجعل المنظومة عموما عاجزة عن التخطيط وفق تطلعات المواطنين، علما أن منظمة الصحة العالمية أوصت بـ 9 بالمائة كأقل نسبة من أجل توفير الموارد التي يحتاج إليها أي قطاع صحي. وأمام هذا القدر الهزيل للميزانية تجد المنظومة نفسها عاجزة عن توفير الأطر الكافية وذات الكفاءة والكفاية؛ مما ينعكس على جودة الخدمات والعلاجات من جهة وتحت وطأة المعضلات المتراكمة من جهة أخرى.
وبإيجاز يمكن جرد بعض جوانب أزمة المنظومة الصحية التي لا يمكن غض الطرف في:
- الإرادة السياسية الفعلية من أجل إصلاح المنظومة؛
- إشراك الفاعلين الأساسيين في بلورة سياسة صحية والسهر على استمرارية تفعيلها؛
- إعطاء المنظومة كل المقومات: استقلالية القرارات والموارد الكافية؛
- الاستثمار في الأطر الصحية بالتكوين الجيد والتحفيز؛
- نهج أسس التسيير الجيد والحكامة؛
- محاربة الفساد وسوء التدبير والمحسوبية.
احتجاجات واختلالات بالجملة
تناسلت الاحتجاجات سواء من قبل المواطنين أو العاملين في القطاع ، وتتحدد مطالب المحتجين في تحسين الخدمات ووضع حد للتدهور القائم المتمثل في استشراء ظاهرة الفساد الإداري والمالي وانتشار الرشوة، ومحاسبة المسؤولين عن كل الاختلالات التي تثقل كاهل هذا القطاع ، وطلب إيفاد لجنة لتقصي الحقائق (من المجلس الأعلى للحسابات ، ووزارة الصحة، والمالية ..) وتحميل المسؤولية فيما آل إليه الوضع بالقطاع إلى القائمين عليه (مندوبي الوزارة، والإدارة المركزية ) بسبب غض الطرف عن كل ما يجري على أرض الواقع .
والمثير للانتباه في جملة من المؤسسات الصحية بالأقاليم الجنوبية ، أن معظم الأجهزة والمعدات الطبية تتعرض للعطب في أوقات متقاربة دون أن يتم التدخل بالسرعة المنتظرة والمطلوبة بشكل حاسم لتسوية الوضعية ، وهو ما يجعل المستشفى يمر بحالة شلل تام، كما يتسب في إلحاق الضرر بالمواطنين الذين يضطرون للتخلي عن العلاج ، أو اللجوء القسري إلى القطاع الخاص والتنقل إلى مدينة أخرى . ومن الاختلالات المثارة من طرف المحتجين أيضا تدني مستوى الخدمات المقدمة من قبل شركات التدبير المفوض الخاصة (بالنظافة، والحراسة، والتغذية ...).
معالم السياسة الصحية بالأقاليم الجنوبية
يلعب قطاع الصحة إلى جانب القطاعات الأخرى دورا هاما في التنمية الاجتماعية بفعل الخدمات التي يقدمها . فالبنيات التحتية المتوفرة بالأقاليم الجنوبية عرفت تزايدا ملحوظا بفعل المجهودات التي تبذلها الدولة في هذا المجال.
إن الأبعاد التي اتسمت بها السياسة الصحية منذ سنة 1976 في الأقاليم الجنوبية، تتجلى أولا من خلال الإنجازات المتعددة التي قامت بها الدولة ومن خلال نوعية الخدمات الصحية التي توفرها المنشات المحدثة وعبر تحسن المستوى الصحي للسكان. فقد انصبت جهود المصالح الصحية آنذاك في انتظار بناء وتشغيل التجهيزات الجديدة ، على توفير خدماتها للقضاء على أمراض الأطفال ومحاربة سوء التغذية المسؤولة عن وفيات الأطفال ، وأمراض أخرى متفشية في المنطقة كأمراض العيون و أمراض الجهاز الهضمي وداء السل. كما تم إيفاد بعثات صحية متنقلة إلى عين المكان لتقديم العلاجات الأولية الضرورية وإسداء النصح إلى السكان فيما يتعلق بـ: النظافة والتغذية ووقاية وصيانة البيئة. وظلت السياسة الصحية المتبعة بالأقاليم الجنوبية تتوخى :
- تأمين الاكتفاء الذاتي للمنطقة؛ نظرا لابتعادها عن المراكز الصحية الموجودة؛
- جعل الخدمات الصحية في متناول أكبر عدد ممكن من المواطنين ، بملاءمتها مع الاحتياجات النوعية لهذه المنطقة وفق توزيع جغرافي للمنشات، ووفق مبدأ مجانية الخدمات الصحية؛
- تطوير الطب العلاجي والوقائي تمشيا مع السياسة المتبعة في هذا المجال في مجموع البلاد.
وتتوفر الأقاليم الصحراوية اليوم على نظام استشفائي عصري وغير مركزي يسعى لتلبية حاجيات السكان. وقد تحققت بعض هذه الأهداف على ثلاث مستويات :
- بوضع بنيات صحية مناسبة؛
- تكوين الأطر التي تستجيب لحاجيات المنطقة؛
- تنظيم حملات الوقاية.
فعلى الصعيد الجهوي يشكل المستشفى المرحلة النهائية للمسلسل العلاجي، بينما تقدم العلاجات الأولية وعمليات التشخيص على مستوى الحي أو المقاطعة بواسطة شبكة من المراكز الصحية والمستوصفات.
وتجسد التطور الهائل الذي وقع في البنيات الأساسية بالأقاليم الجنوبية في إقامة المصالح الصحية في مختلف المناطق. ففي داخل المدن، انصب الاهتمام بوجه خاص على الأحياء الآهلة بالسكان.
لكن رغم كل هذه المجهودات ما زالت هناك معضلات تنتظر حلولا عاجلة وفورية، لاسيما تلك المرتبطة بالتسيير ومحاربة الفساد، والتي لا تستوجب ميزانيات وإنما رغبة وإرادة صادقتين.
سليماني محمد
جهة وادي الذهب-الكويرة
يعاني القطاع الصحي بجهة وادي الذهب-الكويرة من قلة الأطر الطبية وشبه الطبية، ومن ثم ففي إطار النقص يصعب الحديث عن جودة متكاملة وعالية للتغلب على جميع العراقيل الأخرى. ويبدو الوضع أكثر إيلاما في بعض المناطق القروية التي لا تتوفر على مستوصفات أو مراكز صحية، في الوقت الذي تم بناء بعضها في بعض القرى لكنها ما تزال مغلقة تنتظر تعيين أطباء وممرضين.
د، لحسن الناصري / المدير الجهوي للصحة بالداخلة:
نفكر في صيغ ملائمة من أجل تقديم تحفيزات للأطباء بالجهة
ما يزال القطاع الصحي بجهة وادي الذهب-الكويرة يعاني من مجموعة من الإكراهات، لعل أهمها نقص الموارد البشرية. فإذا كان مستشفى الحسن الثاني بمدينة الداخلة في السنوات الأخيرة أصبح يتغلب على مشكل النقص في المواد والتجهيزات والأطقم شبه الطبية، فإن مجموعة من قرى الصيادين ما تزال تنتظر الإسراع ببناء وتجهيز المراكز الصحية بها.
ما هي وضعية القطاع الصحي بجهة وادي الذهب-الكويرة؟
القطاع الصحي بجهة وادي الذهب-الكويرة كان يعرف خصاصا كبيرا إلى حدود سنة 2008 ، من حيث الأَسرة ومن حيث التخصصات الطبية، وكذلك التجهيزات، ولكن في السنوات الأخيرة أصبحنا نتغلب على هذا النقص، إذ كل سنة نحصل على تجهيزات جديدة وأطباء جدد وممرضين. فمثلا عندما حل بالمنطقة طبيب اختصاصي في طب العيون لم نكن نتوفر في المستشفى على أي جهاز خاص بطب العيون، ولكن بمجيء الطبيب قمنا باقتناء مجموعة من التجهيزات بوسائلنا الخاصة لكي يبدأ في عمله دون انتظار، والآن طبيب العيون يجري عمليات جراحية لأول مرة بالداخلة. الشيء نفسه كذلك بالنسبة لطبيب العظام أو باقي التخصصات. والآن في إطار تطوير الخدمات الصحية نقوم بتوسعة المستشفى وتهيئته من أجل إضافة 30 سريرا من أجل أن تصل الطاقة الاستيعابية إلى 80 سريرا، كما أننا بصدد بناء مقر خاص لجهاز سكانير وطب الإنعاش وصيدلية جهوية جديدة. كما أن بناية مختبر جهوي لعلم الأوبئة بالداخلة أشرفت على الانتهاء، علما أن الموارد البشرية التي ستعمل به فهي معينة بالداخلة، وهذا المختبر سيقوم بحملات لمراقبة مطاعم المدينة ومراقبة المأكولات التي تعرض فيها، والقيام بتحاليل للمياه التي يستهلكها المواطنون، إضافة إلى تحاليل للجو والحشرات بالجهة.
نحن الآن نرفع تحد كبير وهو أن نتوفر في جهة وادي الذهب-الكويرة على كل التخصصات الطبية، وأن لا ننقل أي مريض إلى منطقة أخرى إلا في الحالات النادرة، أولا لأن منطقة الداخلة تبعد عن أقرب مدينة بما يقارب 600 كيلومتر. على العموم فحالات نقل المرضى انخفضت بنسبة 50 في المائة تقريبا مقارنة مع السنوات الماضية.
من بين المشاكل التي نعاني منها حاليا هي نقص الموارد البشرية، سواء الطبية أو شبه الطبية، إضافة إلى عدم استقرار هذه الأطر بالجهة. ولمعالجة هذا المشكل نبحث مع السلطات المحلية إيجاد صيغ ملائمة من أجل تحفيز هذه الأطر على الاستقرار بالداخلة كتوفير السكن، وتذاكر السفر بالطائرة وبعض الامتيازات الأخرى.
عصام أديبي / الجامعة الوطنية لقطاع الصحة
يجب توفير الأمن في مجموعة من المراكز الصحية
تعاني جهة وادي الذهب-الكويرة من خصاص حاد في الأطر التمريضية، فهناك مجموعة من المراكز الصحية على امتداد الجهة التي لا تتوفر إلا على ممرضين أو ممرض واحد، وهذا العدد بطبيعة الحال غير كاف بتاتا لتقديم الخدمات الصحية للمواطنين. فالجودة التي يطلبها الجميع في الخدمات الصحية المقدمة يجب أن يوازيها توفير أرضية مناسبة لذلك. ومن بين الأمور الأساسية في المنظمة الصحية هي الاعتناء بالعنصر البشري، إذ إن وضعية الأطر الصحية بجهة وادي الذهب-الكويرة لا تختلف عن وضعية جميع الأطر بمختلف الأقاليم الجنوبية. لهذا من الواجب جدا تحسين ظروف العمل بالنسبة للأطباء أو الممرضين أو الإداريين. حيث إن هناك مجموعة من الموظفين لم يتوصلوا بالتعويض منذ 2007. وللتغلب على النقص الحاصل في العنصر البشري وكذلك لتشجيع الأطباء الاختصاصيين على الاستقرار يجب على كل المتدخلين التفكير في إيجاد صيغ لتقديم تحفيزات خاصة لهؤلاء الأطباء. كما تطالب الشغيلة الصحية بتوفير الأمن في بعض المراكز الصحية، على اعتبار أن هناك مجموعة من الأطباء والممرضين الذين تعرضوا لتهجمات من قبل بعض الأشخاص. وتشجيعا لهؤلاء الأطر الذين يعملون في هذه الجهة، فإنه يجب التفكير في خلق تعويض عن المناطق النائية.
ا
إقليم طاطا
الوضع الصحي بطاطا كارثي ويزداد سوءا يوما بعد يوم
يجمع كل الطاطويين على أن الوضعية الصحة بالإقليم كارثية وتزداد سوء يوما بعد يوم، في ظل النقص الكبير في عدد الأطباء، فمن أصل 41 طبيبا قبل سنوات بالإقليم يوجد الآن أقل من 11 طبيبا فقط. فمجموعة من المراكز الصحية أصبحت مفتوحة الأبواب لكنها موصدة الخدمات في غياب أي طبيب يمكنه أن يفحص المرضى، كما أن هناك مجموعة من المستوصفات تم بناؤها بمجموعة من المداشر والقرى، لكنها ظلت مغلقة منذ تشييدها.
محسن أويال / طبيب
مشكل الصحة بطاطا هو قلة الموارد البشرية
تمر الوضعية الصحية بإقليم طاطا بمرحلة تحول إيبدميولوجي ككل مناطق المملكة، حيث أصبحت الأمراض المزمنة كأمراض القلب والشرايين ومرض السكري وأمراض القصور الكلوي وكذا الأمراض المتعلقة بكبار السن، لكن و نظرا لتقاليد و عادات ساكنة الإقليم والمناخ و التضاريس القاسية السائدة، فما تزال بعض الأمراض الطفيلية تنتشر بشكل محدود كمرض الليشمانيا. من جهة أخرى يتوفر الإقليم على عدة مستوصفات و مراكز صحية جماعية و حضرية مع وحدات للولادة، وأيضا المستشفى المحلي بطاطا مع غياب تام للمؤسسات الصحية الخاصة، لكن رغم كل هذه المعطيات ما يزال قطاع الصحة بطاطا يعاني من مشكل أساسي هو قلة الموارد البشرية العاملة به، خصوصا الأطباء. حيث يشتغل بالإقليم 11 طبيبا عاما ( 12500 نسمة لكل طبيب ) وطبيبة واحدة للولادة وأمراض النساء وطبيبة للإنعاش وأخرى لأمراض العيون مع غياب طبيب للجراحة و طب الأطفال و اختصاصات أخرى حيوية، مما يضطر العديد من المرضى إلى تحمل عناء السفر و التنقل للمستشفى الجهوي لأڭادير أو لڭلميم لتلقي العلاج المناسب. هذا الوضع الكارثي لم يجد معه المسؤولون حلا، نظرا لعزوف الأطباء عن الالتحاق بالإقليم لعدم توفره على امتيازات و ظروف عمل ملائمة كباقي أقاليم المملكة. و في نظري لتجاوز هذه الأزمة أقترح مجموعة من الحلول أذكر من بينها اعتبار إقليم طاطا منطقة نائية و تخصيص امتيازات للموظفين لتشجعيهم على العمل بالإقليم، وإرسال لجان مركزية من جميع المصالح لدراسة أوضاع الإقليم والسعي لإيجاد حلول واقعية، إضافة إلى ضرورة مساهمة جميع الفاعلين الطاطاويين من منتخبيين ومسؤوليين وأعضاء الجماعات وفعاليات المجتمع المدني بالتعريف بالمنطقة وخصوصياتها.
حسن شمسي / الفدرالية الديمقراطية للشغل:
طاطا: 8 مستوصفا مغلقة و15 مركزا صحيا بدون طبيب
في الآونة الأخيرة يعرف إقليم طاطا خصاصا مهولا في العنصر البشري، خاصة الأطباء العامين في الوقت الذي تنعدم فيه الاختصاصات الضرورية كالجراحة والإنعاش وطب الأطفال وحتى طب الأسنان ما يضطر بالمواطنين وكذا المهنيين إلى التنقل إلى أكادير من أجل العلاج. وفي الوقت الذي تنعدم فيه الاختصاصات الطبية والنقص الحاد للأطباء العامين وافتقار المراكز صحية تفتقر إلى الأطباء. يتوفر إقليم طاطا على 178 عاملا ما بين طبيب وممرض وتقني وإداريين وأعوان. في حين أن الخصاص تم حصره في 123 إطارا. ويظل المستشفى الإقليمي يفتقر إلى الموارد البشرية المختصة، ويعاني من قلة الموارد البشرية التمريضية والإدارية والتقنية. فيما يبلغ الخصاص 11 طبيبا اختصاصيا.
وفي حال عدم تدخل الوزارة الوصية لإيجاد حلول ناجعة وسريعة، سيستمر هذا الوضع ويؤدي إلى المزيد من الاحتقان في صفوف العاملين بالقطاع والساكنة على حد سواء. وفي ظل هذا الخصاص يظل الممرضون الفئة التي تدور عليها رحى المنظومة الصحية بالإقليم بين مطرقة المطالب المشروعة للمواطنين وسندان الواجب في غياب قانون يحمي. كمثال: ممرضو التخدير والإنعاش الذين يسهرون على التخدير في غياب أخصائيين في الإنعاش ، والمولدات والممرضين بالمستشفى وبالمراكز الصحية الذين يقومون بالحراسة الإلزامية في غياب أي حماية قانونية وأمنية. وما يزال الممرض يضحي بكل إمكانياته في إقليم ناء وصعب تنعدم فيه أدنى شروط الاستقرار، مما يضطر الساكنة إلى التنقل إلى أكادير للبحث عن العلاج. فكل المشاكل التي يتخبط فيها القطاع هي نتاج لسوء التسيير من قبل الوزارة الوصية، والتي تتعامل مع طاطا كإقليم من الدرجة الرابعة طيلة العقود الماضية بتواطؤ مع المسؤولين والمنتخبين بالإقليم أمام قلة حيلة ساكنيها البسطاء والمغلوب على أمرهم.
د/ اوتمولايت / مندوب الصحة بإقليم طاطا:
نقترح أن تعطى تحفيزات للأطباء كالعمل لمدة معينة فقط في المناطق النائية
أكد الدكتور أتمولايت في تصريح سابق للجريدة "أن مشكل القطاع الصحي بطاطا هو أن الأطباء الذين يتم تعيينهم في هذا الإقليم أغلبهم لا يلتحقون بمقرات عملهم. ففي سنة 2003 كان بالإقليم 34 طبيبا، أما الآن لا يوجد بإقليم طاطا سوى أقل من 11 طبيبا . فالمطلوب من وزارة الصحة أن تبذل جهودا كبيرة من أجل تقنين عملية تعيين الأطباء وانتقالاتهم، كما اقترح الدكتور اوتمولايت أن تمتنع الوزارة عن تعيين الأطباء في المناطق الداخلية؛ أي أن تحجب هذه المناصب حتى تنتهي من تعيين جميع الأطباء في المناطق النائية أولا، ويجب عليها كذلك أن تفرض على الأطباء المتخرجين حديثا العمل لمدة معينة في القطاع العام قبل إجراء مباراة متابعة التخصص الذي يرغبون في متابعته، كما أقترح أن تعطى تحفيزات لهؤلاء الأطباء كالعمل لمدة سنة أو سنتين فقط في المناطق النائية تم تسهل لهم عملية الانتقال. فالعديد من المراكز الصحية بالإقليم لا تتوفر على طبيب مقيم إلا أن مندوبية الصحة بالإقليم تعمل في هذه المناطق من خلال القيام بحملات طبية بين الفينة والأخرى. فمثلا خلال الدخول المدرسي قام مجموعة من الأطباء العاملين بطاطا المركز بالقيام بحملات في هذه المناطق، إضافة كذلك إلى قيام طبيبة اختصاصية في التوليد بخرجتين في الأسبوع إلى هذه المراكز الصحية القروية لمتابعة هذه الحالات كذلك. مع العلم أن كل دار ولادة في الإقليم تتوفر على مولدتين تتابعان حالات النساء الحوامل.
هشام مدراوي
جهة العيون-بوجدور-الساقية الحمراء
بنية تحتية صحية مجهزة
تختلف الوضعية الصحية بين مختلف المناطق والمدن حسب معطيات مرتبطة أساسا بالاستثمارات الموجهة للقطاع، سواء كانت استثمارات رسمية أو تابعة للقطاع الخاص. ولا يمكن تحديد المستوى الصحي في مدينة ما، إلا بالاعتماد على مؤشرات مرتبطة بالبنية التحتية للقطاع الصحي بالمدينة والأطر القائمين على تقديم الخدمات الصحية للمواطنين. وتحتل مدينة العيون أهمية خاصة بين مختلف المدن بالأقاليم الجنوبية للمغرب بسبب كثافتها السكانية الأكبر في المنطقة، التي تبلغ 205.864 نسمة.
الدكتور السباعي يسير /الكاتب العام للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام لجهة العيون:
120 طبيبا لمواجهة متطلبات أكثر من 250000 نسمة
لدينا من الوسائل ما يكفي بأن نعالج زهاء سبعين في المائة من الحالات المرضية التي تتوافد علينا، إذ أن عدد الأطباء الاختصاصيين كاف، لكن غير قادر إلى حد ما على الاستجابة لمتطلبات المرضى بالعيون. تتوفر العيون على تسعين طبيبا في المستشفيات والمستوصفات وعليهم مواجهات الاستجابة متطلبات ساكنة تبلغ قرابة 250000 نسمة ، مع العلم أن كل من مستشفى مولاي الحسن بلمهدي ومستشفى الحسن الثاني لا يقصدهما فقط سكان مدينة العيون، بل سكان الجهة ككل، بل هناك حالات الداخلة والسمارة بعد أن تعذر معالجتهم هناك. إن العدد الهائل للمرضى بالجهة لا ينسجم وعدد الأطباء الموجودين، خصوصا فيما يتعلق بالأطباء الاختصاصيين، لاسيما الأطباء الجراحين (طبيبان جراحيان ، أحيانا يكون واحد منهما في إجازة والثاني مريض) ، كما هناك طبيبان اثنين فقط في مجال التخدير والإنعاش، وطبيبتان اثنتان للنساء. وهذه الأرقام تكشف النقص المقلق، وهذا الأمر كان موضع شكايات متعددة للوزارة الوصية على القطاع، لكن ولا من يجيب .
إن الوزارة لا تشجع الأطباء على البقاء في هذه المنطقة، حيث ليست هناك تحفيزات مادية ولا معنوية. أما فيما يخص البنيات التحتية للمرافق الصحية، فقد تكلمنا في هذا الموضوع مع إدارة مستشفى الحسن بلمهدي على أساس أن تكون هناك تعديلات متعددة في بنية المستشفى: أقسام الجراحة وأقسام المستعجلات والإنعاش، وقد اتفقنا على جملة منها في انتظار موافقة الوزارة.
الدكتور محمد بوحمية / المدير الجهوي للصحة بالعيون
نعاني من خصاص في الممرضين والأطباء العامين
ترتكز الاستراتيجة العامة للوزارة على جملة من المحاور، منها سياسة القرب التي تهدف إلى تقديم خدمات صحية في المستوى في ميادين العلاج والوقاية والتنمية الصحية، وكذلك تقديم العلاجات الاستشفائية على المستوى إضافة إلى التكوين وتطوير قطب مرجعي بالجهات الجنوبية في مجال الخدمات الصحية، وهذه الأهداف تحددها كذلك شساعة المجال المحلي، وبعد المسافة بين التجمعات السكنية ، كذلك شساعة الحوض الإستقطابي للمركز ألاستشفائي الجهوي، مستشفى مولاي الحسن بلمهدي، بحكم الأهمية الاستراتيجية التي تعرفها العيون. فالنظام الصحي بالجهة يعرف شساعة في المجال وبعد المسافة بين التجمعات السكانية وهو ما يتحكم في القيام بالتغطية الصحية على مستوى الجهة.
إضافة إلى المراكز الصحية والمستوصفات والمستشفيات هناك معهد لتكوين الأطر في الميدان الصحي، وهناك مركزان لتصفية الدم لأصحاب القصور الكلوي لكل من العيون وبوجدور، و مركز التشخيص بالنسبة لكل من العيون وبوجدور، ومركز جهوي لتحاقن الدم بمدينة العيون، و مختبر الأوبئة وحفظ الصحة ومرصد جهوي للأوبئة، مصلحة جهوية لصيانة المعدات الطبية، ومعمل جهوي لتقويم الأعضاء، إضافة إلى مصالح الصيدلة ووحدات متنقلة بالجهة.
إن المعدل الجهوي هو مؤسسة صحية لـ 13080 نسمة في حين أن المعدل الوطني هو نسمة12000، وعدد السكان لكل سرير استشفائي جهويا لدينا 755، أما عدد السكان لكل طبيب عام وخاص هو 2287. وهنا نرى أننا متراجعون، لأن القطاع الخاص يؤثر علينا من خلال طرفاية وبوجدور، حيث لا يوجد بها أطباء في القطاع الخاص؛ وهذا ما يفسر النقص الحاصل على مستوى المؤشر الجهوي . و من المعيقات الكبرى في الجهة الخصاص في الممرضين والأطباء العامين، ونطمح إلى الزيادة في عدد الأطباء الاختصاصيين، كما لدينا الإجازة السنوية مدتها 54 يوما، وإذا كان لديك طبيب واحد في اختصاص معين تجد مشاكل من أجل منحه رخصته الإدارية، لهذا نطمح أن يكون لدينا على الأقل طبيبين بالنسبة لكل اختصاص.
أما على مستوى عدد العمليات الجراحية المنجزة خلال السنة الماضية هناك 2699 عملية جراحية، وعدد الولادات التي تمت بالمصحات فاقت 3324 حالة ولادة، والاستشارات الطبية المختصة بلغت 21445 استشارة، أما الاستشارات الطبية بالمستعجلات فبلغت 20872 استشارة.
سيد احمد السعيد
قطاع الصحة بكلميم يشهد حالة ترد غير مسبوقة
رغم المجهودات المبذولة من قبل مصالح وزارة الصحة بجهة كلميم-السمارة، إلا أن الواقع ينم عن العديد من المشاكل والاختلالات التي تؤدي إلى تدني مستوى الخدمات الصحية وعدم رقيها إلى المستوى المطلوب لدى ساكنة المنطقة، حيث ما زال سكان الإقليم والجماعات التابعة له يعانون من نقص في قطاع الصحة. فالإقليم الذي يعد عاصمة لجهة كلميم-السمارة لا يتوفر على مستشفى إقليمي يعكس مكانته، باستثناء مستشفى جراحي عسكري يجد المدنيون صعوبة كبيرة في ولوجه لإجراء و لو تحليلات بسيطة، كما انه يعجز عن تحقيق ولو شيء بسيط من الوضع الصحي المنشود إذ يظل قبلة للعديد من مرضى ومصابي المدينة، خاصة ذوي الدخل المحدود، الذين تدفعهم الحاجة المادية والصحية إلى طرق أبواب هذه المؤسسة من أجل العلاج والإنجاب، إلا أن مستشفى مدينة كلميم يلفظهم بدوره إلى المجهول ليتيهوا بين الموت والحياة .
- المعضلات الأساسية التي تعاني منها المؤسسة:
يعاني العديد من السكان الوافدين على قسم الولادة عددا من المشاكل المتزايدة والمرتبطة به ، إذ نجد أن حصة المداومة بهذا القسم تقوم بها ممرضة واحدة في ظروف غير آمنة؛ حيث التصادمات مع النساء الوافدات لأجل الولادة، ووجود عدد من الإشارات المتعلقة بتداول الرشاوى و سوء المعاملة و عدم ضبط الزوار و كذا اختفاء بعض الممتلكات.
كما أن الفريق الطبي المكلف بالعمليات الجراحية يعاني من نقص في العدد، ووجود طبيب وحيد يشرف على الحالات المبرمجة على أساس مواعيد والحالات المستعجلة؛ الشيء الذي ينعكس سلبا على هذه الأخيرة.
يبقى قسم الإنعاش بالمستشفى الإقليمي غير مشغل نظرا لغياب التجهيزات والأطر الطبية والتمريضية للإشراف عليه، في حين يعاني قسم العمليات والجراحة من نقص في الأطر الطبية والتمريضية، حيث يشرف على الحالات المستعجلة طاقم من أربعة أطر، ويشرف على الحالات المبرمجة والعادية طاقم من ثلاثة أطر. كما يعاني الفريق الطبي العامل في هذا القسم من الانقطاع الداخلية المتكررة في التيار الكهربائي، فضلا عن وجود معانات أخرى جراء الأعطاب التي تصيب الآلة الخاصة بتعقيم الماء ، وانقطاع الأكسجين بين الفينة والأخرى.
ويعاني مختبر المستشفى من مجموعة من الإكراهات من بينها عدم التزام الإدارة بتوفير مستلزمات لتشغيل الآلات المتوفرة، ونقص حاد في بنك الدم وعدم تزويد المخزون الخاص بالأدوية قبل نفادها بمدة كافية. الإهمال والتسيب نفسهما يعرفه مطبخ المستشفى الذي ينتج أغذية رديئة تمت مقاطعتها . كما يتم رمي النفايات الطبية في أي مكان وهو أمر محظور.
كريموش
الوضع الصحي ببوجدور
و تستمر المعاناة
ظلت البنية التحتية الصحية لسنوات تعاني من نقص حاد و غياب في أطرها الطبية؛ مما جعلها تشكل محطة نقاش في عدد من جلسات المجالس المنتخبة في أكثر من مناسبة. غير أن الوضعية لهذه القطاع الحيوي لم تمنع القيمين عليه على اتخاذ خلال السنوات الأخيرة مجموعة من المبادرات و إن كانت محتشمة و لا ترقى إلى مستوى تطلعات الساكنة، غير أنها جعلت للمدينة مركزا استشفائيا مازال يئن تحت رحمة الإصلاح و الإصلاح المتكرر.
لم يكن إقليم بوجدور في معزل عن الأقاليم الجنوبية، التي عانت من نقص حاد في القطاع الصحي، جراء غياب عدد من الشروط الأساسية التي تمكن القطاع للعب دوره الأساسي؛ نقص اتضحت مظاهره بشكل جلي في غياب عدد كبير من الأجزاء الأساسية المرتبطة بالقطاع، وبنيات تحتية و أطر غالبا ما توصف بالعابرة، وغير المستقرة. فالوضع الصحي بالإقليم أصبح جزء من المعاناة اليومية للساكنة، جراء الغياب التام لأبسط الضروريات التي يحتاجها المواطن، وضعف البنية التحتية و غياب للأطر الطبية المختصة، بل الأكثر من ذلك ما يوجدجد منها يتميز بالغياب المستمر عن المستشفى الإقليمي.
عرف هذا المرفق في السنوات الأخيرة قفزة ملحوظة على مستوى البنيات التحتية، حيث شهد المستشفى المحلي في الأشهر الأخيرة عملية توسيع وترميم غير مسبوقة مازالت الأشغال جارية فيها. يقول مدير المستشفى الإقليمي: "يعد مستشفى بوجدور من المستشفيات التي تندرج في إطار الجيل الثالث، ومن ثم الحديث عن التخصصات هو الحديث عن المعايير التي تحددها الوزارة لكل مستشفى حسب أهميته، و اعتبارا لهذا المعطى و للإحصائيات المتوفرة أعتقد أن الاختصاصات المتوفرة الآن كافية. صحيح، نحتاج إلى إضافة أطباء لكل اختصاص غير أن الوضع الراهن يتناسب مع أهمية المستشفى و حجم الساكنة. وأضاف عرفت سنة 2010 زيارة ما يناهز عشرون ألفا للمستشفى الإقليمي، غير أن العدد الذي تطلب حضور الطبيب لا يتجاوز 800 شخص، بينما الحالات التي تطلب منها المبيت بلغت حوالي 150 شخصا. و هذه الإحصائيات تهم السنة كاملة؛ و عليه فبمعدل استقبال شخص في كل يومين، أعتقد أن التغطية للمستشفى فهي كافية، كما أن باقي الاختصاصات لا تعرف احتياج إلا مرة في كل شهرين تقريبا".
فخلال التقرير الصادر عن مندوبية الصحة ببوجدور، فالمستشفى الذي أنشأ نهاية القرن الماضي بسعة 36 سريرا لم يكن يتوفر سوى على عشرة أطباء و 72 ممرضا، انتقل اليوم إلى أزيد من 45 سريرا موزعة على خمسة مصالح ( مصلحة الطب، ومصلحة الولادة، ومصلحة الجراحة، ومصلحة طب الأطفال، و مصلحة المستعجلات) مسيرة بطاقم بشري يبلغ حوالي 183 شخصا من بينهم 25 طبيبا، يعد خمسة منهم فقط ذوي الاختصاص (طب النساء و التوليد، وطب الأطفال، والجراحة العامة ثم طب الأسنان)، فيما الطاقم المساعد للأطباء و المتكون من الممرضين ارتفع إلى 89 ممرضا موزعين على كافة الاختصاصات. أمام هذا الطاقم البشري مازالت الساكنة بالإقليم تتساءل متى سينعم المركز الاستشفائي بالإقليم بحركة استثنائية تريحها من عناء السفر إلى مدينة العيون و باقي مدن الشمال؟
محمد البوعزاوي / المندوب الإقليمي لوزارة الصحة ببوجدور:
التخصصات الموجودة بالمستشفى الإقليمي كافية
يعتبر الوضع الصحي بإقليم بوجدور، حسب المؤشرات العامة، جيد. وأعتقد أن وجود ثلاثين طبيبا لساكنة تقدر بنحو 60 ألف نسمة هو مؤشر جد مشجع، كما أن التخصصات الموجودة حاليا كافية (طب الأطفال، و الجراحة، و طب النساء و التوليد) مقارنة مع حجم و أهمية المستشفى.
أما الحديث عن الخصاص يجب أن ينظر إليه على المستوى الجهوي، و خاصة مستشفى الحسن بالمهدي و مستشفى الحسن الثاني بالعيون. أما بخصوص التغطية الصحية بالعالم القروي فالأمر يتعلق بغياب رؤية واضحة. صحيح، إن هناك عدة قرى للصيد البحري غير منظمة يغيب عنها عنصر الاستقرار العائلي، و من ثم يصعب وجود مراكز صحية ثابتة، لكن على العموم، المندوبية تعمل على تعويض النقص الحاصل في هذه القرى البحرية و ذلك بتنظيم خرجات طبية عبر الوحدة الطبية المتنقلة مرة كل أسبوعين يستفيد منها البحارة و الرحل بالعالم القروي .
خولة أجنان
رضا الجدايمي / رئيس فرع النقابة الوطنية لأطباء القطاع الخاص
لا توجد حاجة حقيقية لإقامة مركز استشفائي جامعي بالأقاليم الجنوبية
أعتقد أن الوضع الصحي بالجهة، جيد بشكل عام؛ وذلك بفضل المجهودات الكبيرة التي بذلتها وتبذلها الدولة في هذا الشأن، خاصة ما يتعلق بتأهيل البنية التحتية الصحية عبر بناء المستشفيات والمراكز الصحية. كما يساهم القطاع الخاص بشكل كبير في تأهيل المجال، حيث افتتح عدد من الأطباء عيادات خاصة/ سواء في الطب العام أو مختلف التخصصات. وأعتقد أن المؤهلات الصحية التي تتوفر عليها الجهة كافية لتغطية الاحتياجات الصحية للمواطنين، حيث إن مدينة العيون مثلا من بين أهم المدن المؤهلة جيدا على المستوى الصحي، والذي تؤكد عليه المؤشرات الصحية المرتفعة ، ومنها التخصصات التي تغطي أهم وأغلب التخصصات الموجودة، باستثناء التخصصات التي تحتاج لتجهيزات ضخمة ولا توجد إلا بالمراكز الاستشفائية الجامعية. وفي هذا الإطار، لا أتفق مع بعض الجهات التي تدعو لإقامة مركز استشفائي جامعي بالأقاليم الجنوبية، بسبب الاستثمار الكبير الذي يحتاجه مثل ذلك المركز، في الوقت الذي لا أعتقد أنه توجد حاجة حقيقية له في الوقت الراهن.
سعاد بناني /مختصة في تسيير المستشفيات والمنظومات الصحية
الجهوية أرضية لدمقرطة النظام الصحي
أكدت المختصة في تسيير المستشفيات والمنظومات الصحية، الدكتورة سعاد بناني، والتي أدارت سابقا مستشفى ابن سينا الجامعي بالرباط، وشغلت منصب مستشارة لدى وزير الصحة السابق، الشيخ بيد الله، أن الحل الأمثل لتطوير وتحسين الوضع الصحي بالمغرب وعلى رأسه الوضع الصحي بالجنوب هو السير بشكل حثيث في مسار الجهوية.
واقترحت بناني في هذا الإطار، خلق منظومة صحية جديدة تضمن دمقرطة القطاع الصحي. واقترحت بأن تقوم هذه المنظومة على إنشاء شبكات صحية محلية تتكامل فيما بينها. وفي المستوى الثاني، إنشاء تجمعات أو مراكز صحية إقليمية، تترأسها الأطر الطبية المؤهلة، مؤكدة على أن الهدف من هذين المستويين هو تحقيق لاتمركز على مستوى البنيات والتجهيزات والميزانيات والأطر الطبية، وتوزيعها بين مختلف المناطق مما يمنع حصول تركز لها في جهات دون الأخرى. وفي المستوى الثالث، اقترحت إنشاء مجلس أعلى للصحة يترأسه وزير الصحة ويضم ممثلين عن جميع الجهات بالمملكة إلى جانب أعضاء بإدارة الدولة. ويفترض أن يقوم برسم السياسات الصحية الوطنية وتطوير برامج الرعاية الصحية بالاعتماد على مجموع الخطط الجهوية، مع تحديد أولويات الاشتغال. أما وزارة الصحة، فاقترحت بناني أن تكون في المستوى الرابع من المنظومة المقترحة، حيث يرتكز دورها على الجانب التقني المرتبط أساسا بالتأطير والتنسيق، إلى جانب رسم الإطارات العامة للخدمات الصحية وتوحيد آلياتها. وفي الأخير أكدت بناني على ضرورة أن يكون البرلمان على رأس هذه المنظومة، ليقوم بتحديد الإطار التمويلي للقطاع بشكل سنوي ويمارس دوره الرقابي لضمان التزام مختلف الجهات والمتدخلين بالسياسة المتفق عليها، مع الاحتفاظ بحقه في معاقبة المتعثرين.
"الصحراء الأسبوعية"
التعليقات (0)