المنطقة الخضراء
بغداد-عفوا- القاهرة
بقلم: مجدي المصري
بعدما دانت عاصمة الرشيد للجحافل الأمريكية لم تستقر الأمور وحتى بعد مجيئ نظام الحكم الجديد, أفسدت العمليات الإنتحارية والسيارات المفخخة أي بهجة أو نشوة بالقضاء على نظام الرئيس السابق صدام حسين, فتفتق ذهن الأمريكان إلى فكرة سديدة وهي (المنطقة الخضراء) أو بمعن أدق إحاطة مقر الحكم والحكومة والوزارات ومقر القيادة الأمريكية بسياج خرساني عازل يقي الحكام الجدد للعراق والقادة الأمريكان شر المفخخات والإنتحاريين, وقد نجحت الفكرة إلى حد كبير ولم يستطع كلاهما الولوج إلى الداخل وإحداث خسائر سواء في الأرواح أو المنشآت.
والأحداث التي تجري في قاهرة المعز منذ أن قامت ثورة الخامس والعشرون من يناير تعطي دلالات بالغة الخطورة, فصاحب الموجات الأولى للثورة إصرار شديد من الشعب المصري على تحدي السلطة والتي كانت متمثلة في شخص الرئيس السابق ووزارة الداخلية, عندما أصرت التظاهرات التي خرجت من مناطق عدة في القاهرة أن تلتحم ببعضها في ميدان التحرير والمواجهات العنيفة التي خاضتها تلك الجماهير مع قوات الشرطة والتكتيكات التي إتبعها الطرفان في تلك المواجهة, التي أنهكت فيها قوات الشرطة تماما وبالتالي إنسحبت واستطاعت الجماهير التجمع في ميدان التحرير.
وهنا حدث الإنتقام من الشرطة والمتمثل في إقتحام أقسام الشرطة وحرقها وكذلك مقار مباحث أمن الدولة وأخيرا محاولات اقتحام وزارة الداخلية, ليس هذا فحسب وإنما التوجه إلى مقر إقامة مبارك لإقتحامه مما دفع مبارك للتنحي, ولكن بعد ما يقرب من العام على تنحي مبارك ما الذي حدث؟
سيطرت فكرة الهجوم على (الحكومة) على البعض ربما بهدف القضاء على هيبتها وسلطتها وربما بهدف الإنتقام منها وربما لأهداف أخرى خفية, ولكن أيا كان الهدف, فالفكرة في حد ذاتها فاعلة وبقوة, وجائت أحداث شارع محمد محمود والمحاولات المستميتة لاقتحام وزارة الداخلية والتي إنتهت بقيام الجيش بإقامة سياج حجري عازل يقطع الشارع تماما بغرض منع الوصول إلى وزارة الداخلية, ثم أعقبه أحداث مجلس الوزراء عندما تم تعيين الدكتور الجنزوري رئيسا للوزراء في حكومة إنقاذ وطني لم يقبل بها البعض فنقلوا تظاهرهم أمام رئاسة مجلس الوزراء, ليس هذا فحسب, ولكن أقاموا إعتصاما أمام المقر تمكنوا من خلاله من منع رئيس الوزراء المكلف من دخول مكتبة وإدارة العمل.
وإنتهت الأمور بأحداث مؤسفة تماثل سابقاتها ولكن مع خسارة فادحة لمصر ثمثلت في إحتراق مبنى (المجمع العلمي) الذي كان يحتوي على كنوز التراث الوثائقي لمصر, وأيضا إنتهت أو لم تنتهي الإحداث بعد ولكن أقام الجيش سياجا حجريا في شارع القصر العيني وشارع الشيخ ريحان بهدف منع المتظاهرين من الوصول إلى مبنى رئاسة الوزراء والمباني الحكومية المجاورة له.
والأحداث مستمرة والإعتقاد السائد بأنها لن تتوقف فكلما خفت حدتها عادت وإشتعلت مرة أخرى ولكن الهجوم القادم أين سيكون تحديدا؟
وهل سيبقى الحل الأمريكي الذي نُفذ في بغداد من قبل (المنطقة الخضراء) المحاطة بسياج حجري كبير, هو الحل الوحيد أمام السلطات الحاكمة في مصر الآن للحيلولة دون وصول المتظاهرين إلى مباني ومنشآت عصب الحكم في الدولة؟
هذا ما ستجيب عنه قادم الأيام في قاهرة المعز
التعليقات (0)