فضاء الكلمة
بقلم: خليل إبراهيم الفزيع
الملمعون.. الذين لا يستحون
موظفو العلاقات العامة في بعض الإدارات أو المؤسسات الحكومية وغير الحكومية تحولوا إلى ملمعين، ونحن لا نتحدث عن تلك الإدارات أو المؤسسات التي تتولى قيادتها شخصيات مشهود لها بالحرص على مصلحة الوطن والمواطن، ولكننا نتحدث عن بعض الإدارات والمؤسسات التي أصبح الشغل الشاغل لمسئول العلاقات العامة بها هو تلميع صورة الرجل الأول بها، وبشكل فج ومكشوف، يغلب عليه طابع الدعاية الجوفاء التي يكذبها الواقع، وكأن رجل العلاقات العامة إنما وظف لتلميع صورة ذلك المسئول، فإذا كح قيل إنه أصيب بوعكة صحية، وإذا مر بطريق يقام به أحد المشاريع قيل إنه تفقد المشروع الفلاني، وإذا زاره أحد المسئولين قيل إنه عقد اجتماعا هاما مع المسئول الفلاني، وإذا أغلق عليه باب مكتبه، قيل إنه لا يستطيع استقبال المراجعين لأنه في اجتماع هام، أما في حالة الرد على ما يكتب في الصحف من ملاحظات عن تقصير جهة عمله، فإن (الفورمة) جاهزة تتلخص في عبارة (لا صحة لما كتب) وتصدر في هذا تصريحات صحفية طويلة تدبجها أنامل الملمع، أقصد مسئول العلاقات العامة، الذي لا يتورع عن الإسهاب في الحديث المكرر المعاد عن مشاريع أكل عليها الزمان وشرب حتى أصيب بالتخمة، وفي كل ذلك ما فيه من الإضرار بالمصلحة العامة، والإساءة للإدارة أو المؤسسة عندما ينسب إلى مسئوليها من الصفات والمبادرات والجهود ما هو بعيد عنهم بعد الثرى عن الثريا، فالناس لهم عيون يرون بها، وعقول يفكرون بها، ووعي يعرفون به الخطأ والصواب، ولا يمكن مصادرة ذلك تحت أي ظروف أو لأية أسباب.
وإذا كان موظف العلاقات العامة قد فهم مهام وظيفته على هذا النحو المنحرف من المعرفة، فإن الأسوأ منه هم بعض الإعلاميين الذين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها في الحديث عن فلان وعلان من الناس، والدعاية له وتلميع صورته بشكل يسيء إليه من حيث أرادوا خدمته، وهذا الفهم لرسالة الصحافة إنما يجني على الحقيقة جناية لا تغتفر، ولا يمكن أن يقبلها المواطن الذي يشاهد بأم عينيه الحقيقة العارية التي لا تنفع معها أي جهود (تلميعية) مهما بلغت ضراوتها وحدتها المغايرة للحقيقة والواقع، وهذا المواطن لا يمكن المزايدة على وعيه وفهمه للمصلحة العامة، مهما حاول مسئول العلاقات العامة أن يجهد نفسه، ومهما حاول أي إعلامي أن ينقل غير الحقيقة المجردة، والمطلوب من رجل العلاقات العامة هو خدمة الإدارة أو المؤسسة التابع لها عن طريق توفير وسائل التوعية للمراجعين لضمان العلاقة الطبيعية بجمهور المراجعين، وإنهاء معاملاتهم بيسر، وإعطاء صورة واقعية وبلا (رتوش) عن إنجازات تلك الإدارة أو المؤسسة، كما أن المطلوب من رجل الإعلام أن يكون أمينا على مهنته، فلا يستغلها لمصلحة شخصية أو هدف ذاتي، لأن مصلحة الوطن والمواطن فوق أي اعتبار شخصي.
كم أتمنى أن يوضع توصيف ثابت لوظيفة مسئول العلاقات العامة، على أن يتقيد به الجميع، بدل هذه الفوضى المتمثلة في سوء فهم مهام مسئول العلاقات العامة, لعلنا بذلك نقلل من عدد الملمعين الذين لا يستحون.
التعليقات (0)