حداثة أم تحديث ؟!
مقولة "الملك ديالنا واعر" منسوبة لأحد الشباب المغاربة من الدار البيضاء، قالها وهو يرى صورة الملك محمد السادس بلباس عصري مع بداية تربعه على عرش أسلافه الميامين مع نهاية الألفية الثانية. هذه المقولة التقطها الباحث محمد الطوزي وأقحمها في مطلع كتابه المعنون بـ "الملكية والإسلام السياسي"، وهو كتاب يعتبر مرجعا لدى الباحثين والخبراء والمخبرين قبل ترجمته للعربية من قبل أستاذين يدرسان بكلية ظهر المهراز بفاس.
وكلمة "واعر" التي قالها هذا الشاب البيضاوي إنما مأتاها الإعجاب بالملك الشاب من خلال الهندام الذي يحبه الشباب المغربي . فلم يكن سبب المقولة موقفا سياسيا محددا، أو من موقع الحكم على تجربة معينة، أو من منطلق قناعة سياسية أو رؤية إيديولوجية، أو حزبية ناقمة أو..أو..الخ.
مقولة" الملك ديالنا واعر" قالها شاب يحب أن يحيى الحداثة كما يراها متجسدة في ملك البلاد من خلال هندامه، وربما شعار" المشروع الحداثي الديمقراطي" الذي رفعته الدولة حينذاك، وهو منسوب للمفكر عبد الله العروي تبنته الدولة دون الإحالة الى صاحبه كما ألمع الى ذلك الباحث السوسيولوجي نورالدين الزاهي.
إن شعار" المشروع الديمقراطي الحداثي" المذكورعشنا بعض تفاصيله مع العشرية التي نوشك أن نودعها، بصرف النظر عما صاحب هذا الشعار من جدال قوي بين آل الصحافة غير الحزبية، بتعبير خالد الجامعي، وبين المرتدين عن النهج الثوري واليساري بزعامة الشيخ عبد الرحمان اليوسفي.
ما علينا، الأهم هو أننا حين نسمع بمشروع معين، فلا بد أن نسأل عما تم إنجازه في الفترة الزمنية المحددة له، وما لم ينجز منه، ونبحث عن الإكراهات التي حالت دون إنجاز هذا المشروع. هذا إن كان هناك شك يساورنا عبرتقليب الرأي وإيجاد الحلول للأعطاب التي يعانيها المجتمع. لأنه كيفما كان المشروع الذي ترفعه الدولة وتود أن تقحم فيه المجتمع، بالنهاية يغدو مشروعا مجتمعيا يشارك فيه الجميع، وعلى جميع المستويات والقطاعات. وكل من جهته، سواء كان رجل سلطة أو رجل تعليم أو صحافة أو مستثمر اقتصادي، أو عالم دين من على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة.
هذا ما يجب أن يفعل حقا وصدقا.
وهذا ما تروجه، حقا وصدقا، وسائل الإعلام الرسمية بالمغرب.
تجديد أم تبديد ؟!
صديقي العزيز شاب مغربي، مثقف ومتدين. عاش فترة من حياته في الجامعة يدافع عن شعار التجديد: التجديد في العمل النقابي، والتجديد في العمل الثقافي، والدفاع عن المشروع الحضاري الإسلامي كما تحدث عنه مجموعة من المفكرين المستقلين، وتجديد الفكر الإسلامي كما دافع عنه المفكر حسن الترابي سيما أن صاحبنا وحركته كانوا منبهرين بتجربة السودان قبل أن يولوا وجوههم صوب تركيا، والدفاع عن المشاركة السياسية وشعارهم هو مقولة العالم الهندي أبو الحسن الندوي رحمه الله حين يقول" يجب أن نعمل أن يصل الإيمان الى الكراسي وليس أن يصل أهل الإيمان الى الكراسي" ، غير أن صديقي العزيز وجد أن من كان يصنفهم بأهل الإيمان هم من وصلوا الى الكراسي وشغلوها بجدال أبعد ما يكون عن صاحبي وغيره من المتعاطفين من أبناء هذا الشعب.
صديقي العزيز دائما يذكرني أن إشكالية الحكم في التاريخ الإسلامي يجب أن تبدأ من السقيفة ومن التاريخ ونطرح الأسئلة العميقة...، كنت أقول له ضاحكا: وهناك من يرى أن نترك المؤنث"السقيفة" والماضي والتاريخ، ونبدأ من المذكر"السقف" ومن الحاضر ونعوم في بحر الحداثة كما يروج لها. ونترك السقيفة وأسئلتها العقيمة !!
صديقي ذكي، دائما يأتيك بالجديد. أسئلة تستفز عقلك،. وصريح الى أبعد الحدود في التصريح بما يؤمن به أمام الجميع ولا يخشى لومة لائم، حتى أنه تعرض للتهميش بعدما اتهموه بالتشيع من قبل الحزب والحركة، وقاد ضده البعض حربا شعواء من أجل اقتلاع المحبة من قلوب المتعاطفين والمتعاطفات، ولكنهم فشلوا فشلا ذريعا، لأنه رجل مؤمن يحافظ على صلاته في المسجد ويقرأ القرآن يوميا.. وعلاقته المنفتحة على جميع التيارات والحساسيات في المدينة، جعلت الحرب ترتد حسيرا على أصحابها السياسويين والجهلاء !!
في آخر لقاء معه بعد نهاية صلاة الجمعة سلم علي وعانقني عناقا حارا، لأننا أصدقاء وإخوة في الله و الوطن.. وأخبرني بأنه سيشارك في الانتخابات وسيصوت على أقرب إنسان لقلبه... وبما أني مريض أحس بقشعريرة باردة تعبرني وصداع في الرأس والحنجرة، و"بوغطاط" الذي كاد يقتلني في الليل لولا عناية الله، تركت له الوقت الكافي لكي يفصل لي في آخر ما توصل له من قناعة. ولما أحس بأني مريض لا أقوى على الحوار، وليست لي شهية في "البنية التحتية" بتعبير الأخ ماركس، ولا عمل لي في المساء، ولا ارتباط لي مع أحد، وجدها" العفريت" فرصة للاسترسال في الكلام.دون أن أقاطعه أو أشوش على فكرته، فقال صديقي العزيز:
اسمع يا صديقي.. أنا سأصوت، وسأشارك في العملية الانتخابية، أنا لا أثق في أحد مما يسمى بالنخبة السياسية، كلهم منافقون وكلهم كذبة،وكلهم بعيدون عن هموم الشعب المغربي، ويتوفرون على "الباسبور الأحمر" بما فيهم الإسلاميون، شف يا أخي،أنا مع الاستقرار الذي يقوده الملك محمد السادس، مشروع متكامل يساهم في استقرار البلد. وأنه أحسن من أي نخبة يمكن أن تحكم المغرب، تصور أن الملك لو يعطي صلاحيات للوزير الأول، فأي اختلاف ينشب مع اشتراكي يمكن لإسلامي أن يقود عصيان مدني ويوقف البلد كله، والعكس صحيح، لأننا لا نتوفر على نخبة سياسية مواطنة، نحن يا صديقي عندنا عصابات.. لاحظ معي خطاب الأمازغيين المتطرفين الذين يودون طرد العرب من المغرب، وأقول هذا وأنا أمازيغي وأعرف ما أقول، ولاحظ اليساريين حين منعوا القرآن الكريم من معرض الكتاب قبل بضع سنوات، هل هذه نخبة؟؟ وانظر أيضا الى السلفيين واقرأ خطاباتهم، تصور أنهم ضد ثقافة المغرب عبر قرون من التاريخ، سيهدمون كل الزوايا ويقتلون المريدين والشيوخ، ممكن أن تعود لكتبهم.
وانظر الى الصحراوي كم هو متعجرف يريد أن يفرح ويسعد وحده دون بقية المغاربة...، أنت دائما تتحدث لي عن الوعي والنخبة، أنا عشت في الحركة الطلابية كما عشتها أنت، وربما لاحظت كيف أن اليساريين كانوا يقاطعون من يبدأ كلامه بالبسملة، ومزقوا قماش مواطنات مغربيات لأنهن رجعيات برأيهم، ولما آل التحكم الى الإسلاميين كانوا يعاقبون اليساري لأتفه الأسباب، ولما ظهر الأمازيغيون في الجامعة قتلوا اليساريين وذبحوهم كالخرفان، أما الطلبة الصحراويون فيريدون تحسين وضعيتهم هم فقط لأنهم "سوبرمان مغربي" أما أن يدافعوا عن حق الطالب المغربي، فهذا أمر مستبعد لا تؤمن به ثقافة الخيمة والبعير.
شف..شووووووف.. أنا مع مشروع الملك، ومع الورشات الإصلاحية التي دعا إليها الملك، مع الإصلاح الديني والحفاظ على الوحدة المذهبية للمغاربة، ومع التنمية البشرية، ومع أن تبقى الثروة الملكية بيد الملك، تصور معي أن "أونا" هي مؤسسة ملكية ساهمت في التقليل من الأزمة المالية التي أصابت العالم، تصور أنت لو كانت 80% من المستثمرين الأجانب هم من يملكون الثروات في المغرب لذهبوا بأموالهم وتركونا نعاني، حتى "كاطو" ديال 50 فرنك لن تجده في السوق لتسعد به طفلا صغيرا!!
.....................
.....................
والله يا أخي حسن أني "مسخسخ" مدكدك" و "عيــــــــااان....مريــض!!
أخليك في رحمة الله...ولنا لقاء إن بقي في العمر بقية...
وللقراء الكرام واســـــــــــــــع النظر !
التعليقات (0)