الملف الأزرق
تعرف العلاقة بين الجمعيات الوطنية المهتمة بالطفولة والشباب و مصالح الشباب والطفولة والتخييم بوزارة الشباب والرياضة خلال الآونة الأخيرة نوعا من التشنج ، خصوصا بعدما وقفت هذه الجمعيات المجتمعة في إطار الهيئة الوطنية للتخييم على أوجه الارتباك الحاصل في تدبير العلاقة وصيغ التعاون والمساعدة مع الجمعيات الوطنية العضو بالهيئة التي تؤطر شريحة واسعة من الطفولة والشباب، على قاعدة شبكة فروعها وترسانتها البشرية وتنوع برامجها وتدخلاتها.
ويظهر هذا الارتباك وهذا التشنج واضحا من خلال المواقف الحازمة التي اتخذتها الهيئة الوطنية للتخييم ،المحدثة بقرار وزاري رقم 098 سنة 2005 ، حيث " قررت بالإجماع في اجتماع لها خلال 16 يناير المنصرم تعليق اجتماعاتها وأنشطتها مع الوزارة ، والتوقف الفوري عن ملء المطبوعات الواردة على الجمعيات، إلى حين عقد جلسة عمل مع وزير الشباب و الرياضة ، لإيضاح المواقف والاتفاق على منهجية عمل واضحة المعالم ،وملبية للمطالب والمكاسب ".
وقد صدر هذا الموقف الذي عبرت عنه الهيئة في رسالة إلى منصف بلخياط وزير الشباب و الرياضة ، بعدما تدارست الهيئة في شأن العديد من الإجراءات التي تقوم بها بعض مصالح الوزارة من جملتها التشبث المستميت بالملف الأزرق الذي يتم توزيعه على فروع الجمعيات وتتلقاه مباشرة دون المرور على الأجهزة المركزية المقررة ، وهو أسلوب ترى فيه الجمعيات الوطنية المنتمية إلى الهيئة توجها نحو البلقنة ، وتفريخ الفروع على حساب الجودة والفعالية إذ كان ممكنا الاكتفاء بوصول الإيداع التي تعترف بوجود الفرع وصلاحيته.
ومما يثير حنق الفاعلين في الجمعيات الوطنية اعتماد مصالح الشباب و الطفولة والتخييم بالوزارة على هذا الملف خصوصا في عمليات دعم الجمعيات وتوزيع مقاعد المخيمات و التداريب ، وهو معيار غالبا ما يجحف مجموعة من الجمعيات حقها ، حيث أثبتت التجارب في السنوات الماضية أن ملفات عدة فروع تضيع في الطريق بين مؤسسات دور الشباب و المندوبيات و الإدارة المركزية لوزارة الشباب و الرياضة مما يحول دون إحصاء دقيق لعدد الفروع التي تتوفر عليها كل جمعية ولمستوى نشاطها وتطبيقها للأهداف المؤسسة لها .
وقد حاولت فعاليات جمعوية مختلفة إثارة الانتباه إلى هذا الارتباك غير المعياري، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل، وهو الأمر الذي جعل الهيئة الوطنية للتخييم تنتدب لجنة للاجتماع بمدير الشباب للوقوف على المعيقات المؤطرة لعملية الحصول على المنحة بالاعتماد على الملف الأزرق المرفوض من قبل الجمعيات ، وقد وقع الاتفاق على الخروج بمعايير جديدة تعتمد على الفعل والإنتاجية والفروع واحدة منها .
غير أن هذا المجهود هو الآخر تعرض للإجهاض مباشرة بعد توصل الجمعيات برسالة صحبة الملف الأزرق كأساس لإعطاء المنحة ، وحدد آخر أجل لذلك يوم 11 يناير الماضي ، كما توصلت برسالة أخرى تطالب الجمعيات بتحديد برامج عملها وتدخلاتها بمؤسسات دور الشباب ومراكز الاستقبال والأندية النسوية ومراكز الاصطياف ، لتكون أساسا لتوقيع شراكة بين الوزارة والجمعيات ، وتأمين الحاجيات المادية واللوجستيكية آخر أجلها شهر يناير الجاري .
ويبدو من خلال هذه الإجراءات و الرسائل التي تتوصل بها الجمعيات أن هناك تداخلا في اختصاصات مديريات ومصالح الوزارة ، حيث تعتمد الواحدة منها على التواجد بدور الشباب عبر ملء الملف الأزرق فيما تعتمد الأخرى على معيار مستوى التدخل فيها وفي باقي مؤسسات وزارة الشباب و الرياضة، وهو الارتباك الذي يمكن أن يزيد من تباعد وجهات النظر بين الوزارة والجمعيات الوطنية الفاعلة في أمر تدبير قطاع الشباب و الطفولة.
إن الدينامية التي باتت تعرفها وزارة الشباب و الرياضة على مستويات متعددة وكذا البرامج التي تعتمدها من أجل استثمار الوقت الحر للشباب والطفولة بما يعود عليهم بالنفع ومساعدتهم على بلورة شخصيتهم وتمكينهم من الوسائل الكفيلة بتنمية مؤهلاتهم ومنحهم فرصة التعبير عن أفكارهم وتشجيعهم على المشاركة في الأعمال الاجتماعية و الاقتصادية لتنمية روح التضامن لديهم ، يستوجب في آن الوقت العمل على تطوير وسائل وآليات الوزارة الإدارية في التعامل مع الجمعيات الوطنية واعتماد معايير التواجد والنشاط المستمر لاسيما وأن معطى التعامل عن طريق الملف الأزرق لا يحدد مستوى توهج نشاط الجمعيات وبالتالي فإنه يجحف حق مجموعة منها في الحصول على منح وحصص مقاعد التخييم والتداريب.
عادل تشيكيطو
tchikitou@yahoo.fr
التعليقات (0)