- ألو
- مساء الخير ،من معي ؟ا
- نادية
- ما جديدك ؟ا
- سأتزوج
- بمن ؟ا
- لا يهم ، لقد اخترته ،ليس لي حل آخر ، سأتحمل تبعة اختياري ، لا تخف . انتهت المكالمة ،حتى حدود هذا الخبر المفاجئ ، بالنسبة لي ، على الأقل ،نادية حين تتصل بي ، هاتفيا ، تمتد مكالمتها ، إلى حدود الساعة من الزمن ، أما هذه المرة ، وهي الوحيدة ،فقد كانت مقلة ، في كلامها ، لسبب لا اعرفه ..كانت تتصل بي في الجريدة ..والمنزل ..في كل
الأوقات ..تحكي ، عن نفسها ، عن عائلتها ...عن واقعها ...الشيء الكثير ..." أحس بالملل القاتل ..فأنا لا أكاد أبرح مكاني ...إنه المنزل فضائي الوحيد ...العالم الخارجي بالنسبة لي نقطة سوداء ...اختصر في هذا الهاتف وهذا المذياع ..من خلالهما ...أرى إلى العالم ..وإلى ما يحدث في الشارع ...هذا المذياع ، من خلاله ،تعرفت على رقم هاتفك ...فأنا مدمنة على الاستماع إلى برنامج " مباشرة مع السيدة زينب " ..أنا جد معجبة ..بالمواضيع الاجتماعية التي تتطرق إليها ..العادة السرية ...الحوار في الأسرة ...أطفال الشوارع ..أبناء الطلاق ...الحب ...وغيرها من
المواضيع ، ذات الارتباط بواقع الشباب ..كانت لا تتوقف عن الكلام ...كأنها وجدت صدى ذاتها ...فتنتهز الفرصة لتقول أي شيء وكل شيء ...دون ترتيب أو تنسيق ...فاتورة الهاتف ..شهريا تفضح ..درجة استخدامي لهذه الآلة السحرية ...العجيبة ...أبي يحاول جاهدا ، أن يرضيني ...ويشعرني بالسعادة ..أما والدتي ..فهي تعاملني بقساوة ..تتحدث عن الرجال ...كانها تتحدث عن الجحيم ...لا تفتأ تضربني ...تعاملني
بقساوة ...إنني أريد الانتحار ..لا أعرف سر معاملة والدتي لي ، بهذا الشكل ..لكنني أخاف عذاب ربي ..أفكر في الزواج ..كحل للخروج من هدا الأسر العائلي ...لأنني سجينة ..وإن كان عمري 19 سنة ، فإنني أحسني عجوز ..لا أمل ..ولا طموح يشدني إليه ..ليس لي أصدقاء ..أو حتى صديقات كل عالمي هو هذه الإذاعة وهذا الهاتف ..وأنت .
وأنا ..في اليوم الواحد ، أتوصل بالعديد من الرسائل والمكالمات الهاتفية ..،هي بالنسبة لي ، الآخر ..فلا علاقة لي مباشرة ، مع أغلبهن ...كانت مصرة أن نلتقي وكنت دائما ، أجد الأعذار ..حتى تبقى علاقتنا في حدود المكالمات الهاتفية .." أنت إنسان غريب " تقول " للمرة الأولى في حياتي ، أجد أحدهم ، يتكلم ، بلغة كلغتك ...أنت شاعر " أجبتها " أنني لست بشاعر ...وأن لا علاقة لي بالشعراء .." صحيح ، أنني أحب القراءة والكتابة ..لكنني أشتغل في مهنة المتاعب (..)..
في حضور أحدهم إلى المنزل ، وأن كنت أتحدث إليك ..بكل طلاقة ..فلأنني بعيدة عنك ...استمع ، هل يبلغك صوت الموسيقى ؟ إنه فن الراي ..إنها أحب الأنواع الموسيقية إلى قلبي ...خاصة منها الشاب " خالد" والشاب " مامي " ..اسمح لي إن كانت أفكاري مبعثرة ..، لأني لا أجد أحدا أكلمه ، حتى أنني أجد صعوبة في النطق ..وفي اختياري للكلمات ..فالفضاء الخارجي ،بالنسبة لي ، عالم أجل عنه الشيء الكثير ..ما الغيرة؟ا
ما الجنس ؟ا ما الكراهية ؟ا ما الحب ؟ا مشاعر إنسانية ..أسمع عنها ،فقط ، ولا أعرف عنها شيئا ...نادية ، صوت ، أختنق ، في المهد ...صرخة جريحة ضد هذا المجتمع ..الذي مازال ينظر ..إلى الفتاة ..نظرة قاصرة ..مازالت تعشعش في ذاكرة المتجمع ..نادية ، اختفت عني أخبارها ...لا أعرف عنها شيئا ؟ا هل انتحرت ؟ا هل تزوجت ؟ا لست أدري ..لكن الذي أعرفه أنها حكاية ضمن الحكايات التي مازالت راسخة في عمق ذاكرتي ...
كلما تذكرتها أحس برغبة شديدة في البكاء ...على مصير شباب لم يجد الفضاء الملائم حيث تتنفس ،ولم يجد المحيط الأسري ..حيث يجد راحته النفسية ..بعيدا عن قلق السؤال ..سؤال الكينونة والوجود ..وحدها أوراق من حياتي ..تذكرني بهذه الحكاية ، وبهذا الجرح النازف ، على امتداد ذاكرتنا ونفوسنا ...ما لم نتدارك زحف الأفكار التقليدية والمتخلفة على الانتشار والتوغل في أعماق لا شعورنا المكبل بالأمية والجهل والتخلف .
أوراق من حياتي
" لا أريد أن أموت "
التعليقات (0)