مواضيع اليوم

المقهى بين الأمس واليوم

ayoub rafik

2009-07-30 15:20:48

0

 

المتأمل اليوم في حياة الناس سيلاحظ بأن مجموعة من النظم في نمط العيش الأسري قد تغيرت بالمقارنة مع العقود الماضية. فيحكى أنه في أحد الدواوير جنوب المغرب كان الناس يجتمعون كل مساء حول جهاز الراديو ويتساءلون فيما بينهم حول مصدر كل تلك الأصوات المنبعثة من ذلك الجهاز الصغير، أما اليوم فقد أًجزم بأن حياة المواطن أصبحت كلها إليكترونية.
أما حديثنا اليوم فسيكون حول المقاهي التي لم تسلم بدورها من موجة التغيير، تلك الأماكن التي كانت ملتقى المبدعين والمفكرين والشعراء يعرضون فيها آخر الإنتاجات الفكرية والأدبية، وكثير منهم كتب صفحات من رواياته على طاولات المقاهي. كما كان ملتقى المناضلين وطلبة الجامعات يخططون فيها لمعاركهم ومسيراتهم الاجتماعية ضد التهميش في غياب أماكن الاجتماعات المرخص لها.
أما اليوم وبعد أن التحق " المناضلون " بمقراتهم الواسعة أمام أجهزة الكمبيوتر، وبعد أن تراجع الحس النضالي في الساحات الجامعية، تركت المقاهي لمن لا إمكانية له في التقاط قناة الجزيرة الرياضية لتتبع منافسات " الِليكا " الإسبانية وسط صخب من التصفيقات بين مشجعي " البارصا" و" الريال " ورائحة التدخين التي تخنق الأنفاس. وحتى المشروبات التي كانت تقدم تم تعويضها بالشيشة التي أصبحت تروي عطش شاربي دخاخينها من تلاميذ الثانويات الذين أرهقهم ثقل المقرر الدراسي فتراهم يتباهون بالحيوية والنشاط فرحا بالوافد الجديد.
والأسماء كذلك استبدلت بأخرى، فقديما كنا نسمع عن المقاهي الأدبية والشعرية حتى أن بعضها كان معروفا وسط سكان المدن بسبب كثرة روادها، أما اليوم فهناك مثلا مقاهي الانترنيت ويا ليتها كانت كذلك من أجل البحث والإبحار في عالم المعرفة. فغالبية روادها من التلاميذ والطلبة الذين يقضون الساعات الطوال في الماسنجر " إم.إس.إن زعما " داخل حجرات مسيجة بألواح من الخشب حتى لا يشاهدهم سوى مخاطبهم من الخليج أو أمريكا أو بوقنادل... حتى نفاجئ في الصحافة بأخبار تفيد بأن صورا مخلة لفتيات من الثانوية الفلانية نشرت في الموقع الفلاني ومن له حب الإطلاع فما له إلا أن ينقر على العنوان التالي... فأي إبداع ينتظر من هؤلاء الشباب وأي أدب ينتج داخل هذه " القهاوي "؟.نوع آخر من المقاهي أو بالأحرى الحانات زبناءها مميزون وخدماتهم مميزة أيضا، تراها " مسَتفة " على " لاكورنيش " أو " لافيل "، وما يثير انتباهك للوهلة الأولى هم حراسها بلباس أسود والمدربون على شتى أنواع فنون الحرب، مما يدل على أن الإبداع الوحيد الذي يُصَدر إلى الخارج هو العراك بالكراسي و" القراعي " وأناس فاقدي الوعي. فسبحا
ن مبدل الأحوال من الأمس إلى اليوم.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات