ماهر حسين .
حصلت العديد من التغيرات في المنطقة وقد أدى هذا إلى تراجع في متابعة وتحليل الموقف السياسي الفلسطيني وبنفس الوقت غطت بعض الأحداث الحاصلة في فلسطين على الواقع السياسي الفلسطيني فعملية ايتمار وقتل الأطفال وما شكله من صدمة لنا ومن ثم مبادرة الأخ الرئيس أبو مازن لحل وتجاوز الانقسام وزيارة غزة وما تلاها من تراجع لحماس ومن ثم التصعيد على جبهة غزة والاغتيالات الحاصلة بحق المتضامنين في جنين وغزة كلها إحداث تستحق المتابعة وتستحق التركيز عليها وخاصة بظل الشعور العام الفلسطيني بالغضب من الانقسام وتعثر عملية السلام والأحداث الحاصلة .
في ظل كل ما سبق رأينا وعشنا تقدما" داخليا" في بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية وبشكل خاص في الضفة الغربية وشهدنا التفاعل الدولي مع قضية إقامة دولتنا الفلسطينية وتصاعد الاعتراف المبكر بهـــا وتم التعبير عن تطورنا وتطور مؤسساتنا بشهادة العديد من الدول والمؤسسات الدولية وأخيرا عبر الأمم المتحدة التي أكدت على جاهزية المؤسسات الفلسطينية لقيام الدولة الفلسطينية.
كل ما سبق بمثابة مقدمة هامة لاستحقاق سبتمبر القادم ووعد الرئيس الأمريكي برؤية الدولة الفلسطينية في هذا العام وقد أصبح هذا الوعد الموقف بمثابة موعد للقادم بالمنطقة فالموقف الدولي بظل التعنت الإسرائيلي لن يبقى الصمت بل ستتعزز عزلة إسرائيل و جاهزية المؤسسات الوطنية الفلسطينية للدولة ستفرض نفسها على الأرض والتحسن الاقتصادي الوطني سيكون بمثابة الضمانة لقدرتنا على التعامل مع القــادم فكل ما سبق بمثابة المقدمات للخطوة القادمة لقيادتنا السياسية برئاسة الأخ الرئيس أبو مازن الذي يحاول الوصول لهذا الاستحقاق بأقوى جبهة داخلية فلسطينية عبر محاولته تجاوز الانقسام .
يعتقد البعض أن التعنت الإسرائيلي والانحياز المستمر حتى الآن للإدارة الأمريكية قد يمنحنا الفرصة للخوض بخيارات أخرى للتعامل مع الواقع فالبعض يعتقد بالانتفاضة الثالثة والبعض الأخر ينتظر الزحف المقدس لفلسطين وهناك من يعتقد بان قتل الأطفال وإطلاق الصواريخ وسيلة لتحقيق أهدافنا وهذا قد تم تجريبه وها هم أصحابه يتراجعوا عنه وبالمقابل تعتقد إسرائيل بان المشكلة دبلوماسية تتعلق بشكل إسرائيل بالخارج وعزلتها وهذا غير صحيح بالمطلق لان الصراع الآن واضح ولا بد لإسرائيل أن ترضخ للسلام ولإرادة السلام في المنطقة لأن البديل هو التطرف والعنف والدمـــار للجميع .
بالنسبة لنا وكمـــا أرى وبظل كافة ما تناولناه من نقاط هامه بالتأثير على الموقف الفلسطيني وكما أوضحت بالعنوان فإننا يجب أن نصر على أسلوب عملنا المرتكز إلى القناعة التامة بان أي مقاومه يجب أن تكون سلمية وان تعتمد على قدرتنا على حشد المواطنين بسلمية وجعل العالم كله يرى موقفنا بوضوح مما سيؤدي إلى تصاعد التأييد الشعبي الدولي لنا وللقضايا التي ندافع عنها ومن هنا فإن سلمية المقاومة وشعبيتها سيكون سلاح لصالح القضايا اليومية التي ندافع عنها والتي تتعلق بحياة المواطن وبل إنها تشكل نقطة قوة لنا لتحقيق أهدافنا السياسية بينما اختيار أي أسلوب أخر للتعامل مع الاحتلال بالقوة سيكون خيار لتهرب إسرائيل من الضغوط الدولية وهذا الخيار والذي يعتبره البعض خيار وحيد سقط بغزة منذ استلام حماس لها بالقوة فمواجهة الاحتلال بالقوة سيكون له رد فعل واضح من الاحتلال وهو رد الفعل المفضل لديهم بالقوة والتدمير والتخريب مما يعرض المؤسسات التي أنجزها شعبنا ويراهن عليها لإقامة الدولة للتدمير والتخريب ويعرض حياة مواطنينا وصمودهم على الأرض للخطر وهو ما سيكون لصالح الاستيطان .
المقاومة السلمية ليس بها ما يعيب لأنها تجنبنا رغبة الاحتلال بتصعيد الموقف والهروب من الضغوط التي تتزايد عليه بفعل رفضه لعملية التسوية والسلام هذا السلام الذي لن يتحقق إلا بإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس لتعيش بسلام مع الجميع .
ليس هناك ما يعيب بنهج السلام والمقاومة السلمية بل ما زلت على قناعه بأنه الأسلوب الأفضل لتحصيل ما اجمع عليه العالم من حقوق لنا وما كفلته لنا الشرعية الدولية وهذا هو الوقت المناسب للضغط الدولي والعربي وللتماسك الفلسطيني لتحقيق الدولة الفلسطينية التي يجب أن تقوم لتصبح الحل والأساس لاستقرار المنطقة وإنهاء بؤرة الصراع بالشرق الأوسط وكما أن دولتنا ستكون المدخل لنمو المنطقة وتطور دولها ديمقراطيا" واقتصاديا.
إن المقامة السلمية والسلام كحل سياسي لا يرضى أصحاب الأصوات المرتفعة والتي تعتقد بأنها قادرة على حشد الجمهور بالصوت المرتفع ولكن بنفس الوقت إن الأصوات المرتفعة(ظاهره صوتية فقط) أصبحت تتساقط بفعل عدم قدرتها على تقديم شيء حقيقي لشعوبها أو لقضية فلسطين .
إن التمسك بالنهج الحالي من دعم للمقاومة السلمية ومن عمل دائم من اجل الحل السياسي عبر التسوية وبدعم ورعاية الرباعية الدولية والشرعية الدولية كفيل بتحقيق مزيد من المكاسب لنا فداخليا" نحن نقيم مؤسسات حقيقية على الأرض وهذه المؤسسات تصلح لقيادة الدولة الفلسطينية وبشهادة العالم الآن وسياسيا" نحن نحقق مكاسب دبلوماسية وموقفنا الواضح يحظى بدعم الرباعية ويحرج أمريكا ويجبرها على تعديل مواقفها ويسبب العزلة لإسرائيل.
بإصرارنا على المقاومة السلمية نحمي صمود شعبنا ونجنب شعبنا المغامرات ونبقى صامدين على أرضنا وبإصرارنا على العمل السياسي نحمي انجازاتنا على الأرض ونحمي حقوق شعبنا من خلال تصاعد التأييد والدعم الدولي لنا مما سيشكل حتما" لحظة الحقيقة لحل الصراع بإقامة دولتنا الفلسطينية التي أصبح لها مؤيدين وحتى في المجتمع الإسرائيلي الذي يشعر بالمأزق .
لا يهمنا الكلمات ولا يهمنا الخطابات ولا يهمنا القنوات الفضائية ما يهمنا هو مصلحة شعبنا وتعزيز صمودنا لتحقيق أهدافنا وهذا واجب القيادة وبحق فان مواقف الأخ الرئيس أبو مازن واضحة ومحدده فيما ما سبق فهو يشير إلى عدة خيارات للتعامل مع استحقاق سبتمبر ولكنه يؤكد ويقول بأنه لا عنف...لا سلاح ... لان العنف لا يحقق شيء لنا وهذا الموقف تعبير عن حرص الأخ الرئيس أبو مازن على شعبنا وعلى منجزات شعبنا وهو تعبير بالغ عن وعي للواقع العربي والدولي وحقيقة الصراع السياسي القائم .
الحقوق تسترد بالأفعال ومن هنا فإننا نقول بالمقاومة السلمية والحقوق تسترد بالإصرار على التعامل مع نقاط قوتنا كطرف ونقاط ضعف الطرف الأخر فلا يعقل أن نواجه الاحتلال بما يمتلكه من قوة تجعله يتفوق علينا بسهوله ومن هنا فان علينا أن نؤمن بتحركنا السياسي هذا التحرك الذي كان يعتبره البعض خيانة وها هو يسير على طريقه واقعيا" كما يحدث بغزة .
قد يرد البعض بموضوع المقاومة بلبنان ويشير إلى بعض الانجازات وهذا حقيقي لو أخذناه في إطاره البعيد عن المبالغة فالاحتلال يرغب بالرحيل من لبنان ويرغب بوجود قوات دولية بينه وبين لبنان لتعزيز أمن إسرائيل ويرغب بتحييد المقاومة هناك وهذا ما تم تماما" الآن.
وهناك تداخلات تتعلق بمقاومة لبنان إذا تعاطينا معها بإطارها الإقليمي والمذهبي .
لا يعيبنا مقاومتنا السلمية ولا موقفنا السياسي فلا بد للحل السياسي كوسيلة لإنهاء أي صراع وهذا هو طريق تحقيق الممكن والمتفق عليه دوليا" أما أصحاب نظريات المقاومة فلهم (الدولة المؤقتة ) و(الهدنة ).
التعليقات (0)