يعتبر ٢-١١- ١٩١٧ تاريخ انتقالي ومصيري في تاريخ الشعب الفلسطيني حيث اصدر وعد بلفور الذي بموجبه تم اعطاء اليهود حق لاقامة كيان في فلسطين ، بالاضافة لذلك كان هذا التاريخ بداية المقاومة الشعبية في فلسطين حيث قابل اهل فلسطين وعد بلفور بالمظاهرات وغيرها حتى جاء عام ١٩٣٦ الذي اشتهر بالاضراب الكبير الذي دام اكثر من ستة اشهر هذه كلها امثلة على المقاومة الشعبية .
في عام ١٩٤٨ وعند اعلان قيام دولة اسرائيل تحولت طريقة المقاومة بشكل كلي وانطلقت ثقافة الكفاح المسلح مرورا بنضال عبد القادر الحسيني في معركة القسطل الى عملية عيلبون التي تعتبر اولى عمليات حركة فتح في عام ١٩٦٥، الا ان ثقافة المقاومة الشعبية عادت في عام ١٩٧٨ عند اندلاع الانتفاضة الاولى التي جسدت مفهوم المقاومة الشعبية وذلك من خلال الاضرابات ومقاطعة البضائع الاسرائيلية وغيرها و بهذه الانتفاضة حقق الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية تاييدا دوليا ودعما عالميا لم يسبق له مثيل .
استمرت الانتفاضة الاولى الى عام ١٩٩٣ الذي يعتبر عام تحول في القضية الفلسطينية بحيث تم الاعلان عن توقيع اتفاق اوسلو او ما يسمى اتفاق اعلان المبادئ الاعلان ان السلام هو الخيار الاستراتيجي للشعب الفلسطيني الذي كان في حينها ينتظر عودة قيادة منظمة التحرير الى ارض الوطن لكي تبدآ مرحلة بناء الدولة .
في عام ٢٠٠٠ اندلعت انتفاضة الاقصى التي اختلفت بشكل كلي عن الانتفاضة الاولى بحيث طغت المقاومة المسلحة والعمليات داخل اسرائيل على هذه الانتفاضة والسبب الرئيسي في التحول هو السياسة الاسرائيلية ، ولعل مكاسب الانتفاضة الثانية كانت اقل بكثير من الاولى وذلك لان اسرائيل عملت وبواسطة الاعلام تشويه صورة الشعب الفلسطيني دوليا من خلال استغلال العمليات التي كانت تحدث داخل اسرائيل وخصوصا تلك التي كانت تحصل في المطاعم ووسائل النقل العام .
في الفترة الاخيرة وخصوصا منذ عام ٢٠٠٦ هنالك عودة في الشارع الفلسطيني الى ثقافة المقاومة الشعبية وتتجلى في المظاهرات الاسبوعية ضد جدار الفصل العنصري مثل نعلين وبلعين والنبي صالح او ضد هدم البيوت مثل الشيخ جراح وسلوان وغيرها ولكن لماذا المقاومة الشعبية ؟
ان مفهوم المقاومة الشعبية الغير مسلحة هي احد اساليب النضال التي يستطيع كل فئات الشعب الفلسطيني المشاركة فيها سواء كان في الداخل او في مخيمات اللجوء في الخارج بحيث ان العامل والطفل والمرآة يستطيعون ان يكونوا جزءا من مشروع المقاومة الشعبية .
ان للمقاومة الشعبية العديد من الطرق سواء كان ذلك سياسيا وذلك باحراج اسرائيل وسياستها دوليا من خلال التوجه الى جميع المحافل والمنظمات الدولية مثل الامم المتحدة وغيرها ،او ثقافيا وذلك بحشد الطاقات الفلسطينية والدولية المساندة للشعب الفلسطيني وتوعيتها بخطورة المخططات الاسرائيلية سياسة التطعير العرقي وغيرها كل هذه الامور تقع تحت مفهوم المقاومة الشعبية .
ان التحول الاستراتيحي في عمل السلطة الوطنية الفلسطينية الذي يتركز في بناء الدولة الفلسطينية المستقبلية سواء كان ذلك بالمشاريع التنموية والازدهار بالاقتصاد الفلسطيني عن طريق بناء مدن صناعية ومقاطعة بضائع المستوطنات وغيرها من السبل التي تهدف الى انشاء مجتمع فلسطيني جاهز لتقبل فكرة الدولة المستقبلية دفع العديد من فصائل منظمة التحرير ومنها مثل حركة فتح وحزب الشعب والمبادرة الوطنية وغيرهم الى التركيز على مبدآ المقاومة الشعبية في هذه المرحلة لكسب اكبر تاييد عالمي في ظل وجود حكومة اسرائيلية يمينية متطرفة تضرب عرض الحائط في سياساتها العنصرية التي تتمثل في سلب الاراضي والبناء الاستيطاني وغيرها .
لقد ادى مفهموم المقاومة الشعبية الى اعادة القيادات الفلسطينية الى الشارع الفلسطيني وذلك من خلال مشاركاتهم الاسبوعية في المظاهرات التي تنظم ضد جدار الفصل العنصري وغيرها بحيث شهدت اخرها اعتقال القيادي في حركة فتح عباس زكي .
ولكن على الرغم من ان المقاومة الشعبية حققت وتحقق مكاسب دولية وعالمية للشعب الفلسطيني ولكن هذا لا يعني ان التركيز على هذا النوع من المقاومة اننا يجب ان نتخلى عن خيارات ووسائل اخرى لكن المرحلة الحالية وموازين القوى الدولية تحتم علينا هذا النهج من المقاومة لان استخدام اي وسيلة اخرى بدون تفكير استراتيجي ورؤية جيدة للمرحلة يمكن ان يكبدنا مخاسر من الصعب اصلاحها .
داوود ابو لبدة
التعليقات (0)