مواضيع اليوم

المقامة الترفيهية في الجولات التسويقية

nasser damaj

2009-10-20 20:13:10

0

المقامة الترفيهية
في الجولات التسويقية
بقلم: خليل الفزيع

قال الفتى الولهان.. في جمع من الإخوان: بالأمس القريب.. قادتني قدماي إلى سوق رحيب.. فيه من البضائع كل عجيب وغريب، ولم يكن لي هدفا بذاته.. ولكنه الفراغ ومشكلاته.. فأين يذهب الإنسان.. وهو للترويح ولهان؟ بعد أن يمل القراءة، وينصرف عنها بكل براءة.. إلى البحـث مـن جـديد.. عن كل ما يمتع ويفيد.. فلم أجد أمامي غير الأسواق، ولست إلى التسوق تواق.. والجيب مرهق أيما إرهاق.. والهم مطبق أيما إطباق.. وإنما قلت في الخاطر.. والفكر شارد وحائر: أيها الفتى الولهان.. هيا إلى السوق دون توان او خذلان.. وهناك رأيت العجب العجاب.. من فتيات دون حجاب.. وفتيان يضيقون الثياب.. وهكذا بعض الشباب.. يركضون وراء الموضة بلا حساب.. أما النساء فأمرهن مختلف.. فهذه تكاد تنحرف.. وأخرى تسير وهي رافعة أنفها.. وزوجها يجرجر الأولاد خلفها.. وفي سره يدعو أن يحين حتفها.. وتلك أخرى تسير في انكسار.. وزوجها أمامها يسير في وقار.. فإذا خزرها بناظريه.. تعثرت وهي تسرع إليه.. ودون أن تتخطاه.. تسير في انتباه.. وعيناها مسمرتان في قفاه.. تحمل على صدرها رضيعها الصغير.. وتسحب بيدها طفلها الكبير.. وزوجها الهمام.. يسير للأمام بانتظام.. غير عابئ بحالها المكروب.. وحقها المنهوب..وعلى حظها تشق الجيوب.. وهذا الفاقد الإحساس.. من يدريه إذا أذلها بين الناس.. أن تفعل من خلفه ما يشيب الراس.
وهذه قصيرة بدينة.. تتدحرج في مشيتها كالبطة السمينة.. وبجانبها رجل طويل طويل.. لكـنه نحيل.. وكأنه عليل.. تـخشى عليه من انكسار عظامه.. إذا طأطأ ليسمعها كلامه.
وبينما الناس سادرون في همومهم.. يفكرون أو لا يفكرون في شؤونهم.. سمعت فجأة صرخة مدوية.. من جانب السوق آتية، فهرع الجميع في عجل.. إلى المكان يسألون ما حصل.. فإذا برجـل يكيل اللكمات.. لآخـر يـحاول الإفلات.. من قبضته القوية.. وشتائمه الجهنمية.. والكل يتفرج بحياد تام.. وكأن بينهم وبينه خصام.. وهو يصيح يا ناس يا كرام.. فكوني من ابن الحرام.. ولما تدخلت الشرطة.. لإنهاء هذه الـورطة.. اكتشف الجميع.. أن الرجل الصريع.. كان يحادث زوجته بكلام جميل.. فظن هذا الدخيل.. أنه يغازلها بكلامه الجميل.. فضربه دون دليل.. بعد أن أخـذته النخـوة العربية.. وهجم على الزوج دون روية.. وأوسعه ضربا بقبضته الحديدية.. بالكاراتيه والروسية.. ولم تنفعه غضبته العنترية.. بعد أن قاده الشرطي إلى المخفر.. ليلقى جزاءه الأوفر.. وهو على فعلته يتحسر.. ولما تفـرق الجميع.. قال الـحارس عبدالسميع: هذا جزاء من لا يطيع.. فقد نصحته بعدم التدخل.. لكنه تصرف بلا تعقل.. ولحظة الغضب.. يخطى المرء دونما سبب.. ولاحظت ضمن ما شاهـدت من ملاحظات.. أمرا تساوى فيه الأبناء والبنات.. بل الرجال والستات.. فمعظم الذين للسوق يحضرون.. لا يشترون.. بل بالتجول يكتفون.. ثم إلى بيوتهم يعودون .
ولما عدت إلى البيت.. وحكيت لبعلتي ما رأيت.. قالت في احتجاج.. بوجه فاقد الابتهاج: كيف تذهـب بمفردك إلى السـوق.. ولنا عليك واجبات وحقوق.. وهنا تذكرت حال الرجل المضروب.. وتصورت نفسي مثل ذلك المنكوب.. فقررت تجنب الخطوب .. وعدم التسكع في الأسواق .. حفاظا على ما بيني وبين زوجتي من وفاق.. هذا ما قاله الفتى الولهان.. وهو في جمع من الأخوان.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات