المقامات والأحوال عند الصوفية
|
|
|
تعريفها: الاحوال والمقامات هي درجات ( مراحل ) هذا التطور أو الترقي الروحي ، استنادا الى تقرير القرآن أن الوجود الإنساني ينبغى أن يكون في صعود دائم عبر درجات﴿ يرفع الله الدين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾، ﴿ ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات ﴾، وهذه الدرجات بعضها ذو طابع ذاتى هي الأحوال ، وبعضها ذو طابع موضوعى هي المقامات . فالأحوال تمثل الدرجات الذاتية لهذا الترقي الروحى ، متمثله في الأنماط الانفعاليه والمعرفيه التي تجى كمحصله لالتزام الإنسان بمجموعه من القواعد التي تحدد للإنسان ما ينبغى أن يكون عليه وجدانه وتفكيره. بينما المقامات تمثل درجاته الموضوعية متمثله فى الانماط السلوكيه التى تجى كمحصله لالتزام الإنسان بمجموعه القواعد التي تحدد له ماينبغى أن يكون عليه سلوكه.
المقام والحال: اصطلاحان يستخدمهما الصوفيون للتدليل على تدرج السالك للطريق الصوفي من مكانة الى أخرى,ولما يتعرض له في تدرجه هذا في المقامات من أحوال تأتيه من نسمات الرحمة الإلهية.
المقامات هي مكاسب تحصل للإنسان المؤمن ببذل المجهود,وهي مراحل يرتقي فيها المريد في طريقه الى التمكين والاطمئنان القلبي لتتحقق له مكانة بين الخاصة من المصطفين الأخيار.ويقول السراج الطوسي في "اللمع":
|
"إن قيل مامعنى المقامات؟يقال:معناه مقام العبد بين يدي الله عز وجل,فيما يقام فيه من العبادات والمجاهدات والرياضيات والانقطاع الى الله عز وجل",وقال الله تعالى: (ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد ) ( سورة ابراهيم /14) وقال :( وما منا إلا له مقام معلوم ) ( الصافات / 164 ). منالمقامات عند الطوسي: التوبة – الورع – الزهد – الفقر – الصبر – الرضا – التوكل...الخ.
|
يقول السراج الطوسي في "اللمع"(إن قيل ما معنى المقامات؟يقال:معناه مقام العبد بين يدي الله عز وجل,فيما يقام فيه من العبادات والمجاهدات والرياضيات والانقطاع إلى الله عز وجل",وقال الله تعالى: (ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد ) ( سورة إبراهيم /14) وقال وما منا إلا له مقام معلوم ) ( الصافات / 164 ). ومن المقامات: التوبة – الورع – الزهد – الفقر – الصبر – الرضا – التوكل...الخ.أما الحال:فهي معنى يرد على القلب من غير تصنع ولا اكتساب...).
أما الحال:فهي معنى يرد على القلب من غير تصنع ولا اكتساب,والأحوال هي المذاهب الفائضة على العبد من ربه,وهي تكون ميراثاً يلي العمل الصالح المقترن بصفاء القلب,أو امتناناً من الله تعالى على العبد,ولكنها لاتدوم وإذا دامت تحولت من حال الى مقام.
وقد جاء في "اللمع":"وأما معنى الأحوال فهو مايحل بالقلوب أو تحل به القلوب من صفاء الأذكار,وقد حكي عن الجنيد رحمه الله أنه قال:الحال نازلة تنزل بالقلوب فلاتدوم...وليس الحال من طريق المجاهدات والعبادات والرياضيات كالمقامات".
|
من الأحوال :المراقبة – القرب – المحبة – الخوف – الرجاء – الشوق – الأنس – الطمأنينة – المشاهدة – اليقين...الخ.
( المقام إذن هو مقام الإنسان بظاهره وباطنه في حقائق الطاعات,وأما الحال فهي مايتعرض له القلب من نسمات الرحمة الإلهية والصدر من الشرح ولايدوم).
|
وقد حكي عن الجنيد أنه قال(الحال نازلة تنزل بالقلوب فلا تدوم...وليس الحال من طريق المجاهدات والعبادات والرياضيات كالمقامات".من الأحوال :المراقبة – القرب – المحبة – الخوف – الرجاء – الشوق – الأنس – الطمأنينة – المشاهدة – اليقين...الخ ).
أما في "الرسالة القشيرية" فلقد جاء :أن المقام "مايتحقق به العبد بمنازلته من الآداب,مما يتوصل اليه بنوع تصرف,ويتحقق به بضرب تطلب,ومقاساة تكلف.فمقام كل أحد:موضع إقامته عند ذلك,وما هو مشتغل بالرياضة له.
وشرطه أن لايرتقي من مقام الى مقام آخر ما لم يستوف أحكام ذلك المقام...ولايصح لأحد منازلة مقام إلا بشهود إقامة الله تعالى إياه بذلك المقام,ليصح بناء أمره على قاعدة صحيحة".
أما الحال عند الصوفية فهي "معنى يرد على القلب,من غير تعمد منهم,ولا اجتلاب,ولااكتساب لهم...فالأحوال :مواهب.والمقامات :مكاسب.
وقالوا :الأحوال كإسمها ,يعني أنها كما تحل بالقلب تزول في الوقت".
وجاء في تعريف للدكتور قاسم غني:"مقامات التصوف إنما هي من الأمور الاكتسابية والاجتهادية,ومن جملة الأعمال التي هي باختيار السالك وإرادته,بينما الأحوال من مقولة الإحساسات والانفعالات الروحية,ومن الحالات والكيفيات النفسية الخاصة مما ليس باختيار الإنسان بل هو من جملة المواهب والأفضال النازلة على قلب السالك من لدن الله من غير أن يكون للسالك أدنى تأثير في نزوله على قلبه أو محوه عن خاطره".
|
الأحوال من ثمرات الاستغراق في ذكر الله سبحانه وتعالى ، يخلقها الله سبحانه وتعالى في قلوب الذاكرين ، وسميت أحوالاً لأنها تتحول ولاتدوم ، وقد تسمى وجداً لوجودها في القلب ، وإذا قويت قد تفيض عن القلب ، فتظهر على الجوارح حركات اضطرارية أوبكاءً أو صراخا . وأكثر ماتظهر على جوارح المبتدئين ، أما المتمكنون فإنهم يصرعون أحوالهم ويمنعونها من الظهور .
قال الكلاباذي في "التعرف" : التواجد ظهور مايجده في باطنه على ظاهره ، ومن قوي تمكن فسكن . قال الله تعالى : (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) (1) [الزمر : 23].
فالتصوف حال أكثر منه قالا ، وإن من سلك سبيل القوم بصدق ذاق ما ذاقوه ، إن شاء الله تعالى له ذالك .ولايظهر أصحاب الأحوال أحوالهم ،إلا عند الاضطرار الشديد ، الذي يفقد معه التماسك والتثبت ، على أن الإكثار من الصلاة والسلام على حضرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم له أثره في تهدئة الحال.
صاحب الحال لا يقلد أثناء غلبة الحال عليه .
هذا ولابد من التنبيه إلى أن بعض المتصوفة قد تغلبهم أحوالهم ، ويصدر عنهم أثناء ذلك ما يخالف الشرع ، فلا يجوز تقليدهم في هذا الذي يصدر عنهم في حالة الغلبة ، كما نبه على هذا كبار العلماء رحمهم الله تعالى .
قال الإمام الرباني السرهندي - رحمه الله تعالى - : "علامة الوصول إلى حقيقة اليقين ، مطابقه علومه ومعارفه لعلوم الشريعة ومعارفها ، ومادامت المخالفة موجودة ، ولو بأدنى شعرة ؛ فذلك دليل عدم الوصول ، وكل خلاف واقع من كافة مشايخ الطرق للشريعة ، فهو مبني على سكر الوقت ، وهو لايكون إلا في أثناء الطريق ، والمنتهون إلى النهاية كلهم في الصحو ، والوقت مغلوب لهم ، والحال والمقام تابع لكمالهم ، فتحقق أن مخالفة الشريعة علامة على عدم الوصول إلى الحقيقة ... ))
الأحوال والأعمال :
ولايظن إنسان أن الأحوال الطيبة ثمرة الذكر فقط ، بل لابد من الأعمال التي أمر بها الشرع وتعبدنا الله بها ، قال الكلاباذي - رحمه الله تعالى - : "اعلم أن علوم الصوفية علوم أحوال، والأحوال مواريث الأعمال ، ولا يرث الأحوال إلا من صحح الأعمال ، وأول تصحيح الأعمال معرفة علومها ؛ وهي علوم الأحكام الشرعية …" فالوجد الشرعي ثمرة الإتباع للكتاب والسنة.
وقال الحسن البصري - رحمه الله تعالى - : "لايغرنك قول من يقول : المرء مع من أحب ، فإنك : لن تلحق الأبرار إلا بأعمالهم ، فإن اليهود والنصارى يحبون أنبياءهم وليسوا معهم"
التعليقات (0)