مواضيع اليوم

المفكر الإسلامي السيد محمد علي الحسيني اللغة العربية وفهم الشريعة الإسلامية

اللغة العربية وفهم الشريعة الإسلامية

http://www.mohamadelhusseini.com//pic//132794673a.jpg

 السيد محمد علي الحسيني 


تشكل اللغة العربية أحد أهم اللغات العالمية العتيدة التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بالحضارة العربية والإسلامية، فكانت لغة ثقافة وحضارة وعلم، جعلها الله اللغة التي أنزل بها وحيه وبيانه ليرتل بها القرآن عربيا في كل زمان ومكان، وكذلك الأحاديث النبوية الشريفة التي كانت بلغة عربية بليغة، ومن هنا تحظى اللغة العربية بمكانة مهمة وعظيمة، بل وأساسا لفهم الشريعة الإسلامية وأهميتها في نقل النصوص الشرعية، وفي ذلك يقول المولى عز وجل:" إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون" (يوسف، آية 2)، وفيها تغني الشعراء العرب وأبدى المستشرقون اندهاشهم وعبروا عن جمالها ودقتها وعمقها، فقال أمير الشعراء أحمد شوقي:

إن الذي ملأ اللغات محاسنا       جعل الجمال وسره في الضاد  

ويقول عالم الاجتماع المستشرق الفرنسي جاك بيرك:" اللغة العربية لغة المستقبل، ولاشك أنه يموت غيرها وتبقى حية خالدة".

ونظرا لأهميتها البالغة أقرت الجمعية العامة بأن تكون اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية المستخدمة في الأمم المتحدة بعد جهود كبيرة قامت بها المملكة العربية السعودية ودول عربية، ليحتفل العالم كله يوم الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة العربية.

وفي هذه المناسبة، نؤكد أن اللغة العربية، ليست مجرد علاقة لغة بنص، بل هي وعاء الوحي الإلهي وأداة لا غنى عنها لفهم الدين واستنباط أحكامه.


أهمية اللغة العربية في فهم الشريعة الإسلامية:


إن المتأمل في آيات الذكر الحكيم يدرك تماما أن فهمها والتعمق فيها يتطلب يقينا فهم اللغة العربية وبيانها، ولاشك أن الرابط بين القرآن واللغة العربية جوهري وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى:" وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين" (الشعراء، آية 192-195)، فهي اللغة التي اختارها الله سبحانه وتعالى دون بقية اللغات لنزول وحيه، فهي لغة القرآن ولغة الأحاديث النبوية الشريفة، وهما المصدران الأساسيان للتشريع الإسلامي، وهذا يعني لايمكن الفصل بين النص ومادته اللغوية.

ومن هنا يتعين علينا التشديد على ضمان إتقان قواعد اللغة العربية ومكوناتها إتقانا شاملا، لأن  الحكم مرتبط بالمعنى الذي لاشك يتغير بتغير حركة إعرابية أو دلالة بلاغية، وهذا يعني أن الدارس للعلوم الشرعية ينبغي له قبل كل شيء أن يكون متمكنا من اللغة العربية ضليعا في قواعدها ومدركا لبلاغتها.  


علاقة اللغة العربية بالشريعة الإسلامية


بالنظر إلى أهمية اللغة العربية في فهم الشريعة الإسلامية يتبين لنا العلاقة التكاملية بينهما، فاللغة بالنسبة للفقيه هي بمثابة السلم الذي يصعد به لإدراك مراد الشارع الحكيم، ولاغنى للعلوم الشرعية من استخدام هذه اللغة، لذلك النحو هو مفتاح المعرفة والعلوم الشرعية.

تكمن علاقة اللغة العربية بالشريعة الإسلامية  في كونها أداة لاستنباط الأحكام الشرعية، وتعتبر علوم اللغة العربية كالنحو والصرف والبلاغة بمثابة الأدوات المنهجية التي لاغنى للفقيه والمجتهد عنها، فنجد أن علم التفسير يقوم على فهم دقيق للغة، فالمفسرون يعتمدون في بيان معاني الآيات على دلالات الألفاظ  وقواعد النحو والصرف، البلاغة، أساليب البيان، الفروق اللغوية، السياق اللغوي، وهي سبيل لا بد منه لتحقيق تفسير صحيح.

ولاشك أن علم أصول الفقه يعتمد بشكل أساسي على معرفة اللفظ والإحاطة بمعانيه، واستنباط الأحكام الشرعية مرتبط بفهم صيغة الأمر والنهي، العام والخاص، المطلق والمقيد، المجمل والمبين، المفهوم والمنطوق، وهي كلها قواعد لغوية قبل ان تكون قواعد فقهية.

ومن المهم التأكيد أن الله اختار اللغة العربية، لذلك لزم حفظ هذه اللغة لأن حفظها هو حفظ للشريعة الإسلامية، وإهمالها لاشك يؤدي إلى ضياع الشريعة وتحريفها، وسبحان الله القائل:" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" (الحجر، آية 9)،ومن هنا وجب على الدارس الإحاطة بقواعد اللغة درء للتحريف والتأويل الخاطئ لمراد الله ورسوله، وتحصينا له من الاستدلال الخاطئ المبني على الفهم السطحي

كما ينبغي الإشارة هنا إلى أن فهم الإعجاز القرآني يقوم على الإعجاز اللغوي والبياني الذي لا يدرك جوهره إلا العارفون للغة العربية وأسرار بيانها

بناء على ما سبق يتبين أن اللغة العربية هي روح الشريعة الإسلامية ونبضها، ليست فقط وسيلة لنقل الوحي ولكنها جزء أصيل في النسيج التشريعي، لذلك فدراسة علوم اللغة ليس اختيار بل ضرورة حتمية على كل مسلم يبتغي معرفة دينه على بصيرة ووعي وعلى كل من يريد أن يفهم هذا الدين ويبحر في علومه وينهل من معارفه.






التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات