بقلم: محمد أبو علان
http://blog.amin.org/yafa1948
دب الحراك بصورة مفاجئة في موضوع إحياء المفاوضات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي في ظل عدم وجود أية متغيرات على الأرض سواء في المواقف والممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وأرضه المحتلة، أو في الموقف الأمريكي والأوروبي الراعين الرئيسين لهذه المفاوضات منذ أكثر من عقد ونصف من الزمان.
وكما هي الحال في كل مرّة يتولى النظام المصري وحكومته مهمة الوساطة والتحريك لهذه المفاوضات من أجل تحقيق وجود وإثبات ذات للنظام المصري على حساب القضية الفلسطينية في ظل تراجع تأثيرة السياسي في المنطقة العربية، وبسبب العداء الشعبي المتنامي لهذا النظام نتيجة مواقفه السياسية تجاه الحصار المفروض على القطاع غزة، ولتعامله الرديء مع وفود وقوافل الإغاثة الدولية للقطاع على مدار ثلاث سنوات من الحصار المتواصل.
وإن حاولنا مراجعة المطالب الفلسطينية (والتي هي بالأصل التزامات على دولة الاحتلال الإسرائيلي بموجب خارطة الطريق) من أجل تجديد المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي سنجد أن الوضع على حاله منذ توقفت هذه المفاوضات بل بات أشد سوءً، فالاستيطان الإسرائيلي على أشده، والحل على أساس الدولتين حل غير وارد في حسبان أية قيادة إسرائيلية، والقدس الموحدة ستبقى عاصمة "الدولة اليهودية" وفق تعبير الساسة الإسرائيليين.
هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية يعيشون أسوء حالة انقسام جغرافي وسياسي في تاريخ القضية الوطنية الفلسطينية، وبات لكل طرف من طرفي الصراع الداخلي أجندته السياسية والتنظيمية الخاصة والتي تحول كلٌ منها في تحقيق مصالحة وطنية حقيقية على أسس واضحة ومقبولة من الطرف الآخر.
وغياب اللغة الفلسطينية الواحدة لكي نتحدث بها للاحتلال وللعالم أجمع حول ما هو الحل السياسي المقبول لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فطرف يتغنى بالمقاومة كأسلوب للحل في مواجهة الاحتلال، وطرف لا يرى بغير المفاوضات سبيل للحل، وعلى أرض الواقع لا هذا يمارس المقاومة، ولا ذاك نجح في تحقيق شيء عبر سنوات طوال من المفاوضات.
ليس هذا فقط، بل بات الانقسام الفلسطيني هو الورقة الرابحة في يد دولة الاحتلال الإسرائيلي، وأفضل وسيلة له للتهرب من مفاوضات هو أصلاً لا يريدها ولا يسعى لها، وغير مستعد لدفع ثمن نهايتها، والتصريحات والمواقف الإسرائيلية في هذا المجال نسمعها يومياً، فهذا "أفيغدور ليبرمان" وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يعطي لنفسه الحق بالحديث عن شرعية الرئيس الفلسطيني نتيجة لهذا الانقسام، وفي المقابل يتحدث رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي السابق "إفرايم هليفي" عن ضرورة فتح خطوط اتصال وتفاوض مع حركة "حماس" وتجاهل السلطة الوطنية الفلسطينية كونها سلطة ضعيفة على حد تعبيره.
المحصلة النهائية لهذا الواقع عدم جاهزية السلطة الوطنية الفلسطينية لقيادة مفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي بسبب الظروف الداخلية الفلسطينية أولاً، وبسبب المواقف السياسية والممارسات العملية الإسرائيلية ثانياً، هذا ناهيك عن تحيز الإدارة الأمريكية واللجنة الرباعية للمواقف الإسرائيلية بشكل مطلق.
ورفض الرئيس الفلسطيني لأية لقاء أو مفاوضات مع رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي هو الحل الأفضل في هذه الظروف، كون أي لقاءات أو تجديد المفاوضات لن تكون أكثر من لقاءات علاقات عامة تهدف الإدارة الأمريكية والنظام المصري لتحقيق مجموعة من الأهداف من ورائها، ونحن الفلسطينيين لا ناقة ولا بعير لنا فيها.
أول هذه الأهداف أمريكياً هو إظهار حكومة الاحتلال الإسرائيلي ورئيسها "بنيامين نتنياهو" بمظهر الساعي للسلام والمستعد له على الرغم من سياسية الاستيطان المتنامي يومياً على الأرض الفلسطينية، وثاني هذه الأهداف مصرياً هو إبراز دور مزعوم للنظام المصري في المساهمة في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مع أن الدور الحقيقي له هو أن يكون أداة ضاغطة على الشعب الفلسطيني من جهة، ومروجاً لضمانات أمريكية وإسرائيلية زائفة يدعي حصوله عليها من أجل تجديد المفاوضات.
وثالث هذه الأهداف وهو الهدف الأهم والأكبر بالنسبة للأمريكيين وهو سعي الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق ولو نصر شكلي في ملف واحد فقط من الملفات التي بين يديها في ظل الفشل الذريع الذي لم يقتصر حصاده على العراق وأفغانستان بل وصل حتى إلى أراضيها ومناطق سيادتها كما كان الحال في الخرق الأمني في رحلة الطيران من أمستردام إلى ديترويت والتي لم يفق من صدمتها بعد الرئيس الأمريكي نفسه.
moh-abuallan@hotmail.com
التعليقات (0)