مواضيع اليوم

المفاعلات المنوية العربية

زين الدين الكعبي

2009-05-31 09:08:44

0

 

قابلني صديقي اللذي لم اره منذ فترة في الشارع . وبعد التحايا والعناق وجدته وقد بانت على ملامحه علامات التعب . فسألته عن السبب . فاجاب بان زوجته قد انجبت له الطفل السادس وانه وبالرغم من انه موظف الا ان راتبه اصبح لايكفيه لأعالة عائلته خاصة وان الأسعار اصبحت جنونية . 

فما كان مني الا ان وبخته بأسلوب لطيف وغير جارح فقلت له .

يا اخي الحمد لله على سلامة زوجتك ومولودك الجديد والله يرزقك برزقه انشاء الله .

ولكن اذا كنت تشتكي من قصر ذات اليد وصعوبة تربية الأطفال في هذا الزمن الأغبر فلماذا انجبت هذا العدد من الأطفال اذا .

فرد علي -  وماذا افعل ؟ الأمر ليس في يدي

فاجبته – كيف تقول ذلك وانت المتعلم . هل تريد ان تقول لي بانك لا تعرف سبل منع الحمل .

فاجابني مبتسما ( وشر البلية ما يضحك ) – نعم اعرفها طبعا ولكني لا احتاط للأمر كثيرا فعندما تأتيني الشهوة اضرب عرض الحائط بكل التعليمات والأحتياطات .

فقلت له – ياوحش ... ماهذه القوة والمتانة . ولكن انظر الى نتائج عدم التفكير بالعواقب . ها انت تركض ليل نهار لأعالتهم وبالكاد تستطيع ذلك .

 

هناك الكثيرين حالهم مثل حال صديقي هذا ولأسباب مختلفة . فمنهم من ينجب اطفالا كثر لأنه يحب الأطفال , وهذا من حقه ولكن يجب ان يكون قادرا ليس فقط على اطعامهم بل ان يكون قادرا على تربيتهم التربية الصحيحة وان يعلمهم افضل تعليم وهذا الأهم .

كما ان هناك من ينجب الكثير من الأطفال فقط لأنهم عزوة وكأننا لا زلنا في الأيام اللتي كانت فيها العشائر والقبائل تغزو بعضها بعضا . وكثيرا ما نجد هؤلاء الأبناء العزوة يفضحون اهلهم عندما يكبرون وينحرفون لأن اباهم ( ابو العزوة ) حرمهم من التعليم ومن المال بسبب دخله اللذي كان اقل مما يحتاجه لأعالة ابنائه . وبذلك اصبحت العزوة نقمة .

 لا اريد ان اقول بان عدد كذا من الأطفال يكفي , فلكل منا رأيه في الموضوع ولكننا في الوطن العربي اصبحنا نعاني من مشكلة التربية الصحيحة المتماشية مع هذا العصر المعقد .

فلم يعد الأمر بسيطا كالسابق حيث كان اجدادنا يعيشون في مدن غير مزدحمة وشوارع شبه خالية من السيارات وفي بيوت طويلة وعريضة . وكان الطعام والشراب ببلاش تقريبا . والمدارس الحكومية تولي التلاميذ افضل رعاية وتعلمهم التعليم السليم . فلقد ذهبت هذه البركة على مايبدوا الى غير رجعة وحل محلها عصر السرعة والمدن المكتظة . واصبحنا بحاجة لأموال كثيرة لكي نأكل ونشرب ونلبس على الموضة ولنشترك في القنوات التلفزيونية المشفرة والأنترنت . بل اننا اليوم بحاجة الى اموال طائلة لنعلم ابنائنا التعليم الصحيح واللذي ينفعهم عندما يتخرجون . لا تعليم المدارس الحكومية اللذي يخرج الشباب الى المقاهي والكفتريات .

 

الأبناء امانة ما بعدها امانة . ومسؤولية تربيتهم تعتبر من اكثر المسؤوليات اللتي سيحاسبنا عليها الله يوم القيامة . والمحافظة عليهم اصحاء بدنيا ونفسيا هي من اهم الأمور اللتي على الاباء القيام بها . كما ان تربيتهم على القيم الصحيحة والأخلاق الحميدة هي من اعظم الأعمال والنجاح في غرس هذه القيم في الأبناء هو اعظم نجاح يحققه الأنسان في حياته .

ولكن تحقيق ذلك يتطلب شيئين . الحد الأدنى من المال اولا . وتخصيص جزء لا بأس به من الوقت لتربيتهم ومراقبتهم وملاعبتهم ثانيا . وقد يقول قائل ان الأغنياء لديهم المال الكافي لأنجاب عدد كبير من الأطفال وهذا صحيح . ولكن الأغنياء دائما ما يفتقدون الى الوقت الكافي لتربية اطفالهم لأنشغالهم في ادارة موالهم واعمالهم . وبالتالي فانهم سيقصرون كثيرا في الجانب النفسي والقيمي من التربية .

بالرغم من ان الدول العربية جميعها هي من دول العالم الثالث وتعاني مشاكل كبيرة في التنمية والتعليم والصحة الا انها ايضا من اكثر دول العالم خصوبة . ومعدلات النمو السكاني في الدول العربية هي الأعلى في العالم كما تخبرنا تقارير المنظمات المختصة . مما يعني اننا لازلنا لم نستوعب مخاطر الأنفجار السكاني على مجتمعاتنا . واننا لازلنا نتصرف وكأننا مفاعلات انشطار منوي غير مسيطر عليها . 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات