أجاب وزير الخارجية المغربي الفاسي الفهري الأموي القريشي…. دعوة مجلس التعاون الخليجي لطلب انضمام المغرب الأقصى للمنظمة، حل الوزير بالرياض عاصمة دولة آل سعود ( نجد و الحجاز) ليناقش مسألة العضوية أو بالأحرى الرؤية المغربية لمستوى التكامل الغير تام، كما تحدثت عن ذلك صحف مغربية، الفهري قيل أنه يحمل ملفا متكاملا عن ماهية الاندماج و مستوياته و مجالاته، الزيارة سبقها رد مغربي مرحب، ترحيب يكاد يكون خافتا، فالمغرب و أمته مصالحهما الإستراتيجية في الإتحاد المغاربي المشلول حاليا، الأوساط المغربية لم تتحمس لهذه الدعوة المفاجئة، لأسباب عدة، بون في الجغرافيا، بون اجتماعي و اثني، مؤسساتي و فروق طبعا اقتصادية كبيرة، غير أن المصالح المشتركة، و الوضع الدولي الراهن، قد يشفعان في أن يقبل المغرب بدعوة نادي الخليج، خصوصا و أنها هي التي رغبت في ذلك. و الغريب أن يأتي الطلب من الدول الخليجية لا من المغرب، فمن يحتاج إلى من؟
هل هي صورة مكررة لاتحاد ملكيات العراق و الأردن ضد إتحاد الجمهوريات الوليدة أيام ثورات الضباط و الجيش و حديث الوحدة العربية؟ فهل تكررت الضرورة أيضا ؟ فسر الأمر بحاجة دول الخليج إلى حلف عربي سني معتدل، تجابه به القوى القادمة زحفا، إيران و الجمهوريات الصاعدة في مصر حاليا و اليمن و سوريا و دول أخرى مستقبلا…..، ،غير أن المغرب و الأردن ليستا بالدولتين القويتين سلاحا و عتادا كما هو حال إيران أو تركيا أو حتى مصر، يقولون أن لهما من الخبرة الأمنية في التعامل مع أزمات العصر الحالي ما قد يساعد إمارات الخليج في كسب رهانها إن فكرت شعوبها بالخروج إلى الشارع كما حدث في البحرين، في هذه الحالة سيكون المغرب و الأردن يد هذه الدول العديمة الخبرة في التعامل مع شعوبها، و بالتالي قد تتمحور العلاقات الثنائية في تبادل المصالح، دعم أمني مقابل دعم مالي و اقتصادي.
هذا من باب القول، ما قرره الساسة، لم يعرف إلى حد الآن رأي الشارع فيه، غير أن الواضح من حوادث خلت، أن الأمر قد يكون مستهجنا عند بعض أهل الخليج، كما عند بعض المغاربة، ففي الشارع المغربي هناك من يحمل نظرة سلبية اتجاه السياح الخليجيين، كما أهل الجزيرة لديهم رؤية مشوشة عن المغاربة …..إنها صنائع الإعلام، و ليس الأمر ببعيد، و لكم الذكرى في حادثة المسلسل الكارتوني الكويتي الذي تسبب في أزمة مغربية كويتية على الصعيد الشعبي، و وصلت إلى حد أن خطب الصباح في قومه.
المجتمع الخليجي، مجتمع عربي قبائلي بدوي في طبعه، ظاهره المحافظة و الالتزام بالعادات و التقاليد القبلية، مجتمع مغلق ثري داهمته الحداثة و الثروة فأحدثت منظومة هجينة من بداوة القرون السالفة و حاضر الغرب المتقدم خدماتيا و نسقا، المجتمع المغربي خليط من العرب و الأمازيغ متنوع، سبق أهل الخليج للمدنية و التغرب، أحدث ذلك فجوات و فروق طبقية تختلف باختلاف المناطق و المداشر، فيه الفقر المدقع و ما يحمل من تبعات و أسباب، غير أن فيه ميسوري الحال وهم ليسوا بكثر، اقتصاديا المغرب في وضع أحسن مقارنة بدول عربية أخرى، فيه أهل حضر هم أشبه في عاداتهم للغرب المطل علينا شمالا، مجتمعات فردانية، و فيه أيضا أهل البادية و أهل الجبل و أهل الصحراء، فيه من من يرى في نفسه العربي القح، و فيه من ينفي كلمة العربي مرادفة لكلمة اسم المغرب، بل فيهم من يرى في العرب غزاة كما حال الرومان و الوندال……
في المغرب أحزاب و برلمان و دستور و قضاء و ……، فيه جمعيات و فعاليات مدنية، ديموقرطية بين المنزلتين، حرية تعبير بهامش محدود، حاليا، من حصائد البوعزيزية، حراك شعبي تقوده مكونات تتطلع إلى إصلاح سياسي و قضائي يرقى بالمغرب إلى دول كاسبانيا و بريطانيا نموذجا، هذا ماوعد به الملك في خطابه الأخير، و الكل ينتظر بشغف حدود هذا الإصلاح و هذا التغيير، في المغرب أيضا حركات ترى و تقول في النظام ما لم يقله مالك في الخمر، إسلامية و يسارية تمثل المعارضة الخارجة عن دائرة اللعبة السياسية، هذا حال المغرب السياسي فهل يقدر الخليج على أن يستوعب بعضا من ريح هذا الغليان المغربي؟ أم أن إمارات الأسر و الحكم المطلق على جميع دواليب الدولة من الإمارة العليا إلى رئاسة النوادي الرياضية قادرة على أن تتعايش مع الجارين الجديدين، على مبدأ لكم دينكم و لي ديني، نشترك فقط فيما لنا فيه المصلحة المشتركة.
يبدو لي أن مستوى العضوية بالنسبة للأردن و المغرب قد يكون على حد أدنى، ليماثل في ظاهره مستوى من الشراكة و التعاون المتبادل، قد يكون على مراحل تحتمل المد و الجزر وفق التغيرات الإقليمية، فالاعتبارات السالفة تمنع الانصهار التام، الغد حتما فيه النبأ العظيم، فقد تجعل ثورات العرب من خبر الانضمام حدثا يكتب في الماضي على أنه قرار متأخر كتب على عجل، لدرء خطر بات يهدد حكام الخليج.
التعليقات (0)