مواضيع اليوم

المغرب و قضية الصحراء

سعيد منصوري

2010-12-06 20:29:35

0

"إعادة تقييم مجمل العلاقات المغربية الاسبانية في جميع الميادين" كان هذا تصريح الحكومة المغربية على لسان الناطق الرسمي وزير الاتصال ردا على قرار البرلمان الاسباني حول أحداث العيون الذي أدان و شجب التدخل المغربي في مخيم "كديم ايزيك" و طالب حكومة بلاده بتقوية العلاقات مع جبهة البولساريو و إجراء تعديلات على بعثة الأمم المتحدة – المنورسو- بمنحها صلاحيات كاملة و مباشرة في مجال حقوق الإنسان، وهو قرار يأتي بعد أيام قليلة على القرار المماثل من طرف برلمان الاتحاد الأوربي بعد الحملة الإعلامية و الحزبية التي قادها الحزب الشعبي الاسباني بزعامة ماريانو راخوي و التنسيق الاستخباراتي الجزائري الاسباني حشرت المغرب في دائرة الاتهام و التنديد.
إعادة تقييم العلاقات كان من أولى ثمارها انعقاد البرلمان المغربي بصورة عاجلة و استثنائية دعا فيه الحكومة المطالبة باستعادة سبتة و مليلية و باقي الجزر المحتلة،و هو مطلب سيدفع الدبلوماسية الخارجية إلى إعادة النظر في أدوات الاشتغال الرسمية التي كانت تنزع إلى الهدوء و حسن النوايا و رد الفعل في مقاربة مختلف القضايا.
لقد أظهرت أحداث مخيم "كديم ايزيك" في 8 نونبر أن قرار وقف إطلاق النار في بدايات تسعينيات القرن الماضي لم يكن قناعة و رؤية لدى أطراف النزاع للبحث عن حلول بعيدا عن استعمال السلاح إنما أملته الظروف الدولية و بداية تشكل نظام عالمي جديد قائم على أحادية القطبية ، و لعل التسابق المحموم للتسلح في الجزائر و التلويح المستمر للبولساريو بالعودة إلى السلاح و العمليات القتالية تبرز أن الحلول السياسية المعلنة لتصفية قضية لازالت من مخلفات الاستعمار لا ترضي كل الأطراف المباشرة .
ما يعاب على المغرب في تسويقه لمبادرة الحكم الذاتي كمخرج لقضية الصحراء الاعتماد على حلفاءه الدوليين التاريخيين كالولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا في حين أن العالم اليوم يشهد ظهور قوى على الساحة الدولية قادرة على الدفع بالمبادرة إلى حشد المزيد من التأييد و الدعم، فالبرازيل و ألمانيا و الهند و تركيا أصبحت اليوم فاعلا دوليا أساسيا،كما أن اختراق مراكز القرار في روسيا الحليف التقليدي و التاريخي للجزائر يجب أن يكون أولوية في الأجندة الدبلوماسية الخارجية دون إغفال العودة إلى الساحة العربية بقوة و خلق شراكات إستراتيجية حقيقية تتجاوز البرتوكولات و المجاملات و تبويس اللحى، فالمصالح الاقتصادية هي بمثابة محرك جوهري في العلاقات بين مختلف الدول ترتقي فوق تقاطع الرؤى السياسية و الاديولوجية.
تدرك الجزائر جيدا في ظل استمرارية النظرة البومدينية – الرئيس الاسبق هواري بومدين- للصراع أن إنهاء ملف مشكل الصحراء لصالح المغرب هو بمثابة زلزال سيهز قصر المرادية و من وراءه المؤسسة العسكرية المتحكمة في مختلف قرارات الدولة فقد شكل هذا الملف إلى جانب موضوع الإسلاميين الذي تفجر خلال عشرية الدم ورقة لصرف أنظار الرأي العام الداخلي للقفز عن مطالب الإصلاحات الدستورية و الحريات السياسية و الاقتصادية ،كما أن خطوات الرباط في تعزيز دولة المؤسسات و مجتمع المواطنة والحداثة و حقوق الإنسان هي تهديد لاستمرار حكم الجنرالات،أما اسبانيا فإنها لا تنظر بعين الرضى و الاطمئنان للأوراش الاقتصادية الكبرى التي تعرفها مناطق المغرب الشمالية و تحولها إلى وجهة للرساميل الأجنبية على حساب المناطق الجنوبية لاسبانيا مع عودة الاديولوجية الفرانكاوية وسط النخب السياسية و الفكرية التي تعمل على استعادة الدور في مستعمراتها السابقة، لهذا فالجزائر و مدريد في علاقتهما مع المغرب تتقاطع رؤيتهما في إضعاف الرباط و إرباك الساحة الداخلية و العمل على جرها إلى انزلاقات تفتح باب الفوضى و عدم الاستقرار.
إن الرباط تستطيع قلب معادلة الصراع و النزاع و نقل المعركة من الداخل المغربي إلى الداخل الجزائري و الاسباني فدعم حقوق المناطق التي تتواجد في الجزائر- القبايل - و اسبانيا- الباسك - الاستقلالية و ملفات الهجرة و التهريب و المخدرات و الإرهاب و تحريك اليد العاملة أرواق ضغط قوية متى توفرت الإرادة السياسية بدفع الأمور إلى المواجهة و التصعيد،مع الاستفادة من الأزمة الداخلية التي تعيشها البوليساريو بفتح قنوات الحوار و التواصل مع الأصوات الداعمة للحلول السياسية كخط الشهيد و تيار مصطفى سلمه ولد سيدي مولود و فرضها على الساحة الدولية و الإصرار على حضورها في مفاوضات السلام الذي ترعاها الأمم المتحدة إلى جانب تيار عبد العزيز المراكشي، و هذا يستلزم دبلوماسية نشطة مقنعة منفتحة على كل الأطراف التي تصنع القرار الدولي.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !