المغرب النفطي
لهت وراء سراب أم واقع قابل التحقيق؟
إدريس ولد القابلة
منذ انكشاف "كذبة تالسينت " ازداد هاجس التنقيب عن البترول، سعيا وراء إيجاد آبار محتملة للنفط أو الغاز أو هما معا. وتقوى هذا الهاجس بصورة لافتة وغير مسبوقة، مع استمرار ارتفاع أسعار المحروقات في الأسواق العالمية وتصاعد فاتورة الموازنة التي أرهقت كاهل الميزانية العمومية.
ورغم أن حظوظ وجود الذهب الأسود في البلاد تظل محدودة، إلى حد الساعة، إلا أن الآمال قائمة، سيما أن شهية الشركات العالمية الكبرى للتنقيب كبيرة ، وهي لا تستبعد وجوده في المغرب، مادام موجودا بكميات وافرة في صحراء الجارة الشرقية الجزائر، واستكشف أخيرا في بطن تراب موريتانيا الجارة الجنوبية .
ويبدو أن نهج التعاطي مع إشكالية التنقيب عن النفط ببلادنا زاد ارتباكا منذ "كذبة تالسيبت". وهذا ما يجعل المغاربة لا يكادون يفقهون شيئا بخصوص هذه الإشكالية. فلما صرح الوزير محمد نجيب بوليف، في جلسة حزبية "مصباحية" خاصة بمدينة طنجة أن المغرب سوف يصبح عما قريب أحد منتجي ومصدري البترول والغاز الطبيعي، جاءت ردة فعل المكتب الوطني للهيدروكاربوات والمعادن توا. أكدت أمينة بنخضرا أنه وجب انتظار من 8 إلى 12 سنة للتأكد من الاحتمالات التي صرح بها الوزير المذكور. وحسب العالمين بخبايا الأمور، إن المشكل ليس في فحوى ما صرح به الوزير، وإنما في المقام والأجواء والمكان الذي تم فيه، إذ أن اجتماعا حزبيا خاصا ليس هو الإطار المناسب لتصريحات بالغة الأهمية من قبيل اكتشاف النفط، علاوة أن مثل هذه التصريحات ليست مخولة لشخص من عيار بوليف.
لكن مهما يكن من أمر، هل يوجد النفط والغاز الطبيعيبالمغرب؟ وماذا ينتظر المغاربة بهذا الخصوص؟
حسب الشركات الأجنبية
نحن أصحاب نفط وفير وعلينا التعامل بـ "بترودرهم"
من حين لآخر تخرج علينا إحدى الشركات الأجنبية بمعطيات نفطية وغازية تسيل اللعاب. فالشركة"تانجير بتروليوم" الأسترالية " الحائزة على امتياز التنقيب بطرفاية وضواحيها كشفت على احتياطي نفطي يفوق 5 مليار برميل، وهذا يكفي لتغطية حاجيات المغرب ما يفوق 400 سنة ما دام أن 12 إلى 15 مليار برميل التي قيل سنة 2000 تم العثور عليها بتالسينت تكفي المغرب لمائة سنة أو يزيد.
كما أن الشركة الإرلندية "سان ليو إينيرجي" أفادت بإمكانية استخراج 62 لترا من الزيوت من كل طن من الأحجار النفطية. وكلما تسربت مثل هذه الأخبار نظر القيمون على الأمور بحسرة شديدة إلى فاتورة المحروقات أنها تقدر مخزون النفط بمنطقة فم درعة وسيدي موسى بأكثر من ملياري برميل وكميات كبيرة من الغاز الطبيعي في الزاك. في حين أعلنت شركة "أبريكوط" عن احتياطي قدره 584 مليار برميل.
أما الشركة الأسترالية "بورا فيدا" فقد كشفت عن وجود البترول بكميات وافرة بالساحل المغربي يتجاوز مخزونها 3 ملايير برميل.
وتظل القاعدة السارية المفعول، كلما طل علينا إعلان نفطي أو غازي تلاه صمت عوض المتابعة، وتمر الأيام وكأن شيئا لم يكن. هذا هو حالنا منذ أكثر من 5 سنوات.
كما أن مثل هذه الإعلانات في هذه الظرفية من شأنها أن تذكي المزايدات بخصوص ملف وحدتنا الترابية، وكذا "تبريد" حرارة بداية انتعاش العلاقات مع جيراننا.
لكن الأهم من هذا وذاك، ما هو الغرض الحقيقي من تناسل مثل هذه الأخبار؟
يقول العالمون بخبايا الأمور أن الغرض منها بالأساس ليس هو الإقرار بواقع الحقيقة وإنما هو الرغبة في زيادة من قيمة سهم الشركة المعنية لحصد المزيد من الأموال.
فهل هي خدعة في نهاية المطاف؟
لكن الأهم هو لا وجود لنفط بالمغرب إلا بعد الإدلاء بالحجة والبرهان، وإلى ذلك الحين فليقولوا ما يحلو لهم.
الاهتمام المتزايد بعمليات البحث والتنقيب عن البترول
عبرت أمينة بنخضراء، عندما كانت وزيرة، عن تفاؤلها بخصوص المستقبل، حيث أكدت ان دراسات استكشافية لشركات دولية أشارت إلى مؤشرات تقنية مشجعة، وهو ما جعل المكتب الوطني للهيدروكاربورات يعد برنامجا استثماريا واسعا للتنقيب عن النفط والغاز في السواحل المغربية وفي أكثر من منطقة ، وتزامن هذا مع الاهتمام المتزايد بعمليات البحث والتنقيب عن البترول في المغرب، حيث عرف هذا الميدان إقبالا كبيرا من قبل الشركات النفطية العالمية منذ سنة 2008، حيث عملت 28 شركة في إطار 10 رخص امتياز تغطي مساحة إجمالية تقدرب 117 كلم مربع، و 110 رخصة بحث تغطي مساحة إجمالية تقدر ب 196 ألف و 386 كلم مربع، و 7 رخص استكشاف تغطي مساحة تقدر بـ 128 ألف و 183 كلم مربع. كما ظلت العديد من الشركات الدولية تعبر عن رغبتها في المساهمة في المشاريع الاستثمارية للتنقيب عن النفط في المغرب. وفي غضون سنة 2008 تمكن المكتب الوطني للهيدروكاربورات من جمع حوالي 55 مليون دولار من السوق الدولية بهدف القيام بحفر 15 بئرا استكشافية.
ففي مجال التنقيب عن النفط، يعتمد المكتب الوطني للهدروكاربورات والمعادن، أساسا على الاستثمار الأجنبي، إذ لا يساهم إلا بنسبة 10 في المائة تقريبا من الاستثمار الإجمالي.
وشمل ميدان الاستكشاف والإنتاج في نهاية العام الماضي 70 رخصة للتنقيب، تغطي ما يناهز 130 ألف كلم مربع 58 رخصة بحرية و12 برية، وخمس رخص دراسات استطلاعية برية تغطي 87 ألف و993 كلم مربع، مع وجود رخصة واحدة بحرية تغطي ما يناهز 110 الاف و400 كلم مربع و16 امتياز بري تغطي ما يناهز 165 كلم مربع.
يقد دأبت أمينة بنخضراء المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن على التأكيد أن المكتب المذكور وشركاءه مقتنعون أكثر من أي وقت مضى بأن حظوظ تحقيق اكتشافات هيدروكاربورية تجارية بالمغرب مازالت قائمة، وأن مختلف الدراسات الجيولوجية والجيوفيزيائية والجيوكيمائية التي أجريت في الأحواض الرسوبية البرية والبحرية بالمملكة أبانت عن احتمال وجود مكامن نفطية ملائمة لتجمعات النفط.
كما سبق لأمينة بنخضرا أن أوضحت، خلال اجتماع المجلس الإداري للمكتب، الذي ترأسه فؤاد الدويري، وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، في معرض حديثها عن حصيلة أنشطة المكتب برسم سنة 2011 الماضية، أنه تم إنجاز ست دراسات تخص ست آبار جديدة للبترول والغاز الطبيعي تم اكتشافها بالمغرب، وأظهرت التجارب التي أجريت عليها أن نتائج اثنتين من هذه الآبار إيجابية.
أما بخصوص ما أعلنته الشركة الأجنبية بخصوص بترول فم درعة وسيدي موسى، أقرت بنخضرا أن تلك الشركة سالفة لم تعلن عن وجود اكتشافات بترول، بل ألمحت فقط إلى وجود موارد محتملة في المنطقة. وهذا ما يزيد الطين بلة عند المواطن حيث لا يعرف الجهة التي تتملك أكثر قسط من الحقيقة.
عمر بوزلماط سبق وأعلن وجود البترول لكنه سجن
يقول عمر بوزلماط:
سبق لشركة « بتروناس الماليزيــــــــة « PETRONAS » أن كشفت عبر برقية الكترونية أنه لا أمل في الحقل النفطي قبالة ســــــــــــــــــــلا والرباط لأن سمك الطبقة النفطية 6 الى 14 أمتار وامتدادها ضيق وانتشار النفط في الصخور ضعيف مع درجة كبير من الكبريت ، اضافة أنه حقل بحري لا جدوى منه . وهي قضية تطرق إليها عمر زلماط قبل الشركة بكثير بكل هذه المعلومات وبدقة ، لكن لم ينتبه إليه أحد، بل قدم للمحكمة كدركي بتهمة إفشاء أسرار.
إن المنطقة التي أعلنتها الشركة المذكورة تعتبر امتدادا للحقل العملاق الذي يمتد من جنوب البيضاء إلى الصويرة ويتجاوزها بـ 10 كلم غربا, على طول أو مسافة 265 كلم تقريبا , مما يعني أن هذه الشركة قد وضعت يدها على شطره الغربي بطريقة جد مؤكدة , وقد صرحتْ رسميا سنة 2007 بأنه الحقل الوحيد في المياه العميقة , وهو فعلا الحقل الوحيد, يعني هذه بداية التوغل والاكتساح ثم السيطرة تدريجيا على الحقل العملاق والاستعداد لاستنزافه, وهم يعرفون جيدا أن امتداده لا يتوقف في مساحة الرخصة , بل ذات امتداد طويل اتجاه الشمال , أي اتجاه اسفي ثم الواليدية ثم الجديدة حتى اثنين أشتوكة أي جنوب البيضاء .
وللإشارة , فإن الشركة كانت في تناغم وتوافق المعلومات التي أدليت بها بتاريخ 7 يونيو 2007 ، إذ قلت بالحرف :اكتشاف أكبر حقل بترول في العالم بالمياه الأطلسية المغربية الذي يمتد من جنوب البيضاء حتى الصويرة , وبطول 265 كلم تقريبا وحينها سخر مني البعض وها هي شركة تأتي من وراء البحار لتشفط ¾ من مخزون نفط الوطن, أي 75/100... فيا لها من غصة في القلب .. غصة في القلوب المتشبعة بالوطنية طبعا , ولكن على كل حال فهنيئا لهذه الشركة, وأن مرحلة تقسيم الشركات الأجنبية لهذا الحقل العملاق إربا إربا في الطريق ..
ملحوظة: كان الدركي بوزلماط قد كاتب جهات مسؤولة وأخبرها بكل البيانات منذ 2007 يكن لم تأبه للأمر، وعندما علم أجنبية بدأت تحصل على امتيازات التنقيب قرر نشر ما اكتشفه لعل وعسى أن ينتبه المسؤولون للأمر إلا أنه سجن
لكن ماذا يريد المواطن؟
عموما لازال المواطن مبعدا كليا عن إشكالية وجود البترول بوطنه من عدمه. إن الأغلبية الساحقة من المغاربة لا علم لهم بالموضوع، وأقلية منهم سمعوا "طشاش" بهذا الأمر. إن ما ينتظرونه من القيمين على الأمور هو موقف رسمي تدلي به الجهات المسؤولة كلما استجد أمر بخصوص هذه الإشكالية، وذلك لحسم الجدل واللغط، وإزالة الضبابية، بإعلان نتائج الأبحاث والدراسات التي أجريت في هذا الشأن، سواء أكانت إيجابية أم سلبية. هذا هو النهج السليم والمجدي لقطع دابر الإشاعات.
إن فشل عمليات التنقيب التي جرت في أكثر من منطقة خلال السنوات المنصرمة، في تحقيق مؤشرات إيجابية حول وجود النفط ، جعل البعض يعتقد أن تكرار العمليات في السنوات الأخيرة، مجرد بحث عن وهم، وعبارة عن مطاردة لسراب آمال تحقيقه تبقى منعدمة. ويساهم صمت الجهات المسؤولة وصاحبة الاختصاص بقوة في تكريس هذا الاعتقاد وكذا الشك فيما تصرح به الشركات الأجنبية من حين لآخر، سيما وأن كذبة تالسينت مازالت شاخصة أمام الأنظار.
حتى المتتبعين لما ينشر ويتداول بهذا الخصوص يجدون أنفسهم في حيص بيص، حائرين بين التفاؤل المفرط الذي تعبر عنه الشركات الأجنبية صاحبة الامتياز، وبين التشاؤم الذي يشي به الصمت المطبق للجهات المسؤولة التي لا تحرك ساكنا، ولو حصل أن تحركت، فإنها تزيد المشهد ضبابية وترفع من درجة حيرة المتتبعين.
ويعتقد كثيرون أن الظرفية ليست مناسب لمثل هذه الاعلانات المتفائلة أكثر من اللزوم.
المغرب بدأ الاستعداد ولوج مرحلة استعمال الغاز الطبيعي منذ 2006
أكد فؤاد الدويري، وزيرالطاقة والمعادن،في آخر لقائه مع الكونفدرالية العامة للمقاولات المغربية أن مستقبل المغرب الطاقي يرتكز على الغاز الطبيعي وأنه يتوفر على ما يكفيه منه لأكثر من 200 سنة، وذلك في معرض تجنبه للإجابة على سؤال بخصوص مدى مصداقية ما تم الإعلان عنه حول وجود كميات هائلة من المحروقات ببلادنا.
في سنة 2006أعلن الرئيس المدير العام لشركة سامير جمال بعامر، العزم على تنويع المصادر الطاقية والتخفيف من حجم الفاتورة النفطية بعد ارتفاع أسعارالبرميل في السوق العالمية.
آنذاك كانت وزارة الطاقة والمعادن والمكتب الوطني للكهرباء وشركة سامير ومجموعة " أكوا " وقعوا على اتفافية شراكة تروم إقامة البنيات الضرورية من أجل إدخال الغاز الطبيعي إلى المغرب وتعميم استعماله وجعله في المتناول بأقل كلفة. وتكلفت الحكومة،وفتئذ، ب،وفتئذ، بعداد الإجراءات القانونية والتشريعة المصاحبة من أجل تحقيق هذا المشروع الضخم.
لقد استهدف المخطط إنعاش استعمال الغاز الطبيعي وتنمية الطاقات المتجددة وضمان تزويد السوق الداخلي والقيام باستثمارات جديدة في مجال بنيات الاستقبال والتخزين وعقلنة استعمال الطاقة من خلال تحسيس المستهلكين وتحسين الإنتاجية بهدف التقليص من الكثافة الطاقية لنسيج الإنتاج الوطني، وكذا تكثيف التنقيب عن النفط من خلال التركيز على السواحل.
آنذاك استغرب المحللون لاقتصاديون ولازالوا يستغربون كيف أن المغرب رغم كونه بلدا غير منتج للنفط، ظل يعتمد بشكل كبير في موارده الطاقية على النفط، إذ لم يتعد استعماله للغاز الطبيعي 0.36 في المائة، في حين يبلغ في البلدان المجاورة 22 في المائة بالجزائر، و12 في المائة بمصر و9 في المائة بتونس، وهي نسب تبقى أقل مقارنة مع الدول الأوروبية والأميركية.
ولربما إن ثقل الفاتورة النفطية على ميزانية الدولة ،والذي لم يعد محتملا، هو الدافع إلى البحث من أجل بلورة سياسة طاقية تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات والتطورات المتلاحقة في سوق النفط العالمية.
وقد أشارت دراسة لمديرية الدراسات والتوقعات المالية، أن المخطط الوطني للغاز يستهدف تحقيق نسبة استعمال للغاز كمصدر للطاقة في حدود 23 في المائة في أفق 2020، حيث يتوقع أن يبلغ الاستهلاك الوطني منه حوالي 5.1 ملايين متر مكعب، 3.3 ملايين منها ستخصص لإنتاج الكهرباء و1.8 توجه لباقي الاستعمالات. علما أن كل مليار متر مكعب من الغاز يستعمل في إنتاج الكهرباء، سيوفر اقتصاد 100 مليون دولار، مقارنة مع استعمال الفحم أو النفط، أي ما يساوي حوالي 6 في المائة من فاتورة الطاقة الوطنية.
هل يوجد النفط بالمغرب؟
هل يوجد النفط بالمغرب؟ سؤال لازال يحير الكثير من المغاربة، ومن المعلوم أن السلطات الاستعمارية، سواء الفرنسية أو الإسبانية، وكذلك العمالقة السبعة الذين كانوا يتحكمون في النفط بالعالم منذ اكتشافه اهتموا بمنطقة شمال إفريقيا، وقاموا بأبحاث ودراسات أهمها أنجزت في فجر الستينيات من طرف بعض الشركات البترولية العالمية منها "شل" و"طوطال"، وقد خلصت في النهاية إلى عدم وجود النفط في المجالات البرية بالمغرب وبأغلب المناطق الصحراوية، مع التأكيد على احتمال كبير جدا لتواجده بعرض البحر بالمياه الإقليمية في الجنوب والوسط والشمال.
والآن يبدو أن الجهة الأكثر تأهيلا بالمغرب للجواب على السؤال الذي لازال يحير المغاربة، هو المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن.
وما هو مؤكد ولا يحتاج لبرهان أن جملة من الشركات العابرة للقارات ومتعددة الجنسيات، اهتمت بإشكالية النفط ببلادنا، ومنها الشركة الفرنسية إلف طوطال ، التي لم تكن تولي الاهتمام لهذا الموضوع خلافا للشركات الأخرى، علما أن "طوطال"، الشركة الأم، كانت من ضمن الشركات التي أنجزت أبحاثا وتنقيبات بالمغرب في فجر الستينيات.
فهل يوجد النفط بالمغرب؟ لازال المغاربة ينتظرون الجواب على هذا السؤال، لاسيما بخصوص المغرب البري.
وتناسل الإشاعة والدعاية، ما هو في نهاية المطاف إلا نتيجة لحرمان المغاربة من حقهم في المعلومة، أي معرفة ما يقع، فكل حدث يهم البلاد لابد من تفسيره، وفي ظل غياب المعلومة ورفض المصادر الاستجابة لطالبها تنشط آليات التأويل والظن، وليس في صالح القائمين على الأمور أنفسهم.
ضد التيار
لا حاجة لنا لنفط
في خضم الجدال حول وجود النفط من عدمه قال مغربي خبر الحياة وتأملها... نحن نعيش في بلاد منحها الله كل شيء، منحها أولا الاستقرار السياسي والمذهبي، كما منحها موقعا جغرافيا عالميا لا شبيه له، ووهبها الطبيعة الخلابة التي لا تباع ولا تشترى، كما منحها البحار والوديان، والجبال والتلال والصحاري والغابات، منحها الهواء النقي ، ومنح الله شعبها نعمة التمتع بجمال واختلاف الفصول الأربعة، فماذا لو كان في أرضنا النفط والغاز الطبيعي ونحن نستورد الماء والخبز لشعبنا من الخارج، ونستورد حتى الأعلاف لبهائمنا... ماذا لو كنا نمتلك أكبر احتياطي للبترول في العالم، ونحن هنا مجرد حراس له، نتقاضى من المحتكر ثمن خنوعنا. إننا نحمد الله كثيرا على أن المغرب بفقره وقناعة شعبه بعيد عن جميع الدسائس والأطماع، خاصة فيما يخص موارده الطبيعية والمائية التي لايقتسمها مع غيره من الدول الجارة ولا يتحكم فيها أحد، فأنهاره ووديانه تنبع من جباله وتصب في بحاره، واحتياطي الفسفاط الذي لم نعد نسمع أي حديث عنه بعيد عن حدود جيرانه، وكل الطامعين فيه... لو قدر للمغرب أن كان المغرب بلدا نفطيا، لكانت الكارثة أكبر وأعظم، ولتضاعف البؤس والفقر والأمية، ودخل المتقاعدون مرحلة التسول لضعف معاشاتهم، ولا انتشرت الرشوة والمحسوبية، ولعم الغلاء في المواد الأساسية، وانحط التعليم، وأفلس القضاء، ولحرمنا من لذة ونعيم الديمقراطية، ولعشنا زمن البيع والشراء في الانتخابات التشريعية والجماعية، ولأصبح البرلمان مجرد سوق موسمي يدخله الجهلة والأميون ، ولأصبحت الوزارات مراكز للسمسرة وقضاء الأغراض الشخصية، ولتحولت الجامعات إلى مراكز إيواء الفاشلين ...كل هذه الأمور وغيرها تجنبناها بعون الله في غياب البترول من أرضنا ، ونحمد الله على ما وهبنا من رزق حلال نتعب ونعرق من أجل الحصول عليه لنعيش حياة دون شبهات.
المغرب النفطي بعين رياض الصيداوي(باحث في مجال النفط)
يرى رياض الصيداوي،الباحث العربي في مجال النفط، صحيح أن النفط نعمة ولكنه نقمة أيضا واكتشافه في المغرب الأقصى حديثا بكميات وافرة، يعني أن نمطا جديدا من الحياة قد يحل بهذا البلد، فالنفط يفرز عادة ما يسمى في أدبيات علم الاجتماع بالمجتمع النفطي، هذا المجتمع له خصائص عديدة وله إفرازات سياسية متنوعة بل حتى أنه كثيرا ما يحدث نوع من الشيزوفرينيا السيكولوجية فتصاب القيادة السياسية بجنون العظمة وتنظر خارج حدود البلاد لأنها أصبحت متوفرة على وسائل التمويل اللازمة لإدارة النفوذ الوهمي.
من المعلوم أنه حدثت تحولات مجتمعية وليس اجتماعية، في الوطن العربي بسبب النفط، الذي ارتبط بمفهوم الريع وبصراعات داخلية عنيفة حول من يقود البلاد وبالتالي يستحوذ على هذا الريع، كما ارتبط بالحروب الخارجية.
والنفط جعل من الشمال وقيادته قوتان مصممتان على خوض الحروب الخارجية وكسبها لأن في الجنوب نفطا.
وأطال النفط من عمر النزاعات العسكرية والسياسية في أكثر من منطقة. ومن يمتلك سيولة كبيرة منه يستطيع أن يشتري فضاءات سياسية وإعلامية في أي مكان.
فالنفط تسبب حتى الآن في ثلاث مآسي عربية على الأقل: العراق، ليبيا والجزائر.
ويرى رياض الصيداوي، أنه مع وجود النفط بالمغرب واستغلاله، فإن ريعه الجديد سيساعد القيادة السياسية على حل مشكل الصحراء، اعتبارا على ما سيحدث من توازن إقليمي جديد على الساحة، فقوة الجزائر الدائمة ونفوذها في المنطقة ظل يعتمد في أحد وجوهه على ثروتها النفطية الغازية وقدرتها على تمويل العمليات الخارجية.
واكتشافه في المغرب يعني إعادة رسم جديد لتركيبة توازن أقطاب النفوذ في المغرب العربي.
في نظر رياض الصيداوي، فإن الريع النفطي لا يؤثر فقط في القيادة السياسية وإنما يمس حياة المواطن مباشرة.
فالدولة النفطية تصبح دولة الرعاية الاجتماعية، أي أنها تهب مواطنيها كثيرا من الامتيازات المادية والخدماتية المجانية، مثل الرعاية الصحية أو التعليم الجيد أو حتى مساعدات مباشرة (تعويضا للامتيازات العينية التي ظلت قائمة).
ويخلص رياض الصيداوي إلى القول يصبح السلوك سلوكا نفطيا، يفقد المواطن تواضعه وتضعف قيمة العمل عنده، وتصبح علاقاته بالدولة علاقات طمع واتكال، وقد يصل الأمر إلى إعطاء النصيب مقابل الصمت أو عدم المشاركة في السلطة السياسية، لكن بالنسبة لحالة المغرب، مهما تضخم الريع النفطي، فإنه لن يستطيع أن يمس كل السكان، وبالتالي سيكون تأثيره محدودا على سلوكات الأفراد، وباعتبار أن النفط آخر أنماط الديمقراطية في الوطن لمدة لا تقل عن نصف قرن، فإن المغرب سيكون محظوظا لأن العملية الديمقراطية فيه ستكون قد سبقت اكتشاف النفط، وبالتالي فالمفترض أن يدعم النفط، في حالة اكتشاف الديمقراطية، حيث سينفتح النظام أكثر وستتسع المشاركة الشعبية في الحياة السياسية لأنه لن يخاف آنذاك من تحركات الأحياء المهمشة ومن بؤر الفقر، وسيصبح بالإمكان امتصاص خريجي الجامعات والمعاهد العاطلين عن العمل حاملي الشهدات الذين يؤرقون النظام حاليا أخلاقيا واقتصاديا.
والأهم من هذا وذاك أن اكتشاف النفط سيعفي المغرب من "عقدة البترول" ومن فاتورة سنوية باهضة يدفعها بالدولار من أجل استيراد النفط، وبالتالي سيوقف استنزاف ميزانية الدولة ليضخ فيها الأموال عوض امتصاصها.
للذكرى ليس إلا
أول اكتشاف للبترول على صعيد شمال افريقيا كان بالـمغرب
إن أول اكتشاف لهذه المادة الحيوية، على مستوى شمال إفريقيا كان في المغرب، والذي تم بالضبط في سنة 1919 بمنطقة «تسلفات» الواقعة قرب زرهون وسيدي قاسم.
ومن المعطيات التي أدت بالنزر القليل من المهتمين إلى التشكيك في معطى تاريخي سابق. أنه خلال ستينيات القرن الماضي قامت بعض الشركات العملاقة، المتحكمة آنذاك في النفط بالعالم بأسره، (les 7 MAJORS) بمسح شامل وبتنقيب واسع النطاق بجملة من مناطق المغرب في الجنوب الشرقي، وبالصحراء تحت الاحتلال الإسباني وقتئذ، وتبين لها أنه لا وجود للنفط بكميات وافرة في البر المغربي، في حين تأكدت لها جملة من مؤشرات وجوده في البحر، قريبا من السواحل بالمحيط الأطلسي في عدة مناطق، غير أن كلفة استخراجه كانت باهضة آنذاك ومن قبيل المستحيلات.
وتم تضمين هذه المعطيات في تقارير سرية تسرب إحداها إلى الصحافة الأنكلوساكسونية، ونشرت إحدى الجرائد بعضها في فجر السبعينيات، ومن المفروض أن تكون تلك التقارير، أو فحواها على الأقل، في حوزة الجهات القائمة على قطاع المعادن بالمغرب.
علما أن تلك التقارير تضمنت معلومات ومعطيات وافية بهذا الخصوص لأن الشركات العملاقة اهتمت بجدية بهذا الأمر، وكانت قد انطلقت من فرضية امتداد الآبار الجزائرية إلى التراب المغربي، لكن تبين لها وبالملموس أنها ظلت بالتراب الجزائري ولم تتعداه إلى المغرب.
ويبدو أن أبراهام السرفاتي على علم دقيق بتلك التقارير، وهو الذي لم يتردد بنفي ما تم الإعلان عنه بخصوص وجود البترول بكميات وافرة بتالسينت..
وللذكرى ليس إلا... مر على المغاربة ردحا من الأحلام الوردية في السنوات الأولى لحصوله على الاستقلال، عندما كان الشعب يتلقى الوعود تلو الوعود من النخب التي كانت ترفع شعارت فارغة بلا هدف ولا فحوى، مثل الأرض لمن يحرثها، و مداخيل الثروة الفوسفاطية التي تزخر بها الأرض المغربية، ستقسم على المغاربة بالتساوي، وأنهم سيمنحون 10دراهم في اليوم لكل مواطن دون حاجته إلى البحث عن عمل... وهي أولى الوعود التي نزلت ساعتها على قلوب المغاربة البسطاء كالرحمة من السماء إيمانا منهم أن تربة الوطن سترد لهم الجميل، وستعوضهم عن تضحيتهم ووفائهم وتعلقهم به، لقد تلقى المغاربة هذه الوعود سنة 1955، أي عندما كان عدد سكان المغرب يقل عن 10 ملايين نسمة، وقد مرت حتى اليوم زهاء 55 سنة، ولازال أحفاد مغاربة الاستقلال وأبنائهم ينتظرون حتى اليوم تحقيق هذه المعجزة، وتوصلهم بحصتهم من عائدات الفوسفاط المغربي.
الصخور النفطية
أن المغرب يتوفر على العديد من مناجم الصخور النفطية والتي يوجد أهمها في الشمال (طنجة) والأطلس المتوسط -تيمحضيت- والأطلس الصغير -طرفاية-، مضيفة أن المخزونات المحتملة من النفط الموجود بهذا النوع من الصخور يقدر بـ 50 مليار برميل منها2 ,37 مليار فقط في مناجم تمحضيت وطرفاية.
للمغرب قدرات عالية تجعله مؤهلاً لاستغلال هذه الصخور على نطاق تجاري واسع. فهو يمتلك أكبر احتياطي في العالم العربي، بيد أن هذا الاستغلال يصطدم بعدة عقبات ترتبط بالكلفة والبيئة.
تحتوي الصخور النفطية على مواد عضوية نباتية وحيوانية تسمى الكيروجين. لكنها لم تتحول بفعل الطبيعة إلى نفط تقليدي سائل بسبب عدم تعرضها للحرارة خلال فترة كافية. وعلى هذا الأساس تحتوي هذه الصخور على مواد طاقة غير متكاملة التكوين يمكن تسخينها فينفصل الكيروجين عنها ليصبح مادة طاقية سائلة أو غازية. وللصخور النفطية مسميات كثيرة. فهي الصخور الزيتية في البلدان الأنكلوفونية وصخور القار في البلدان الفرانكوفونية. وتسمى الطفلة الزيتية في مصر والسجيل النفطي في سوريا (تلفظ كما جاءت في سورة الفيل في القرآن الكريم).
ويعود اهتمام المغرب بالصخور النفطية إلى نهاية الثلاثينيات من القرن المنصرم حيث قامت السلطات العامة بتأسيس شركة الصخور النفطية في طنجة.
واكتشفت مناجم تمحضيت الواقعة في جبال الأطلس المتوسط ومناجم طرفاية على ساحل المحيط الأطلسي.
وبسبب ارتفاع أسعار النفط عام 1973 وما نجم عنه من تردي حالة الميزان التجاري المغربي طالبت الحكومة من شركة "تسكو" الأميركية تقديم دراسات حول الصخور النفطية في تمحضيت.
وفي عام 1984 تم بناء معمل تجريبي في تمحضيت مول بقرض من البنك العالمي. في تلك السنة قام المعمل باستخلاص النفط من 2500 طن من الصخور. لكن هبوط أسعار النفط التقليدي طيلة الفترة بين منتصف الثمانينيات ونهاية التسعينيات أدى إلى تراجع الدراسات والتجارب والأبحاث. فأعلنت شركة تسكو عن توقف أنشطتها. وبسبب ارتفاع أسعار الخام في السنوات الأخيرة عاد اهتمام المغرب بالصخور النفطية.
التعليقات (0)