مواضيع اليوم

المغرب الكبير و ليس المغرب العربي.

محمد مغوتي

2011-10-04 12:54:33

0

    تعالت أصوات عدد من الجمعيات الأمازيغية المغربية خلال الآونة الأخيرة مطالبة بإعادة النظر في تسمية " المغرب العربي" التي تطلق على التجمع الإقليمي الذي يضم كلا من المغرب و الجزائر و تونس و ليبيا و موريطانيا. و بالرغم من أن هذا التحرك ليس الأول من نوعه على هذا المستوى، إلا أنه بات يستند هذه المرة على مشروعية قوية في ظل الدستور الجديد الذي يقر بالأمازيغية كلغة رسمية في البلاد.
    ما يسمى باتحاد " المغرب العربي" لا يستند إلى أي أساس جغرافي أو تاريخي. و مثلما هو الشأن في " الجامعة العربية" يقوم هذا الإتحاد ( الذي هو حبر على ورق منذ تأسيسه) على أساس عرقي صرف. و هو ما يعني أن المنطقة المغاربية بلاد عربية و امتداد طبيعي للشرق العربي. و ذلك ضدا على أحكام التاريخ و الجغرافيا طبعا. لكن ميل الأنظمة الرسمية في شمال إفريقيا إلى تبني خيار العروبة كانتماء جعل تلك التسمية متناغمة مع هذا الخيار. غير أن الإصلاحات الدستورية التي عرفها المغرب أضافت معطى جديدا يعزز المطالب المشروعة بتصحيح الوضع و تغيير مسمى هذا الإتحاد. فالمغرب لم يعد دولة عربية بالمعنى الذي يختزل الهوية المغربية في هذا الإنتماء الأحادي كما كان عليه الشأن سابقا. و العضوية في منظمة إقليمية عرقية تتناقض مع الدستور المغربي الذي يقر بالهوية الأمازيغية للمغرب إلى جانب العربية طبعا. و هذا يعني أن الإستمرار في الحديث عن اتحاد بصيغة " المغرب العربي" لا يعد تجاوزا لحقيقة الواقع كما يتجلى اجتماعيا فحسب، بل يحمل تناقضا مع التوجه الرسمي نفسه. لذلك ينبغي أن لا يظل مطلب تغيير التسمية شأنا خاصا بالجمعيات الأمازيغية، بل آن الأوان ليصبح مطلبا للدولة المغربية ذاتها. و بدل " المغرب العربي" ينبغي أن يسمى هذا الإتحاد " المغرب الكبير".
    هذه الصيغة وردت في الدستور المغربي المعدل، حيث جاء في ديباجة الوثيقة الدستورية التي استفتي بشأنها المغاربة في فاتح يوليوز الماضي:( ...إن المملكة المغربية، الدولة الموحدة، ذات السيادة الكاملة، المنتمية إلى المغرب الكبير، تؤكد و تلتزم ب... العمل على بناء الإتحاد المغاربي كخيار استراتيجي...). و هذا النص منسجم مع قرار ترسيم الأمازيغية. لكنه يظل في حاجة إلى تفعيل ( كما هو الشأن في عدد من البنود الدستورية الأخرى). و من هنا تأتي مسؤولية الدولة المغربية في دعوة شركائها في الإتحاد إلى تغيير التسمية الحالية، لأنها تقوم على تصنيف عرقي ضيق أصبح متجاوزا في مختلف التجمعات الإقليمية الكبرى التي تتأسس على مقومات جغرافية و اقتصادية و ليست عرقية. و إذا كانت شعوب المنطقة تتوق إلى تحقيق وحدة فعلية، و تجاوز كل العقبات السياسية التي تحول دون بلوغ مطلب الإندماج المغاربي، فإن الغنى و التعدد الثقافي الذي تعرفه هذه المنطقة يفرض أن يتسع هذا الإتحاد للجميع، دون أية وصاية عرقية تذكي النعرات، و تفوت على الأجيال اللاحقة فرصة بناء مغرب كبير يستثمر موارده البشرية و ثرواته الطبيعية في سبيل تحقيق اندماج كامل تلغى معه كل الحدود و الحواجز...
    إن السياسات التي عملت على تعريب المنطقة و التنكر لإرثها الهوياتي الضارب في أعماق التاريخ، جعلت أبناء المغرب الكبير يعيشون استلابا هوياتيا حقيقيا أصبحوا بموجبه عربا بالإلحاق. و هو وضع ينبغي تصحيحه. و ليس في ذلك أي تجن على العروبة أو عداء لها. فمصالح بلدان شمال إفريقيا بشكل عام تتقاطع إلى حد بعيد مع البلدان العربية في الشرق الأوسط و الخليج، لكن ذلك لا يعني تذويب كل المكونات في عنصر أحادي يلغي التعددية و يؤسس للإنغلاق و مركزية الأنا.
            محمد مغوتي.04/10/2011.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !