مواضيع اليوم

المغرب :في الواقع المأزوم ....الأوهام والمنزلقات

 

الكل يكاد يتفق على أن حركة التعبير السياسي والاجتماعي قد انتهت إلى دون رجعة .والاهم أن بلدانا مثل المغرب في الغرب الاسلامى والأردن بوسطه قد خرجتا من مصير مجهول ونجحتا في الخروج من عنق زجاجة كادت لو تطورت الأمور وحسب طبعا معايير التغيير وتطوراته التي حدثت في مصر وتونس وليبيا .كادت أن تغير ملامح البلدين وطبعا لاشك أن طبيعة البلدين تجعل من نظامهما أكثر صلابة وقدرة ومرونة على مواجهة الصعاب .
لكن المواجهة يجب ان تكتسي طابعا أخلاقيا إنسانيا بمعنى أدق إن المغرب مثلا يجب أن يواجه حركة التعبير السياسي والاجتماعي بعقلية المحاور البناء الذي يستطيع أن يقدم تنازلات هي لصالح الشعب وانتصارا لإرادة الحكم الرشيد الذي ننشده دائما في إطار نظام ملكي قوى ومتماسك يكتسب قوته من حبه لشعبه وممارسته للفعل الديمقراطي بشكل شفاف ومعقلن .
الحكم الرشيد يتجلى أساسا في الحكامة الجيدة ،ناهيك عن الخطاب المتزن الذي يدركه الناس باعتباره ليس خطابا حماسيا او بدافع ملك قلوب الناس والاستحواذ عليه وإنما التطلع لمطالبهم و تحسيسه بإمكانية إحداث التغيير المطلوب .وقد يرتكز الخطاب المسيس على نماذج من خطب تستهوى عطف الناس لكن دون ان تعبر عن حقيقتهم ،فلا يعقل مثلا الادعاء بالقدرة على تغيير ملامح البلد والقضاء نهائيا على الفساد والتسيب داخل الإدارة مثلا .فهل العاقل يخرج هذا الكلام ويعبر به أمام الملأ كسبا للتعاطف واستجلابا للأنصار ومثال ذلك ان تنظيم "حزب العدالة والتنمية "كرس خطابا يستخف بأبناء الشعب عندما نظم الحفلات والمسامرات الشعبية تحت غطاء "صوتوا لأجل تغيير حقيقي "وقد لا يختلف اثنان حول نوايا الحزب الحسنة /لكن النوايا لا تنفع في زمن تقلبات الدهور وتنفس الناس شعائر الحرية .
إن شعار "الإسلام هو الحل "أصاب البعض بالغثيان ،ولاسيما من يدافعون عن هذا الحل لأنهم وجدوا ان تطبيقه من سابع المستحيلات في وقت يعرف الجميع والأقل حنكة ودراية بالسياسة. إن بلدانا لا تستطيع إنتاج قمحها و فولها كيف لها أن تنشد خيارا من حمولاته الاستقلالية التامة والكاملة .بمعنى آخر إن الإسلام هو الحل ممكن وواقعي لو أسسنا مجتمعات تعتمد على نفسها وتملك الاستقلالية والقدرة على النهضة دون تدخل أو دعم خارجي.انه حل لو ان الناس اجمعوا على جعله كذلك ويتطلب ذلك إفهام الناس ان الخطاب الاسلامى يحمل في طياته مرتكزات اقتصادية واجتماعية وان تصوراته كافية بإخراج الأمة0 من براثين التبعية إلى التحرر والاستقلالية .وهذا ممكن لو استطعنا تأسيس فعل ديمقراطي يسمح بتجاوز الخطاب التقليدي الى خطاب يراهن على إفهام الناس ضرورات التحول ومنها الأساس الاسلامى .
.ان غياب مرحلة النضج لدى الشعب يقبر كل توجه نحو الاستقلالية .لذلك فالدعوة لإنشاء حلول إسلامية لمشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية هي ضرب من الأوهام.وتتحول الشعارات الى مناشدة للتصويت على برنامج لن يفعل إلا بشروط موضوعية .
انه لمن الجهالة مخاطبة الناس باستخفاف ،بل يعتبر مدعاة للسخرية دعوة الناس للتصويت لصالح برنامج يغلب عليه الرهان على اللا معقول و اللا واقعي .فالقضاء على الأمية ممكن لكن الذي يستحيل القضاء نهائيا على اقتصاد الريع دون ان تملك جرأة زائدة وشجاعة كبيرة .وانه لمن غير المستحيل إجراء تعديلات على النظام الاقتصادي والاجتماعي ليكون رحيما. لكن من المستبعد إقامة نظام العدالة والحق دون القدرة على الفعل ..فالجرأة ليست في الشعارات الرنانة الكاذبة أو التي تحمل صاحبها على الكذب والتحامل ،لان الكذب ابتذال ومن شانه خلق أجواء تنعدم فيها الثقة بين المواطن اليأس الذي يريد تغييرا على الواقع والحزبي المتنطع الذي يختار الكذب لأجل كسب ود المواطن .
الكذب بصفة عامة اجتماعيا كان او اخلاقيا او سياسيا ملازم للطبيعة الإنسانية ،فلزمنا القول بان الإنسان حيوان كاذب ،فهل الكذب وصف سياسي ؟لقد تعلمنا من خلال ما لاحظناه من تجارب الحملة الانتخابية أن الكذب يبقى صفة مميزة لصيقة بالمرشح وبرنامج الحزب .و الاغبى و الافضح ان يظهر الحزب الفائز عدم قدرته على تطبيق شعارات الحملة الانتخابية .تاركا المواطن يعود لحقيقة واحدة ان السياسة كذب على الرغم من ان الكذب له قيمة كما يقول فولتير .
السياسة كذب شعار المواطن في واقعه المأزوم .والكذب يلجأ إليه السياسي الذي لن يكف عن ترديد اسطوانة ان قول الحقيقة تتسم في الأكثر بالعطالة ،اى بعدم القدرة على التعبئة والتحريك ،ومن ثم من يصر على قول الحقيقة عارية حافية القدمين يكون ماله الفشل حتما في السياسة ،لان الجماهير الشعبية ،مصدر قوة السياسي ،لن يتعبه ،مادامت الحقيقة لا تحرك فيهم سكون وجدانهم ولا تستثير خيالهم وتؤجج أمالهم .وهذا ما دفع حنا ارندت الى القول "الحقيقة بطبيعتها لا سياسية ".
فليعد المواطن الى عالمه الحقيقي عالمه المأزوم فذلك أفضل من إشارات الإصلاح والتغيير التي لن تبعث فيه الامل بغد أفضل ،بل ستهز كيانه وتدخله في عالم الغرابة والتيه . 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !