كما كان متوقعا، زفت نعم إلى صناديق التصويت، بنسبة تعيد الذكرى إلى زمن ليس ببعيد، و بمشاركة عالية فاقت توقعات المقال السالف، وزير الداخلية و في نتائج جزئية (% 94 من مجموع الفرز)، أوضح أن نسبة المشاركة بلغت حوالي %73 و نسبة المصوتين بنعم بلغت %98، أعلى نسبة مشاركة كانت في الأقاليم الصحراوية ( مثلا جهة وادي الذهب بلغت فيها نسبة المشاركة% 92).
نصر ساحق للملك محمد السادس كما أوردت وكالة الأخبار رويترز، وزير الداخلية قال أن الدستور مر في أجواء عادية، نصر آخر للدولة تمثل في الإشادة الدولية بنتائج الإستفتاء و الأجواء التي مرت فيه، لا مجال إذن للتشكيك في عملية التصويت، لا خروقات لا تزوير مادام الغرب قد أشاد.
رهان الدولة كان هو حجم المشاركة و ليس التصويت بنعم، لأن القوم انقسموا لمصوت بنعم أو مقاطع لعملية التصويت برمتها، أمل حركة 20 فبراير و جماعة العدل و الإحسان هو المقاطعة الكبيرة للإستفتاء، وضعت الدولة كل ثقلها لإنجاح الإستفتاء و لوباستعمال طرق غير مشروعة حالفها في ذلك أن مغلب الأحزاب و النقابات و الجمعيات المدينة و الحقوقية تصبو إلى نفس الهدف، مشاركة عالية تعني عودة الثقة بين المواطن المغربي و العمل السياسي، أي تجاوز ضمني لفاجعة انتخابات 2007 التي عبرت عن سخط الشارع المغربي على الأحزاب السياسية و على العملية السياسية، هل حقا تصالح الشارع المغربي مع نخبته السياسية و الحزبية؟
نسب تجاوزت %80 بل و %90 في مناطق عدة، لولا الداربيضاء لكان نسبة المشاركة بلغت الثمانين في المئة، رغم ذلك جماعة العدل و الإحسان ترى أن نسبة المشاركة لا تتعدى %36.97 و أن الاستفتاء كان " مخدوما"، بطبيعة الحال الحركة و الجماعة لن تقبلا بالنتائج و ستعملان على المضي قدما في طريق الإحتجاجات. فيديوهات و تقارير تناثرت على مواقع الكترونية كشواهد على بعض التجاوزات التي شابت الإستفتاء، غير أنها قليلة، لم تستطع الحركة بشبابها إثبات حجم التجاوزات، رغم ذلك هي تشكك في العملية و تدعو شبابها إلى الخروج يوم الأحد للتظاهر، كيف سيكون تعامل الدولة مع تحركات الحركة في القادم من الأيام إذن؟
من جهة أخرى، كان أن أرسل زعيم جبهة البوليساريو رسالة للأمم المتحدة يرفض فيها إجراء الإستفتاء في الصحراء الغربية و ذكر أقاليمها في الإستفتاء، ما يسمى بانفصاليي الداخل وزعوا مناشير للمقاطعة، رد الدولة كان من خلال تسجيل أعلى نسب مشاركة في الأقاليم الجنوبية كما أسلفت، هل هو تدبير محكم أم هبًة عفوية من مواطني الصحراء؟
الدولة نجحت في إختبار الشعبية و الشرعية، المغرب الآن بدستور جديد، لكن المغرب أيضا يتوفر على نخبة سياسية هرمة متآكلة، باب الإصلاح الحقيقي يفرض تغييرا جذريا في هذه النخبة الحزبية، تغييرا جذريا في أساليب الدولة و السلطة و تعاملها مع المسألة الديموقراطية التي تفترض الحيادية و إحترام حرية التعبير، الخطوة التالية إذن فرصة للإطلاع على مدى جدية الدولة و كذا الأحزاب السياسية في مسيرة الإصلاح و التغيير.
التعليقات (0)