أصبح من المؤكد أن قائمتي المالكي وعلاوي هما القائمتان اللتان ستحتلان المركزين الأول والثاني في الأنتخابات النيابية العراقية . كما أصبح واضحا بأن الفارق لصالح الأول او الثاني سوف لن يتعدى الخمسة الى عشرة اصوات على ابعد تقدير . لذا فأن فرصة أي من كتلتي المالكي أو علاوي لتشكيل حكومة أغلبية بمفردهما باتت ليست صعبة جدا فقط . بل ومستحيلة .
فبحسب النتائج المعلنة فأن أي من الكتلتين سوف لن تحصل على اكثر من مئة مقعد برلماني ألا بقليل "هذا بعد التفاؤل بحساب المقاعد التعويضية وأصوات العراقيين في الخارج ". وهذا العدد من المقاعد ينقص بحوالي ستين مقعدا عن المئة وثلاث وستين مقعدا المطلوبة من الكتل الفائزة لتشكيل الحكومة ، واللتي تمثل نسبة الخمسين بالمئة زائد واحد .
أما ما يتوقعه الخبراء بالنسبة للكتلتين الكبيرتين اللتين ستحتلان المركزين الثالث والرابع وأعني بهما الائتلاف الوطني بزعامة عمار الحكيم ، والائتلاف الكردستاني بزعامة طلباني وبرزاني . فأن التائج المعلنة بعد فرز ما يقارب 90% من الأصوات تشير الى أن الوطني سيحقق ما يقارب السبعين مقعدا تزيد أو تنقص بقليل . والائتلاف الكردي سيحقق ما يقارب الأربعين صوتا تزيد أو تنقص بقليل .
بدون الدخول في تفاصيل الحسابات المعقدة للمقاعد اللتي ستحصل عليها الائتلافات الصغيرة والمستقلين . فأن أي مراقب عادي للأنتخابات العراقية سيعرف بسهولة أن كتلتي علاوي والمالكي لايمن أن يشتركا في حكومة واحدة . وأن أحداهما ستكون داخل الحكومة وستكون الأخرى في المعارضة بالتأكيد .
ومما لا شك فيه الآن هو أن هاتين الكتلتين ستحتاجان بشدة لأحدى كتلتي الوطنية والكردستانية لتشكيل ائتلاف جديد يستطيع أن يضمن المئة وثلاث وستين مقعدا اللازمة لتشكيل الحكومة .
قد لا يضمن دخول أي من القائمة العراقية أو دولة القانون في تحالف مع الائتلاف الكردستاني لوحده العدد اللازم لتشكيل الحكومة ، ينما يضمن ذلك الدخول في تحالف مع الائتلاف الوطني . ولكن تبقى الشراكة مع الائتلاف الكردستاني ضمانة أكيدة لكتلتي علاوي والمالكي لتشكيل الحكومة المقبلة . فعند أذ يصبح الحصول على مقاعد أحزاب صغيرة منشقة ومقاعد مستقلين سهلا . وبالتالي تحقيق المقاعد المطلوبة لتشكيل الحكومة .
أما أذا أستطاعت أحدى كتلتي علاوي او المالكي من الدخول في تحالف حكومي مع الائتلافين الكردستاني والوطني معا فأن هذا لا يضمن تشكيل حكومة غير قابلة للأزاحة أو المعارضة فقط . بل وحكومة قادرة على أقرار أي قانون تريد وأي قرار يعجبها .
ولكن ماذا تعني هذه النتائج لعملية تشكيل الحكومة العراقية القادمة ؟ .
يتكون الائتلاف الوطني بزعامة الحكيم من خليط من الأحزاب والتيارات الدينية ، مطعم ببعض الشخصيات ورؤساء العشائر . ولكن يبقى المجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم والتيار الصدري التابع لمقتدى الصدر أهم قوتين في هذا الائتلاف ، ويشكلان معا العمود الفقري له .
وتقول الأحصائات بأن التيار الصدري قد أستحوذ على خمسة وسبعين بالمئة من الأصوات اللتي حققها الائتلاف الوطني . أي أنه سيمتلك ما يقارب الخمسين مقعدا في البرلمان القادم .
ويسمي العراقيون ومعظم وسائل أعلامهم ، والكثير غيرهم ائتلاف التحالف الوطني بائتلاف المعممين . وذلك بسبب كثرة المعممين في صفوف المجلس الأعلى والتيار الصدري . كما أن زعيمي هذين الائتلافين ، عمار الحكيم ومقتدى الصدر محسوبان "مع تحفظي الشخصي" على رجال الدين المعممين .
الجميع يعتقد أن التحالف الكردستاني قد أستطاع تحقيق كل المكاسب اللتي بأستطاعته الحصول عليها خلال الدورة البرلمانية السابقة عبر تحالفه مع حكومة المالكي اللتي أتسمت قسرا بالمحاصصة الحزبية . "بأعتبار أن مسألة تحقيق أجماع برلماني كافي لدمج كركوك بأقليم كردستان تعتبر من سابع المستحيلات" . لذلك تبقى مسالة حفاظ التحالف الكردستاني على هذه المكاسب برمتها مسألة مشكوك فيها ، نتيجة تغيرات ما بعد 7 آذار (مارس) . وحتى لو أحتفظ الكردستاني بمكاسبه السابقة (وهذا أنجاز ممتاز) ، ألا أن ذلك لا يمكن تسميته بمكاسب جديدة مضافة الى رصيده .
ألا أن هذا التغير المفاجيء في الخارطة السياسية قد يعني شيئا مؤكدا واحدا . وهو أن الائتلاف الوطني ، وخاصة التيار الصدري سيكون بأمكانه فرض شروطه على أي تحالف يود الدخول معه في ائتلاف حكومي ، والحصول على معظم ما يريد من وزارات وأمتيازات بسهولة ويسر .
فلقد بات واضحا أن مقاعد "المعممين" السبعين تمتلك قوة ضاربة كبرى تستطيع ترجيح كفة أي من كتلتي علاوي والمالكي بسهولة . وهذا مكسب كبير للصدريين أولا وللوطني ثانيا لم يكن يتوقعه الكثيرون .
لذا فأن بأمكاننا الجزم بأن التيار الصدري والمجلس هما أكبر الرابحين في هذه الأنتخابات . أو بعبارة أخرى . يمكنا القول بأن المعممون هم الفائزون الحقيقيون في هذه الأنتخابات . وهذا ما كان واضحا في تصريح عمار الحكيم اللذي قال بأن ائتلافه " يتطلع الى شراكة حقيقية في الحكومة المقبلة وليس شراكة صورية " .
كل الشواهد تقول أن أمنية الحكيم ستتحقق سواء أكان ائتلافه داخل الحكومة أو خارجها لأعتبارات برلمانية . وهذا الوضع بالمناسبة يعني أن محاصصة جديدة ستفرض نفسها شاء المالكي وعلاوي أم أبوا .
التعليقات (0)