المعلم الأستاذ : رضا الله منعشٌ لآمال الإنسان المسلم .
مَنْ يقرأ تاريخ الأنبياء- عليهم السلام- يجد أنهم كانوا يسعون نحو تحقيق هدف واحد رغم تباين ظروف الحياة التي كانت تُحيط بهم و كذلك رغم اختلاف الأقوام و المجتمعات التي عاصروها و تعاملوا معها وفق ما أقرته السماء، و الهدف لا يخفى على أحد فقد أشار إليه القرآن المجيد معنوياً حينما قال الله - تعالى - : ( وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدونِ ) إذاً ماذا نستخلص من هذه الآية الكريمة ؟ إن الله- سبحانه - قد خلق الكون وما فيه إنما لأجل هدف واحد، لأجل غاية واحدة، ألا وهو إقامة العبادة الخالصة لوجهه الكريم في ظل مجتمع مثالي مؤمن بالإله الواحد الأحد فيعبده حق عبادته، وهذا إن دل إنما يدل على ضرورة أن يكون كل منا صاحب هدف نبيل يبذل قصارى جهده لتحقيقه من جهة، و من جهة أخرى يحتم علينا أن يكون هدفنا واسع الرؤى و ليس ضيقاً، فالتاريخ حافل بالعديد من الأمثلة على هذا المنوال، فكم من إنسان كان هدفه ضيقاً قاده إلى نتائج غير مجدية فيدفع صاحبه في نهاية المطاف إلى الانهيار و عدم تحمل النتائج غير المتوقعة وهذا من مقدمات إلى الانزلاق في مطبات الانحراف و النهاية المأساوية، في حين أنه كلما كان الهدف يتسم بسعة الأفق و النظرة الواسعة التامة كان أفضل من سابقه في جني ثمار السعادة و النجاح، هذا مع الحياة الدنيا فكيف يكون حال مَنْ كان هو رضا الله – تعالى- ؟ حتماً سيكون الإنسان على قدر كبير من التعقل و همة عالية في تحمل المسؤولية الملقاة التي تنتظره و مهما كانت شاقة وما هي يعتريها من خطوب و خفايا فما أجمل أن يكون للفرد غاية إيمانية تقوائية خالصة من شوائب هوى النفس و عامرة برضا السماء و نيل قربها في ساحة رحمتها الواسعة نعم هذا هو الهدف الأسمى الذي من المفروض أن يكون عند كل إنسان يريد الحياة الحرة و الكريمة و أخيراً و ليس آخراً لنستأنس بالنفحات الإرشادية للبحث الأخلاقي و الموسوم السير في طريق التكامل للمعلم الأستاذ الصرخي و الذي يقول فيه : ( ينبغي على الإنسان المسلم اختيار الهدف المهمّ والأوسع والأسمى ؛ لأنه كلما كان الهدف ضيقًا وخفيفًا كان أقرب إلى التلاشي في ذهن صاحبه، مما يؤدي إلى فتح باب واسع للتكالب والتزاحم للأمور التافهة وبالتالي الدخول في المحرّمات الأخلاقية الشرعية، وكلما كان الهدف أهمّ وأسمى، قلّت فيه الأخطاء والقبائح بسبب ما يحصل في ذهنه من المقارنة بين هدفه المهمّ المنشود وبين الشهوات التافهة الرديئة، فيلتفت إلى تفاهتها بالقياس إلى ذلك الهدف مما يؤدي إلى نظافة وسعة روحية الإنسان، فكيف إذا كان هدفه رضا الله -سبحانه و تعالی- الذي لا تتناهی عظمته ولا تنقطع قدرته ولا تنتهي نعمه؟!، وكلما اقترب الإنسان من هذا الهدف اشتدّت رغبته إليه وأحسّ بعمق أغواره وبُعد منتهاه، وكان ذلك منعشًا لآماله ومؤثرًا في اقتراب الإنسان نحو الصلاح والتكامل، ويكون مثله الأشخاص الذين قال فيهم أمير المؤمنين -عليه السلام- في وصف المتقين : (كبر الخالق في أنفسهم، فصغر ما دونه في أعينهم ) .
بقلم احمد الخالدي
التعليقات (0)