تغيرت صورة المعلم خلال الآونة الأخيرة وصار ضيفاً دائماً علي السجون وتغير الشعر الذي رددناه طويلاً: قف للمعلم وفه التبجيلاً.. كاد المعلم أن يكون رسولاً.. وأصبح: اقبض علي المعلم وقيده بالحديد فقد وصلت محاضر الشرطة خلال العام الدراسي 2007/2008 ــ الماضي ــ إلي 1200 محضر حررها طلاب ضد معلمين يتهمونهم فيها بالتعدي عليهم وإحداث إصابات بهم موضحة في تقارير طبية مرفقة بالمحضر.. و72 محضراً حررها معلمون ضد طلاب اتهموهم فيه بالتعدي عليهم وإحداث إصابات بهم ومرفق بها تقارير طبية.. أي إن اجمالي محاضر الشرطة بين الطلاب والمعلمين وصل إلي 1272 محضراً خلال عام دراسي واحد!! ويقول الدكتور شوقي فريد أستاذ علوم التربية بكلية التربية جامعة عين شمس: إن تحول المدرسة من محراب علمي إلي حلبة مصارعة ومثول المعلمين أمام القضاء كالمجرمين لأمر في غاية الخجل ويحتاج إلي إعادة بناء الهيكل التعليمي من جديد وتعيين إدارات علي درجة عالية من الكفاءة في إدارة المدارس والإدارات التعليمية.. وأيضاً مشرفين علي درجة كافية من الوعي والخبرة بالأهداف التعليمية والاهتمام بالتربية أولاً ثم التعليم.. كذلك اهتمام الأسرة بسلوكيات الطالب أمر في غاية الأهمية بحيث يعلم الطالب دور وأهمية المعلم من منزله ومن أسرته بالإضافة إلي وضع قوانين إدارية صارمة تعيد للمعلم صلاحياته في معاقبة الطلاب مثل تلك الموجودة في الجامعة وعودة العمل بأعمال السنة.. فهناك سبل كثيرة ودراسات يجب أن يلتفت لها لتطوير العملية التعليمية والخروج بها من النفق المظلم الذي دخلت إليه. وتقول الدكتورة ولاء يوسف أخصائية الطب النفسي: إن سلوكيات الطالب العدوانية سببها أولاً :شعوره بعدم أهمية المعلم بالنسبة له وعدم فاعليته في تشكيل مستقبله بسبب اعتماده علي المدرس الخاص، وثانياً: استناد الطالب علي قانون منع ضرب الطلاب والتلاميذ في المدارس ويقينه أن القانون في صالحه وان المعلم موقفه ضعيف أمام هذه القوانين وثالثاً دور الأسرة التي تنتفض حينما تسمع من الابن أو الطالب أن معلماً ضربه من باب التأديب أو التهذيب فتعلن الحرب عليه في حين أن جميع هذه الأجيال من الأباء والأمهات تعلموا علي يد معلمين كانوا يضربوهم.. إذن الأمر يحتاج إلي إعادة النظر من قبل الأسرة أولاً وإعطاء المعلم فرصة في التأديب والتهذيب لكي يتمكن من تأدية رسالته.. ويجب أيضاً ألا يتخطي المعلم حدود دوره التربوي فيتحول إلي سفاك دماء.. وهذا لن يتحقق إلا من خلال مناهج علمية سليمة ودور فعال للمدرسة وإدارة قوية سليمة للمدارس ومعلم تم إعداده وتدريبه بشكل صحيح وطالب زرعت فيه مبادئ احترام المدرسة والمعلم منذ مراحل الدراسة الأولي. ويقول العقيد سامي فتوح «ضابط شرطة»: لا نملك في أغلب الأحيان شيئاً عندما نجد أمامنا طالباً يطلب تحرير محضر ضد مدرسه أو معلمته لأن القانون أعطاه الحق في أن يحرر محضراً ضد من يشاء بالرغم من أن أغلب هذه الحالات لا تبدو عليها إصابات ظاهرة كما جاء في التقرير الطبي المرفق للمحضر لكن في كل الأحوال الضابط ليس أمامه سوي تحرير المحضر وفي أغلب الأحيان نقوم بنصح الطالب بأن لا يحرر المحضر وأن المعلم رسول لكن دون جدوي خاصة وأن ولي الأمر دائماً مايكون مرافقاً للطالب ومتحمساً لتحرير المحضر وفي حالة عصبية لا تمكننا من إقناعه بالعدول عن تحرير المحضر. ويضيف فتوح: في أغلب الأحيان يكون الضابط متعاطفاً مع المعلم خاصة إذا لم يكن الطالب مصاباً بإصابات ظاهرة.. وليس نحن فقط كضباط وإنما النيابة أيضاً والمحكمة تقوم بحفظ أغلب هذه المحاضر وإصدار أحكام بالبراءة تعاطفاً مع المعلم خاصة إذا لم يتسبب هذا الضرب في إصابة خطيرة للطالب.. لنفس السبب وهو أن الضابط ووكيل النيابة والقاضي جميعهم تعرضوا للضرب والتأديب علي يد معلمين كانوا أصحاب الفضل فيما وصلوا إليه.
|
التعليقات (0)