مواضيع اليوم

المعسكر والمقال وصديقي وأنا

يوسف رشيد

2011-11-30 16:35:00

0

  1 ـ المعسكر صيف 1975 ..

 

 

طرأت تغيرات عديدة على الأوضاع العامة للمعسكر ، فتغيرت قيادته ، وخُصِّصَ بقطعة أرض شرق مدرسة المشاة ، وبدت قيادته الجديدة ، مهتمة أكثر بالتدريب اليومي والرياضة والنظام العسكري المتشدد ، وبمتابعة الانضباط العام والتقيد بمواعيد التدريب والطعام وما إلى ذلك ، مما فرض مزيدا من الصرامة القاسية ، فوق ما نحن فيه من قسوة المكان والظروف ..

لكن لم يتغير فيه شيء تقريبا ، عن معطيات معسكر العام الماضي ، ولاسيما منظر الخيام والمقطورات والقصع والقطن المضغوط والغبار ..

وإن شاعت عقوبة السجن وما يتبعها من عقوبات إضافية كـ " السخرة " ..

كما شاعت عقوبة " حلاقة " شعر الرأس على الصفر ، كعقوبة إضافية للسجن ، أو كعقوبة فردية على " الطالع والنازل " ..

وغدا منظر الرؤوس الحليقة " ظاهرة " واضحة ، مع التزايد اليومي في أعدادها ..

فقد كان قائد المعسكر دائم التجوال في سيارته اللاند روفر ، مصطحبا معه الحلاقين المهرة ، وكل من يشاهده من الطلاب " يتبلاه ويتصيده " ، ليأمر الحلاق بـ " إزالة شعره " عن الوجود ، وقد يرسله إلى السجن أيضا ..

وكأنه أراد أن يكتسب سطوة يستعيد من خلالها الانضباط العام المفقود في المعسكر ، وهو القادم إلينا من منصب " قائد سلاح المدفعية " ، وشتان بين انضباط الجنود وانضباط الطلبة ..

 

وحين مُنِحْنا مغادرة جماعية لأربع وعشرين ساعة ، في منتصف أيام المعسكر تقريبا ، كانت للاستحمام بالدرجة الأولى ، لعدم توفر الماء والحمّامات الصالحة والكافية في المعسكر ..

 

2 ـ زيارة تسبّبت في رسوبي :

 

في البيت ، أبلغتني زوجتي :

أمس ، اتصلت " غزالة " أخت صديقك " يوسف أخرس " ، بطلبٍ من أخيها ، لتخبرك بوجوده في مستشفى حرستا بدمشق ..

 ( وكان ما يزال طالبا ضابطا في الكلية الحربية ، وقد ظهر عليه المرض منذ أشهر ، من خلال جحوظٍ واضح في عينيه ) ..

سافرتُ إلى دمشق فجرا ، اتصلت من الكراج بصديقنا أبي اصطيف ، ونسقت ذهابنا إلى المشفى معا ..  

وهناك ، صَعَقنا سوءُ حاله ، وجحوظ عينيه ، حتى كدت لا أعرفه ..

وقد أدرك أن ترددي في السلام عليه للوهلة الأولى ، نابع من عدم معرفته بعد تدهور حاله ..

فعاتبني بمرارة الإحساس بدنو الأجل : أمَا عدت تعرفني ؟!

تجلدتُ كي لا أزيد عليه آلامَه وأحزانه ، وإن لم يكن خائفا من الغد ، لإيمانه الشديد بقدَره ، وهو مستقر بعد أن غيروا له دمه قبل أيام ، وقد طمأنه طبيبه " نزار مصاصاتي " بأنه سيتحسن عاجلا ..

أنا وصديقنا أبو اصطيف ، أبدينا له كل التفاؤل ، وبأن أصدقاءنا الآخرين حمّلوني إليه تحياتهم وتمنياتهم ، وأنهم ينتظرون خروجه من المشفى معافى ليلعبوا معه " بالطرنيب ، ويخسّروه " ..

لكن حاله ـ مع الأسف ـ لا تبشر ..

لم يكن اسم د. مصاصاتي غريبا على مسمعي ، سمعته سابقا من المرحوم أخي يصفه بـ " الصديق والأخ " ..

قلت ذلك ليوسف ، وقلت له : أريد أن أعرف مكان عيادته لأزوره وأوصيه بكَ خيرًا ، وأطمئن منه مباشرة عنك ..

استدعى الممرضة ، فأعطتني عنوان العيادة في دمشق ..

ودعناه ، وذهب معي أبو اصطيف إلى عنوان العيادة ، فقيل : إنه مسافر ولن يأتي اليوم ..

 

..................

 

على باب المعسكر ، وفور وصولي متأخرا ، انضممت إلى نقابة " الرؤوس الحليقة " ، وعلمت من الزملاء ، أنهم أدّوا امتحانا كتابيا ومفاجئا وسريعا و " كيديا " ، في يوم غاب أو تأخر فيه كثيرون عن الالتحاق بعد " معجزة " المغادرة ..

ليس مهما ، فقد رأيت صديقي واطمأننت عليه ، ولم أكن أعلم بالطبع ، أنه لقاؤنا الأخير ..

لكنه كان وانتهى الأمر ..

بعد قرابة عشرين يوما ، توفي صديقي يوسف بسرطان الدم ..

وضجت أمه وأخواته بالنواح والنحيب حين رأينني جانب الجثمان ، وتعانقت أنا وأخوه الأكبر " عمر " منتحبيْن ..  

ثم واريناه الثرى في قريته " معارة الأرتيق " قرب حلب ..

تغمده الله بواسع رحمته ..

 

خلـَّفَ رحيله آثارا صعبة جدا عليّ ..

فهو ماثل لي دوما ، ولم نفترق منذ سنوات ، وأمضينا عامين دراسيين جنبا إلى جنب في المرحلة الثانوية ، وعملنا معا في نشاطات طلابية وثقافية متعددة ، رغم أن لكل منا هواه السياسي الواضح ..

وبعد الانصراف من الدوام المدرسي ، كنا نتفق على موعد اللقاء التالي ، لأنه لا توجد لدينا هواتف أرضية ولا خليوية ، ولا يمكن أن نترك لقاءنا للصدفة ..

وإذ يأتي إليّ ، تكون غرفة " المكتبة " جاهزة ..  

ففيها ذاكرنا معا دروسَنا على مدار العامين ، وفيها تكون سهرة الخميس مع بقية أفراد الشلة ، نقضي شطرا من الليل بين لعب الورق والجدل الذي لا ينتهي ..

وقبيل انفضاض السهرة ، يكون بعضهم قد اختار من المكتبة الكتابَ الذي يود قراءته خلال الأسبوع القادم ..

وليوسف في هذه الغرفة سريره الخاص ( سرير عزوبيتي ) ، يقيّل وينام براحته ، وخاصة في ليالي الشتاء الزمهريرية ..

وقد عسكرنا فيها أياما قبل امتحان الثانوية ، حتى جاء عمر ليطمئن عن أخيه يوسف ، ويتأكد من أن غيابه عنهم ليس حردا ولا انزعاجا ..

وفيما بعد ، أسر لي عمر ، أنه : (( في بداية الليالي التي نام فيها يوسف عندك ، كنت أرتدي الكبوت العسكري والجزمة ، وأتلثم من شدة البرد ، وأذهب مشيا إلى بيتكم ليلا ، وأختلس النظر إلى غرفة المكتبة ، في أوقاتٍ يتأخر فيها يوسف عن العودة ، لأطمئن عليه وأعود في " نصاص الليالي والتلج عميندف ندف " )) ..  

وبعد أن التحق يوسف بالكلية الحربية ، كان يأتي إلى بيتنا من حمص مباشرة ، قبل أن يذهب ليرى أمه وأخته وأخاه وعائلته في بيت أخيه ..

وقد ينام في " سريره " ليذهب إليهم في الغد قبيل العودة إلى حمص بسويعات ..

كان قنوعا صبورا ، شهما ، عفيفا ، حييا بما لا يُقاس ، ذا مروءة ونخوة وتعقل وتفاؤل ، يؤمن بقدراته ويعمل بإخلاص وجدٍّ وكدٍّ لتنميتها ، لكن " حظه خائن " كما كان يقول ..

وكاد تعثره في الثانوية العامة ، أن يحبط معنوياته إلى الأبد ، ويفقده حلمه في أن يجد عملا شريفا كريما سريع المردود ، مما دفعه إلى الكلية الحربية بعد النجاح ، فهي الأسرع في تأمين بدائل مناسبة ولو في حدها الأدنى ، لا طمعا ولا تباهيا ولا حبا بالنفوذ ، بل ، ليتخلص من عملٍ مضن يقوم به في عطلة الصيف ، وليعيلَ نفسَه على الأقل ، وليقضيَ أطول وقتٍ خارج البيت ، كي يمارس أخوه وأسرته حريتهم دون وجوده الدائم " المحرج " ، إذ يكفيهم وجود أمه وأخته معهم ..

ولم يمهله أجله شهرين آخرين لتراه أم عمر ضابطا ، ولم تنقطع صلاتي بأخيه عمر لسنوات بعد وفاته ..

وسعيت بعدئذ لمقابلة المقدم الدكتور نزار مصاصاتي بناء على رغبة عمر الملحة ، لطلب المساعدة على توصيف حالة وفاة أخيه في " التقرير الطبي للوفاة " ، لكنه اعتذر بلطف عن تلبية الطلب ، رغم أنه رحب بي طويلا بعد أن شرحت له مقولتي التي بدأت بها حديثي معه :

" أنت صديق أخي ، وأرسلني إليكَ أخو صديقي .. وصديقانا شهيدان " ..

رحمك الله يا يوسف ، فوالله ، لقد كان لك من اسمك نصيب وفير ..

أيها الصديق الشهيد ..

لقد عشنا أحلامَنا معا ، ووُئدت أحلامُنا معا ..

فليس الراحلون ـ أحيانا ـ بأقلّ حظا من المقيمين ..

 

3  ـ أزمة " مقال " في المعسكر الاستثنائي :

  كانون الثاني 1976

 

 ومع بداية العام الجامعي الجديد ، ذهبتُ إلى الكلية لأدفع رسوم التسجيل بشكل اعتيادي كما يحدث كل عام ..

ففوجئت أني راسب في السنة الثانية ، لرسوبي في مادة التدريب العسكري ، فوق المادتين اللتين أحملهما : التاريخ ، واللغة الشرقية السريانية ..

كانت صدمة حقيقية ، استنفرتُ لها ، واستغثت بالمكتب الإداري لاتحاد الطلبة ، فاستنفروا المكتب التنفيذي في دمشق ، والنتيجة :

" لا تراجع ، ولا حل " ..

حسبنا الله ونعم الوكيل ..

وكما يتيحُ اللهُ للفضيلةِ المطويةِ لسانَ حسودٍ لينشرَها ، أتاح لهذه القضية أن تـُحَلَّ ..

فبعد تفاعلات وإرهاصات ، صدر مرسوم : " يُخضِعُ الطلبة الراسبين في مادة التدريب العسكري ، لمعسكر استثنائي ، إذا كان نجاحُهم فيها يعدّل وضعَهم انتقالا أو نجاحا " ..

وحُدِّدَ موعد المعسكر في كانون الثاني 1976 ..

وكان الشتاء قاسيا جدا ، فكيف إذا كان المعسكر في ثكنة هنانو ، الرابضة على مرتفع مكشوفٍ للمدى والريح ، في شرق المدينة ؟! ..

وهي ثكنة قديمة بناها العثمانيون ـ كما يوحي طراز بنائها ـ  ، وطورها الفرنسيون قليلا بما يلبي حاجات جندهم وخيولهم ..

وبينما نحن في ما يسمى بـ " قاعة المطالعة " ـ وهي اسطبل معدل ـ ، كتبت مقالا " من تحت الدست " عن التدريب الجامعي وأهدافه السامية التي لا تتماشى معها ظروفنا القاسية جدا ، المحيطة بنا في مكان " أثري " كهذا ، يفتقد لكل شيء ، كل شيء ..

أرسلتُ المقالَ إلى جريدة البعث بدمشق ، ونسيته نهائيا ، لأنني غير واثق من نشره ..

( مع الأسف لم أعثر في أرشيفي على نسخة منه ) ..

 

وبعد أيام قليلة ، كنا في الدرس الأول ، وفي نفس القاعة ، حين دخل قائد المعسكر المقدم حسين عايدي ، يسأل عني ، ثم طلب مني مرافقته ..

وفي الطريق إلى مكتبه ، سألني كأنه يريد أن يتأكد : أنت فلان ؟؟

قلت : نعم ..

قال : أنا أعرفك من الشباب " الكويسين " ، ماذا فعلت ؟

كنت خالي الذهن تماما ، فقلت مستغربا : لم أفعل شيئا .. ماذا هناك ؟

قال : جاء العميد رئيس فرع التدريب الجامعي ، ويريد أن يراك ، وهو غاضب جدا منك ..

في المكتب ، ليس ثمة سوى عميد ونقيب .. إذن العميد هو رئيس الفرع ، والنقيب أعرفه بالشكل ..

أمرني العميد بالجلوس بعد أدائي التحية العسكرية ..

جلست حيث أشار ..

الثلاثة أمامي ، أم أنا أمامهم ؟؟

عميد ومقدم ونقيب ..  

أ أنا في محكمة عسكرية ؟!

لحظات ثقيلة جدا من الصمت ، وأنا أشرّق وأغرّب باحثا في رأسي عن سبب وجودي أمامهم ، وكل ما كنت أخشاه ، أن أكون ضحية " تقرير " ما ..

بدأ العميد كلامه بنبرة عالية لِمَا " سببته له من حَرَج أمام سيادة اللواء مدير إدارة التدريب الجامعي " حين سأله بعصبية عن " كاتب هذا المقال ، وعن صحة المعلومات الواردة فيه ، ومحاسبة صاحبه إذا كان كاذبا دعيًّا ويتعمد التشهير " ..

وأضاف : كيف نشروا لك هكذا مقال ؟ من هو واسطتك ؟ ومن هو الشخص الذي تبناه ؟ أريد أن أعرف كل ذلك ..

 

آهاااااااااا .. بهذه السرعة نشر المقال ؟!  

للوهلة الأولى ، صدمتني سرعة النشر أكثر من كلام العميد ..

فقد أرسلته بالبريد العادي إلى الصحيفة في دمشق يوم السبت ، فنشر يوم الثلاثاء ؟! .. أيعقل ؟!

إذن ، وفور نشره بدأت التفاعلات من دمشق التي توزَّع الصحف فيها باكرا ، إلى حلب التي لم تصلها الصحف بعد ..

لكن " سيادة اللواء " أطلعَه على مضمون المقال ، وطالبَه بسرعة التحقيق والرد ..

 

تكلم النقيب موجِّهًا كلامَه للعميد : يا سيدي ، إن المعلومات التي وصلتني عن حضرة الطالب ، لا توحي بأنه ممن يريدون التشهير ولا يقصدونه ، وفي كلامه كثير من الواقعية والصحة ، وقد عَرفت عنه اهتمامه بالنشاط الأدبي وتعاطيه الكتابة ، وما ورد في المقال هو من هذا القبيل ..

بدا أن الأمر مرتبٌ بينهما .. فهذه لم نألفها " حضرة الطالب " ؟!

ثم إن العميد يشد الحبل ، والنقيب يرخيه ..

وهما متأكدان من دقة وصحة كل ما ذكرته ، ولا حيلة لهما في إدانتي بمضمونه إلا بالتزوير ، ويبدو أنهم في غير وارده ، لاسيما أن ما جاء في المقال ، أقلّ سوءًا بكثير مما يعرفونه في الواقع ، وهذا دليل قاطع وكافٍ لإدانتهم به في تحقيق " موضوعي " ..

وحين طلب مني الرد ، قلت :

ـ لقد نشرتُ المقال في جريدة رسمية ، ولا أعرف أحدا فيها ، ولو لم يكونوا مقتنعين بمضمونه لما نشروه ..

ـ وأنا مسؤول عن كل كلمة كتبتها .. فإن رأيتم كلامي مجافيا للحقيقة والواقع ، أو فيه مزاعم وافتراءات ، فأنا مستعد لأي حساب ..

ـ وبدل أن تحاسبوني " أولا " ، أرجو أولا ، أن تتخذوا إجراءات عملية لإنقاذنا من سوء الأحوال التي نحن فيها ، والتي كانت الدافع وراء مقالي ..

أشعل العميد سيكارة ، وقال بهدوء ولوم : لو أنك ناقشتنا في مقترحاتك ، أو طلبْتَ منا تنفيذها ولم ننفذها ، لكان من حقك أن تنشره .. لكنك لم تطلب ..

قلت : " ليس من السهولة بمكان نقل مقترحاتي إليكم ونحن هنا ، بينما لم يسألنا أحد عن ظروفنا وأحوالنا ، ولم يسأل عنا أحد ..

" وقد أنهكنا البرد الشديد والرطوبة وعتمة اسطبلات تنز سقوفها وجدرانها ماء ، ولا نوافذ لها ..

" حتى صرنا نخيّر أنفسنا ـ مكرَهين ـ بين الرسوب والمرض .. فاختار بعضنا الرسوب وغادروا المعسكر " ..

قال النقيب : يا حضرة الطالب ، للضرورة أحكام ، فقد اضطررنا لاختيار هذا المكان لإجراء المعسكر فيه ..

فهو ـ كما تعلم ـ معسكر استثنائي ولا يتزامن مع العطلة الانتصافية للمدارس كي نقيم المعسكر في إحداها ، ولا يوجد مكان آخر داخل المدينة يؤدي الغرض ..

ثم ـ وكأنه أراد أن نتوقف عن التصعيد عند هذا الحد ـ التفت إلى المقدم وقال : سيدي ، ألا يوجد شاي عندكم ؟

 

ومع الشاي ، انفرجت الأسارير ، وزال اكفهرار الوجوه وقسوتها ، ودار حوار هادئ بيننا ، لمست فيه عمق الأزمة والحرج الناجمين عن وصول المقال لأعلى قيادة في البلد ..

وحين انتهى اللقاء ، أعطاني العميد رقم هاتفه الخاص ، وطلب مني زيارته في أي وقت ..

وقال النقيب : أخوك أبو عزام ينتظر زيارة منك ، فمكتبي أمام مكتب سيادة العميد ..

خرجت من المكتب وراءهم ، فأسرع إلي عدد من الزملاء الذين أقلقهم استدعائي من قبل قائد المعسكر شخصيا ..

 

وبالمحصلة :

كانت الفائدة التي نجمت عن المقال ، محدودة بالإمكانيات المتوفرة والمتاحة على صعيد المكان والتجهيزات ، لكنها انعكست إيجابا على علاقتنا بجميع الضباط والمدربين ..

ونشأت حالة صداقة حقيقية بيني وبين رئيس فرع التدريب الجامعي العميد إبراهيم يوسف قاورما " الذي توفي بحادث سير بعد سنوات قليلة رحمه الله وأحسن إليه " .. 

 

وفي مكتب العميد الكائن في مبنى الهيدروليك سابقا ـ وهو كلية المعلوماتية الآن كما أظن ـ كان النقيب أبو عزام يدخل على الخط ، فيضفي على لقاءاتنا جوا من الألفة والمرح والنكتة " المهضومة " ، وكان وجودي معهما كاسرا لحدّة الحالة العسكرية بين الرتبتين ..

(( والنقيب أبو عزام ضابط احتياط ، وذو شخصية مثقفة وناضجة ولطيفة ومرحة وعقلانية ولبقة ، وقد استمرت علاقتي معه طويلا ، حتى غدا برتبة عقيد ، وكلف مديرا لمديرية " الحرس الجامعي " في رئاسة الجامعة )) ..

 

طبعا ، لم يبقَ أحد في فرع التدريب الجامعي بحلب ، لم يسمع بالمقال وصاحبه ..

فتوطدت علاقاتي مع ضباطه أيضا ، على غرار ما هي عليه مع الأساتذة والموظفين ، والطلاب ، بطبيعة الحال ..

وإذ تمت تسوية الأوضاع بعد النجاح في مادة التدريب العسكري ، صدر قرارٌ بالنقل إلى السنة الأعلى مع نهاية الفصل الجامعي الأول ، وصرت ملزما بحضور المعسكر الشتوي التالي لذاك مباشرة ، إكمالا لمواد السنة الثالثة التي انتقلت إليها ..

 

أقيم المعسكر هذه المرة في ثانوية الكواكبي بحلب ، في شباط من عام 1976 ، وأنيطت بي مهمات ثقافية وتنظيمية وطلابية ، جعلتني أقرب لقيادة المعسكر من كوني طالبا فيه ..

 

وكذلك في المعسكر الصيفي الأخير صيف عام 1976 ..

عُيِّنتُ عضوا في لجنته الثقافية ، مع عبد الستار السيد أحمد وعبد الرزاق الخشروم كمشرفيْن من خارج المعسكر ..

وصار المعسكر " منتدى " ، يزوره المسؤولون والقيادات الحزبية ، وتقام في أمسياته نشاطات متنوعة ..

واتخذ هيئة مقبولة قياسا بالسنوات السابقة ..

فتم إنشاء البوابة والطرق الرئيسية والساحات ومكاتب للقيادة والضباط ، وعدد من المباني والمستودعات والمطاعم والحمامات ، وصار الوضع أكثر تنظيما ..

بذلك أكون قد أديت ثلاثة معسكرات في سبعة أشهر ..

 

الأربعاء ـ 30/11/2011


يوسف أخرس ـ بعدستي المتواضعة في الحديقة العامة - حلب 1971

 

 

يوسف أخرس ـ بعدستـي المتواضعة في الحديقة العامة - حلب 1971

 

 

يوسف أخرس ـ ليالي الدراسة في غرفة المكتبة ـ حلب-02-03-1971

 

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !