المعزب !
//// / تركي سليم الأكلبي /////
الشرهة ، الجاهة ، المعزب ٠٠ مصطلحات خليجية نشأت قبل اكتشاف البترول لترسخ أكثر في الأذهان بعد الطفرة وبعد أن تحولت الطفرة إلى ( طفر )! ٠
لم تكن "الشرهة والجاهة" إلا دعامتان من دعائم استمرار ذلك المفهوم البائد للعلاقة بين صاحب السلطة ( المعزب ) القائم على الأمر والمال والعطاء والمنع ، وبين الفرد والجماعة من ناحية ، والعامل الرسمي من ناحية أخرى القائم على ثغر من ثغور الدائرة والمحتاج دائماً للعطاء ٠
من هنا أرتبط المعنى اللغوي والإصطلاحي للشرهة والجاهة (العطية) بالمعزب أو "المرجع" ، وهو الشخص القائم على هرم "الدائرة" والقادر على (منح أو منع) الشرهة والجاهة والتي كما قلت تعني العطاء المالي أو العيني ٠
وعلى الرغم من أن طلب العطاء من "المعزب" أو طالبي الخدمة من "المانح" يتم تحت غطاء ثقافة "المعازيبية" والعطاء إلا أن ثقافة "المعازيبية" بشكل خاص ذات قدرة على رفع الحرج عن طالب العطاء ! بالرغم من أن "تلمسه" لهذا العطاء قل أو كثر وبأي وسيلة ، سواء كانت شعرا أو نصا مكتوبا ، لا يمكن بأي حال فصله عن وجه الآخر : التسول ، أو "الشحاتة" !
هذه المصطلحات لم يرسخ استمرار مفهومها إلا بدعم من شقيقيها " المعروض والملف العلاقي الأخضر" وهما وسيلتان هامتان من وسائل الحصول على الشرهة أو الجاهة أو الوظيفة أو العلاج أو السكن أو التعلم ، على حد سواء وبذات المفهوم الذي ما يزال راسخا في الوعي المجتمعي ومهيمن على مفاصل الحياة ٠
ولعل ما هو جدير به الذكر ، في هذا السياق ، أن مفردة "معزب" في اللهجة العامية لبعض نواحي جزيرة العرب تعني المضيف أي صاحب الدار ! ولكن الاختلاف أو الفرق بين المعنيين يكون في المدح ، إذ يظل "المعزب" المنتمي للسلطة حتى لو لم يكن ذا منصب هدفا للمدح والإطراء والتبجيل وأن بخل على طالب العطاء ! بينما ينال "مديح" الضيف مضيفه أو"معزبه" كلما أكرم ضيفه وجاد بكرمه ٠
التعليقات (0)