مواضيع اليوم

المعذبات في الأرض !

فتح الله الحمداني

2012-03-19 21:45:38

0

أنوار عشيبة

اغتصاب... زواج قسري... عنف... فانتحار. مسلسل عاشت حلقاته المرحومة أمينة الفيلالي التي ذهبت ضحية واقع قبل أن تكون ضحية قانون ، فهي كذلك نظرا لأن منظومة القيم عندنا لازالت محتاجة لإعادة النظر لأن عقليتنا لازالت تنظر إلى المغتصبة نظرة احتقار وأنها لا يمكن أن تكون لغير مغتصبها وكأنه بفعله ذلك يكون كمن سجل عقارا في المحافظة العقارية أو كأنه بصمها بشخصه فحرمت على غيره، فالاغتصاب إذن هو توقيع شخصي على جسد امرأة تصبح تحت رحمة مغتصبها.

بل هنالك من يذهب أبعد من ذلك فيجعل المغتصبة جلادا ويقلب الأدوار ..فما كان عليها المرور من هناك...وما كان عليها لبس ذلك ...أو الجلوس هناك ..فتصبح مغتصبة نفسها أو أنها حرضت على ذلك. إنها العقلية الذكورية التي ظلت تهيمن على مجتمعنا لعقود طويلة في ظل غياب تام لأبسط التفسيرات العقلانية لواقع الأمور. عقلية ظلت تبحث عن مكان للشرف حتى وجدته في غشاء تافه (البكارة) يحقق بواسطته العقل القضيبي ساديته في إشباع فكره الرجولي حتى جاءتنا التكنولوجيا الصينية فأصبحنا في زمن( ولله الحمد) تباع فيه البكارة (الشرف حسب العقليات الذكورية البائدة) بعشرين درهما، فطوبى لكم يا ألباب العقول بهذا الفتح العظيم إذ بإمكانكم تحقيق فتوحاتكم اكثر من مرة فقط بعشرين درهما.

إن حالة أمينة ليست بجديدة اللهم إلا ما تعلق بتعامل وسائل الاعلام الوطنية والدولية معها، ولم يكن الفصل 475 من القانون الجنائي هو المسؤول الوحيد عن انتحارها وإنما ما تعرضت له في حياتها من إهمال وتقصير شأنها شأن العديد من أمثالها اللواتي ينزفن في صمت.

لرب قائل يقول وما علاقة هذا بذاك ،ىما علاقة منظومة القيم بانتحار أمينة ؟ وهذا محق في طرحه لأنه لايرى ابعد من أنفه أليست نظرة المجتمع إلى المغتصبة احد عوامل تشريع نص يبيح تزويجها بمغتصبها الفاتح العظيم ،اليس الشرف والكرامة المرتبطة بالفرج هي من دفع أسرة لا حول لها ولا قوة إلى الدفع بفلذة كبدها نحو هذا الفاتح.أليس... وليس ...وليس..؟؟؟.

إن هذا الأمر لجدير بنقاش عميق حول منظومة القيم التي نملكها والتي في الكثير منها تلزم اعادة النظر فيها ووضعها تحت مجهر الخطاب العقلاني الرزين البعيد عن فكر شهوة الفرج والبطن وليس هذا إلا غيض من فيض كما يقال ولنا فيه عودة عندما تتاح امكانية ذلك.

_ العنوان اعلاه مأخوذ بتصرف من عن قصة المعذبون في الأرض لطه حسين

باتفاق مع الكاتب




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !