أحزاب المعارضة
قانون الأمن الاقتصادي لا يتعارض مع حرية التعبير.. ولا يستحق كل هذا الجدل
صادق مجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي على قانون تنقيح المجلة الجزائية باضافة فقرة الى الفصل 61 تنص على تجريم كل عملية تحريض اطراف اجنبية على المساس بالمصالح الوطنية والامن الاقتصادي للبلاد. ومن أجل تسليط مزيد من الضوء حول هذا التنقيح وابعاده ومواقف مختلف الاطراف منه اتصلت «الصباح» بعدد من مسؤولي احزاب المعارضة لاستطلاع رأيهم في الموضوع.
اسماعيل بولحية (أمين عام حركة الديمقراطيين الاشتراكيين)
«حماية الوطن مسؤولية كل تونسي وتونسية»
«لقد اثار هذا القانون منذ اعتماده في مجلس الوزراء منذ اسابيع ردود فعل ومواقف حماسية لدى بعض الاوساط التي لم نسمعها عندما اعلن سيادة رئيس الدولة من هذا المنبر بمناسبة ادائه اليمين الدستورية ان القلوب مفتوحة والايادي ممدودة وهو لا يستحق كل هذا الجدل لان تطور القوانين ينبع من جدلية تطور المجتمعات ولاشك ان المجتمع التونسي الذي اختار طريق الحداثة ومواكبة العصر والتفتح يعيش على وقع حركية متواصلة تهدف الى تعزيز المكاسب وصيانة مقومات السيادة والمناعة بفضل دعم المؤسسات واثراء التشريعات لضمان الاستقرار والذود على مصلحة تونس التي تبقى فوق كل اعتبار.
ويندرج هذا القانون في اطار حماية الامن الاقتصادي بعد ان انصهرت بلادنا في الاقتصاد المعولم وظل التحولات التي يشهدها العالم وافاق مزيد التفاعل مع الخارج وتحرير الدينار في افاق 2014.
وتقتضي المصلحة الوطنية الحفاظ على المصالح الحيوية للبلاد من كل انتهاك وقد عاشت تونس في السنوات الاولى من الاستقلال عملية تهريب من الخزينة والبنوك التونسية قدرها الاستاذ الشاذلي العياري في احدى مداخلاته بنحو سبعين مليارا قامت بها ذوات معنوية ومادية من المعمرين لتعجيز البلاد اقتصاديا.
واليوم وتونس قد استكملت بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية الاخيرة مقومات الانطلاق الى افاق رحبة تؤهلها للالتحاق بالبلدان المتقدمة بات من الضروري العمل على تعبئة كل الطاقات وسد الثغرات لتحقيق الاهداف الوطنية وقد جعلنا في حركتنا شعارنا للمرحلة «الولاء الدائم لتونس» واعتقادنا ان حماية الوطن مسؤولية كل تونسي وتونسية ولا نعتقد ان التونسي المتشبع بحب الوطن يقبل النيل من المصالح الحيوية للبلاد باقامة اتصالات وربط علاقات مع جهات اجنبية لتحريضها على الاضرار بتلك المصالح وان وجد ـ وهو شاذ ـ فوجود هذا القانون يكون رادعا لان «من غشنا فليس منا».
المنذر ثابت (أمين عام الحزب الاجتماعي التحرري)
المصالح الاقتصادية خارج إطار كل تناقض سياسي أو إيديولوجي
«الحزب الاجتماعي التحرري ساند روح هذا القانون باعتبار حيوية المصالح الاقتصادية بالنسبة لمستقبل الشعب التونسي بأجياله ,وهذه الأهمية تتجسد خاصة من خلال العلاقات الإستراتيجية التي تجمعنا بالاتحاد الأوروبي،لذلك ساندنا هذا المشروع إيمانا منا بان المصالح الاقتصادية خارج إطار كل تناقض سياسي أو إيديولوجي وان هذا التحصين والتامين لا يخص تونس وإنما تم انتهاجه من طرف العديد من البلدان المتقدمة كما هو الشأن بالنسبة للولايات المتحدة على أننا نؤكد على ضرورة عدم تحميل هذا القانون ما لا يحتمله من التأويلات الجانبية فهو لا يغلق مجال حرية التعبير ولا يغلق التزامات تونس فيما يخص احترام حقوق الإنسان وتطوير النظام السياسي ومن هذا المنطلق أكدنا على أهمية الارتقاء بالحوار الوطني إلى مستوى أعلى يفسح المجال لمزيد التشريك من أجل صياغة أجندا جديدة من الإصلاحات السياسية بما يغلق الباب أمام كل حجاج قد تتكئ عليه بعض الأطراف لتشويه صورة بلادنا في الخارج».
هشام الحاجي (حزب الوحدة الشعبية)
«نعم لتحصين الأمن الاقتصادي بقوانين تجرم كل مساس به»
«ان مصادقة مجلس النواب في جلسة لا تخلو من حوار ثري تعددت فيه الآراء على قانون يجرم المساس بالأمن الاقتصادي يعد خطوة مهمة في اتجاه تحقيق جملة من الأهداف التي يمكن إجمالها في النقاط التالية:
-على المستوى الاقتصادي:هذا القانون يمثل تفاعلا مع ما أصبحت تفرضه المستجدات الدولية من أولوية للنشاط الاقتصادي وأساسا للمعلومات المتصلة بهذا النشاط في ظل ندرة الموارد وفي ظل أهمية اقتصاد الذكاء وما يتصل به من براءات اختراع وغيرها من المسائل الهامة وبالتالي فان بلادنا قد التحقت بعديد الدول التي تولت في السنوات الأخيرة تحصين الأمن الاقتصادي بقوانين تجرم كل مساس به.
-على المستوى السياسي: جاء القانون واضحا في تحديد الأركان المادية والمعنوية لجريمة المساس بالأمن الاقتصادي وهو ما يمثل ضمانة لحريات التعبير وأيضا لغيرها من الحريات المتصلة بالاهتمام بالشأن الاقتصادي وأعني أساسا الحريات الأكاديمية التي تبقى مكفولة وتتيح للباحثين إبداء الرأي في كل ما يتصل بالنشاط الاقتصادي من توجهات وهذا القانون كذلك من شأنه أن يحّث البعض لإعادة التفكير في أساليب التحريض التي يلتجئ إليها وهي أساليب مرفوضة من الناحية الأخلاقية وغير مثمرة سياسيا لان شركاء تونس الذين يتعاملون معها يقيمون علاقاتهم معها على أساس ومعطيات موضوعية لا يمكن أن تتأثر ببعض الأصوات التي نأمل أن يمثل هذا القانون بالنسبة لها فرصة لإعادة النظر في ممارساتها. ومن ناحية أخرى نعتبر أن هذا القانون يعيد التأكيد على ضرورة مزيد حماية الاقتصاد الوطني بقوانين أخرى تأخذ بعين الاعتبار طبيعة المستجدات السياسية والتقنية وتهتم مثلا بكل أشكال التهرب والتهريب وبمحاصرة الجريمة العابرة للقارات وتشجع على دعم القدرات الذاتية لاقتصادنا».
منجي الخماسي (الأمين العام لحزب الخضر للتقدم)
سد فراغ قانوني
صادق مجلس النواب على قانون تنقيح المجلة الجزائية بإضافة المصالح الاقتصادية للمصالح الحيوية للبلاد التي يجب أن يُعاقب كلّ من يتورّط في تحريض جهات أجنبيّة عليها ، وذلك بعد أن كان الفصل 61 من المجلة مكتفيا بذكر المصالح الأمنية والدبلوماسيّة.
وهذا التنقيح جاء ليسدّ فراغا قانونيّا وليوفر لاقتصادنا الوطني قدرا من الحماية والحصانة في وجه بعض الادعاءات أو نوايا التشكيك وخدمة أجندات خارجية لا علاقة لها بتطور التنمية في بلادنا ولا برفاه الناس وتحسّن ظروف عيشهم، بل على العكس من ذلك تهدف إلى الحاق الضرر بمصالح المواطنين وعلاقات بلادنا بالخارج ومختلف التجمعات الاقتصادية والأسواق العالمية ومجالات النقد والتمويل والاستثمار.
كل هذه العوامل دفعت إلى تجاوز سقف المسموح به والسعي إلى الضغط على السلطة بطرق غير سياسية تعتمد على تحريض جهات أجنبية على الإضرار بالمصالح الاقتصادية لتونس بالخارج من حيث العلاقة بالمنظمات المالية والنقدية الدولية والتواصل السلس والمثمر مع التجمعات الاقتصادية مع السعي لنشر صور غير صحيحة عن الحياة ونمط العيش في تونس بغاية إخافة المستثمرين والسياح الأجانب وإثنائهم عن القدوم إلى تونس، وكما يعلم الجميع فإنّ القطاع السياحي يعدّ أحد أهم محركات التنمية والتشغيل في تونس إضافة إلى أنّ منوال التنمية التونسي يستهدف ويعوّل كثيرا على استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية لتنفيذ أجزاء من العملية التنموية.
إنّه من المؤسف أن يعمد البعض من المحسوبين على المعارضة إلى مثل هذا الصنيع الّذي لم تكن تونس سبّاقة لتجريمه بما أنّ قوانين جلّ دول العالم تتضمّن فصولا لمعاقبة ومتابعة كلّ من تخوّل له نفسه التحريض على الإضرار بالمصالح الحيوية لأوطانهم لدى جهات أجنبيّة لم يعُد خافيا على أحد أطماعها الجديدة في الاستعمار والهيمنة على مقدرات الشعوب والتحكّم في القرارات الداخلية للبلدان المستقلة وذات السيادة.
ومن الوجيه في هذا الباب التأكيد على أنّ المعارضة الحقيقية والصادقة في أيّ بلد في العالم هي مُعارضة للسلطة السياسية أو الحزب الحاكم كلّما كانت هناك اخلالات مستندين في ذلك إلى قوّة الحجّة ولا يُمكن بحال أن تتحوّل إلى معارضة للوطن وللشعب.
عبد الكريم عمر (عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي)
«الكف عن إعطاء المبررات للتدخل في شؤوننا الداخلية»
أولا من المهم الإشارة إلى أن أغلب الدول بما في ذلك الأوروبية لديها قوانين تحمي أمنها الاقتصادي ولم نسمع في هذه الدول من يحتج عليها أو يعتبر أنها موجهة اليه.
في تونس أعتقد أن الجدل الذي أثير حول هذا القانون هو توقيت الإعلان عنه وتزامنه مع المفاوضات لحصول تونس على مرتبة الشريك المتقدم مع الاتحاد الأوروبي مما دفع البعض للقول انه «موجه ضدهم « . من ناحيتي أنظر للمسألة بعين أخرى و هي أن المعارضة لا يمكن أن تكون ضد مصلحة الشعب وضد حصول أبنائه على مواطن شغل وضد مزيد الاستثمار في تونس وعموما ضد مزيد الرخاء و التقدم للبلاد..وإذا كان هذا القانون من شأنه أن يحمي اقتصاد البلاد ومتانته فلا بد من تثمينه...أقول هذا الكلام رغم موقفنا النقدي من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. و الذي عبرنا عنه بشكل معلن وصريح في مجلس النواب وفي كل المنابر السياسية والإعلامية في البلاد...
و بقدر ما نسجل الايجابية في روح هذا القانون فإننا ندعو إلى الكف عن إعطاء المبررات و الحجج من أي كان للتدخل في الشؤون الداخلية.
(المصدر: جريدة "الصباح" (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 جوان 2010)
التعليقات (0)