مواضيع اليوم

المعارضة السورية بحاجة إلى معارضة (ج 2 ) .

هشام الصباحى

2009-04-13 22:12:19

0


المعارضة السورية بحاجة إلى معارضة ( ج 2 ) .

 

فرمان بونجق :

المعارضة بتعريفها البسيط ، فعل يهدف إلى التغيير ، وليس إلى التبديل ، وهو فعل وردّة فعل في الآن ذاته ، وتستند في فعلها إلى رؤية أساسها فكر متعارض مع ماهو واقع ، غير متصالح معه ، وغير متسامح ، بمعنى أنها نتاج تعارض الرؤى في حل المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وسواء نشأت هذه المعارضة في بيئة قمعية ، أو في بيئة ديمقراطية ، أو حتى خارج بيئتها ، فهي تسعى إلى تسفيه ودحض كل ما ينجزه النظام الممسك بزمام السلطة ، حتى وإن كان هذا المنجز نافعاً ومفيداً ، وهذا ما يدفع النظم إلى التودد للمعارضات ، وخلق هوامش للمناورة معها ، وأحياناً للمساومة .
ومرآة المعارضة خطابها السياسي ، الذي يكشف حقيقة توجهها ، وبالتالي عرض ما يمكن عرضه عبر هذا الخطاب ، لاستقطاب الشرائح الجماهيرية كماً ونوعاً . والمراقب للخطاب السياسي الذي تتبناه المعارضة السورية ، بكافة أطيافها ، سيقع على خطاب متأرجح ، يمتد أحياناً ويجزر أحياناً أخرى ، يلامس حدود الممكن تارةً ، ويتجاوزه تارات أخرى ، وقد يرتفع أو ينخفض سقفه ، دون التوافق على توحيد أسس هذا الخطاب .
ونظراً لغياب المراكز البحثية ، أو المعاهد المتخصصة بالدراسات والاستطلاعات ، يغيب عن ذهن صانع الخطاب السياسي ، المزاج الشعبي ، أو مزاج الشارع السياسي ، فيبنى هذا الخطاب على أساس من التقدير والتخمين ، وغالباً ما نلحظ ـ ونتيجة ذلك ـ خطاباً مناكفاً أو متعارضاً مع المزاج الشعبي ، مما يفتح شهية قوى سياسية أو حتى جماهيرية ، لتوجيه انتقادات حادة ، لهذا الفصيل أوذاك الحزب أو تلك الجبهة ، كردة فعل طبيعية إزاء ما يُطرح على أنها رؤى تغييرية أو إصلاحية للأوضاع القائمة . ناهيك أن قوى السلطة بتجربتها وخبرتها وإمكاناتها ، تعمل على استغلال ضعف هذا الخطاب السياسي ، أفضل استغلال ، وتوظيف نتائجه في مصلحته ، وبالتالي يستطيع خلق الأجواء الملائمة ، للانقضاض على قوى المعارضة ، بأدواتها السلطوية المختلفة ، والتي وفرّتها قوانين الطوارئ والأحكام العرفية ، وطبيعة النظام الشمولية ، إضافة إلى حجم القوة المستخدمة في هذا الانقضاض .
في جانب آخر ، ونتيجة تشرذم المعارضة السورية ، وكنتاج طبيعي لهذه الحالة المشرذمة ، نلمس أحياناً خطاباً سياسياً تخوينياً ، يستهدف هذا الفصيل أوذاك ، من داخل المعارضة ذاتها ، وهذا أيضاً ناتج عن ضعف في الأداء السياسي ، وفي الوقت الذي يتوجب على كتّاب المعارضة ، أن يمارسوا النقد المتزن والمنطقي والبناء ، لقيادات المعارضة ، بهدف تقويم سياساتها ، نجدهم يشحذون أقلامهم ، بمناسبة أو بدون مناسبة ، بهدف النيل من هذه الشخصية أو تلك ، طبقاً للتمترس في إحدى الخنادق السياسية المناوئة لهذه القيادات ، متناسين ـ أي هؤلاء الكتـّاب ـ مدى الأذى الذي يمكن أن تلحقه كتاباتهم بالجسم المعارض ، وهي لا تصب قطعاً في مصلحة عمل المعارضة ، وإنما على النقيض من ذلك ، فإنها تعمل على زيادة مساحة الشرخ الموجود أصلاً ، والذي تعاني منه القوى المعارضة مع بعضها ، ومع نخبها وجماهيرها .
من هنا ، وتصويباً للأوضاع الخاطئة ، فيما يخص الخطاب السياسي للمعارضة ، لامناص من العمل على إعادة النظر في تأسيس وبناء مراكز الدراسات ، واستقطاب النخبة المثقفة من داخل الأحزاب السياسية وخارجها ، شريطة أن تعمل باستقلالية تامة ، بعيداً عن سطوة النفوذ الحزبوي ، أو المناطقي أو المصالحي أو أية مؤثرات أخرى . بهدف الإبقاء على التواصل مع مستجدات الشارع ، والعمل على تبني رؤية هذا الشارع ، من خلال الاستطلاعات والبحوث والدراسات ، وبالتالي المساهمة في صناعة الشكل الأرقى من الخطاب السياسي ، الذي يلبي احتياجات ورغبات القاعدة الجماهيرية الواسعة للمعارضة .

البقية قادمة ...

 

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !