قال جيش الأحتلال الأمريكي في العراق على لسان الكولونيل رتشارد فرانسي بأن جيشه حزين لمقتل مدنيين ابرياء في احدى عمليات الدهم اللتي جرت في مدينة الكوت
حيث داهمت قوة امريكية عدة منازل في احدى مناطق الكوت بدعوى تواجد عناصر من جيش المهدي داخلها . وقد اسفرت هذه العملية عن استشهاد رجل وامرأة . وعن اعتقال خمسة اشخاص بضمنهم ظابط شرطة عراقي وشيخ عشيرة المغدورين ومن ثم اقتيد المعتقلون الى جهة امريكية مجهولة للتحقيق معهم . ويقول الجيش الأمريكي ان العملية قد تمت بموافقة الحكومة العراقية وأن ظابطين عراقيين قد وقعوا على اوراق العملية وان جنود الأحتلال اطلقوا النار خطأ بعد ان شاهدوا رجلا مسلحا ظهر امامهم اتضح لاحقا انه شرطي عراقي واخ لأحد المطلوبين .
ولقد استنكر رئيس الوزراء المالكي العملية ونفى علمه بها , كما وطالب بأطلاق سراح المعتقلين وتسليم جنود الأحتلال القتلة الى المحاكم العراقية لمحاكمتهم . كما وصرح ناطق باسم الجيش العراقي بان الجيش قد اعتقل الظابطين اللذين اعطيا الجيش الأمريكي الأذن لتنفيذ العملية .
يعلم العراقيون جميعا ان مثل هذه العمليات لجنود الأحتلال تحصل عدة مرات يوميا في كل انحاء العراق وان غالبا ما يكون 90% من المعتقلين ابرياء ولكن هذه القوات لاتفرج عن هؤلاء الأبرياء الا بعد عدة شهور يعاني خلالها المعتقلون ما بات معروفا للجميع . كما وان كثيرا من الأبرياء العراقيين يسقطون جرحى وقتلى ضحية هذه العمليات الا ان التعتيم الأعلامي المتعمد يحجب كثيرا من الحقائق بهذا الخصوص .
تؤكد هذه العملية وطريقة تصرف الحكومة العراقية ازاءها ما قلناه سابقا من ان الأتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة والعراق ماهي الا تشريع برلماني عراقي للأحتلال وتبرير قانوني لقتل العراقيين . وان الحصول على توقيع روتيني تافه لأي ظابط صغير في الجيش العراقي يعطي الأذن لجنود الأحتلال بقتل الأبرياء واعتقالهم هو كل ماكان يطلبه الأمريكان لأضفاء الشرعية على الأحتلال وجرائمه من هذه الأتفاقية .
من المخزي والمعيب والمضحك في نفس الوقت ان يقول دولة رئيس الوزراء كلمات مثل لا ادري ولا اعلم , فأذا كان المسؤول الأول عن كل صغيرة وكبيرة في العراق لايعلم ماللذي يحدث في العراق فمن اللذي يعلم اذا . واين البرلمان العراقي اللذي انتخبناه ليحاسب الحكومة ( والمشغول هذه الأيام بمحاولة تأجيل الأنتخابات البرلمانية ) على ادائها في مثل هذه الحالات , فاذا كانت دماء العراقيين الأبرياء ليست امرا مهما بنظر البرلمانيين فما فائدة وجود البرلمان اذا .
لو فرضنا ان جنودا امريكان اخذوا اذنا من ظابط في الجيش الألماني او الياباني وانطلقوا من قواعدهم هناك في عملية ادت الى مقتل امرأة ورجل ابرياء في العملية فتصورا ماذا كان سيكون رد فعل البرلمان الألماني او الياباني , وماذا كان سيكون رد فعل الشارع في هاتين الدولتين لو خرجت رئيسة الوزراء الألمانية او رئيس الوزراء الياباني امام الجميع وقالوا اننا لاندري ولا نعلم بمثل هكذا عملية .
تدل تصريحات المالكي ونفيه العلم بها عن جهل رئيس الوزراء واعضاء حكومته المدقع ( بل والمتعمد ) بما وقعوا عليه في هذه المعاهدة . فهو اذ يطالب بتحرير المعتقلين وتقديم جنود الأحتلال القتلة الى المحاكم العراقية انما يخرق احد بنود المعاهدة المهمة اللذي يجعل من توقيع الظابطين العراقيين ( الروتيني ) عذرا قانونيا يمنع محاكمة هؤلاء القتلة بأعتبارهم ارتكبوا هذا الجرم اثناء الواجب وليس خارج الواجب كما تنص المعاهدة . كما اثبتت التجربة ان البرلمانيين اللذين استقتلوا على تمرير الأتفاقية انما كانوا يحمون انفسهم ومكتسابتهم الشخصية بهذا التمرير وتدل على طمسهم لحقيقة هذا الأتفاق واخفاء معناه الحقيقي عن الناخب والشعب بصورة متعمدة .
ان التخبط الحكومي المتعمد وغير المتعمد ونفي معرفة تفاصيل العملية قبل وقوعها من قبل رئيس الحكومة وهو اكبر سلطة تنفيذية في العراق الجديد واعتقال الظباط الموقعين على اذن العملية والمسرحيات المفضوحة بتوزيع الأتهامات في كل اتجاه كل ذلك يؤكد ان الحاكم الفعلي للعراق هو السفير الأمريكي في بغداد . وأن قوات الأمن العراقية في واد وجيش الأحتلال في وادي آخر . الأمر اللذي يبقي على ضياع دماء العراقيين اللتي تسيل كل يوم هدرا , ويسكت كل الأصوات المطالبة بالأستفتاء بنعم على الأتفاقية في الأستفتاء القادم .
كما ان مثل هذه الأحداث يجب ان تكون درسا لكل عراقي بحتمية اختياره في الأنتخابات القادمة لأي مرشح برلماني قادم يتعهد بتغيير قوانين الأنتخاب المقيتة المعمول بها حاليا وخاصة طريقة الأنتخاب بالقائمة واللتي تجعل الناخب ينتخب قسرا من لايعرفه ولا يعرف برنامجه الأنتخابي الأمر اللذي يجعل البرلمان وكأنه وزارة تابعة للحكومة لا سلطة تشريعية مستقلة .
التعليقات (0)