مواضيع اليوم

المشيئة والارادة

محمد سعيد مزوار

2015-08-01 09:46:06

0

 

 

ما من إنسان إلا ويقع في مشكلة أنه إنسان، وما من فرد إلا ويحاول حلّ مشكلة كهذه بما هو متاح له، وعلى هذا الأساس بدأ التاريخ يسجّل أمانيه وهو يصقل كل أعذار البشر من كلّ حجج المعتاد، وكأنّ مسارات الزمن هي حكايات أو روايات بلا رايات، هي عمليات تورية في خضم الكليات التي تجعل الأفراد قوالبا، تستحق أن يتم دراستها عبر ما يمكن للجميع اعادة ادارة الجميع.

خط رفيع للغاية بين الحفاظ على الذات وذوبانها في مجتمع نتن كهذا، أمر يستحق أن يكون لغزا بين دهاليز الأفكار، هي قدرة على التعريف بما يمكّن الإنسان من اجتراح كل ما يصبّ في قضايا أعذاره، حيث يفرّ الجبان، ويبقى الرجال صامدين أمام كل بنيان، ومع ذلك في لحظة، وبواسطة كلمة قد يظهر الباقي من جبل الجليد بكل جلالته.

أنا الواقف على مفترق الأزمان، يجد الفرد أمام نفسه الكثير من علامات الغواية بالجبن، الفرد الجبان هو فرد مريد دون أن يحقق إرادته، لأن المشيئة التي تحمله هي بعيدة عن دقات ساعة المصير؛ هناك بين الثانية والأخرى لعبة تجعل الفرد البشري غير متوازن، على الرغم من أنه يحفر قدره بنفسه إلاّ أن عملية حفر كهذه هي المحفوفة بكل أنواع العراقيل، بكل أنواع المصاعب والمسائل، إنها عبارة عن جسور تجعل الأدنى أغلى من كافة أساور الأثمان، وكأنها أغلال لا جرم أن يحفظها الإنسان بلا ثمن، هي لغة تكسب القدرات البشرية نوعا من التعطيل، نوعا من التفضيل، نوعا من تبجيل الذات بغض النظر والبصر عن الباقي من الذوات.


"... اتركني ووحدتي أرتشف الدمع شربا، وأتنشق الحزن نسيما، واذهب، يا دهر إلى الغرب، حيث القوم في عرس الحياة وعيدها ودعني أنتحب في مآتم أنت عاقدها..."

(جبران خليل جبران، دمعة وابتسامة، بيت الحكمة-الجزائر، الطبعة الأولى، 2015م، ص: 58)


ما أغلظ العمر وهو يسامر الدهر مناجيا، محاولا اراقة مشاعر الخوف على رقعة الحزن، هذه الأمور الجليلة هي التي تعزز صمود الإنسان بلا عودة إلى البداية الأولى لكل فرد منّا، بلا سهر حتى الفجر مستغرقا في التفكير وغارقا في التفلسف، وكأنّ ساعة القدر هي الضابط الشرعيّ لكل إنسان، على الرغم من أنّ آخر الكلمات هي تلك التي تؤدي رقصة الفارس بلا عثرات أو زلات، حيث الكمال، حيث الجمال،

حيث عناوين الفخر والاقتدار بجانب كل مسار؛ ويظهر الطفل مناديا: أنا هنا، يا عالم الظلام أنا من أراد بهجة ابتسامة غريبة عن عالمك أنت، أنا من حاول أن يكون إنسانا بعيدا عنك أنت، عن مصائبك أو مصاعبك أنت، حيث الفرح عنوان، وحيث القرح امتنان، وحيث الترح جبن يفوح من كل جبان، أنا من أراد أن يحيى بين الأموات، وكأن الموت هو الحياة، أنا من ردّ جيوشا بأنامله، ردّ رصاصا بعصارة فكره، قاوم أساطيل التاريخ الرومانيّ بفلسفته، حيث أكون أنا بدون أن أكون أنا.

من هناك، من بين جيش أخيل الجزائري الهاوي لفضفضة التعزير، أحاول جمع الشتات الذي يروق لكل أسير، أبحث عن مسار هو ليس لي، عن حياة هي ليست من نصيبي وكأنني في مواجهة أبدية في وجه القدر، في مواجهة البشرية التي تخنق أنفاس إنسانيتي، هي عمليات تجديد لكل ما من شأنه طبع الجديد بالحياة.





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !