إجراءات تعيد أجواء الحرب الباردة
المشروع النووي الإيراني تحت "حصار تكنولوجي"!
ممدوح الشيخ
مفاجأة تايوانية: شركات ساعدت إيران في الحصول على معدات أوروبية ذات استخدام عسكري نووي
اجتماعات لمسؤولين إيرانيين مع شركات مقرها تايوان لشراء محولات ضغط..و100 منها شحنت بالفعل
نيتانياهو: علماء روس قدموا مساعدات مهمة للمشروع النووي الإيراني.. والقائمة في الكرملين
مفتش أسلحة: علماء روس ساعدوا إيران في أنشطة تسلح نووي
محطة لرصد الأنشطة النووية يجري إنجازها في تركمانستان قرب الحدود الإيرانية
خبير تقني إيراني 60 % من المعدات النووية يمكن تصنيعها في إيران دون مساعدة خارجية
في مارس 2001 صدرت عن الكونجرس الأميركي دعت دراسة حول الحد من التسلح إلى صيغة تفاهم دولي لضبط تجارة الأسلحة الفائقة التقنية. وهذه الدراسة كانت مثار تعليقات سياسية واسعة كونها في حال تم تبنيها ستعتبر تكراراً عملياً لضوابط ما كان يسمى "لجنة التنسيق المتعددة الاطراف لضبط الصادرات" المعروفة اختصا باسم (كوكوم). وهذه اللجنة كانت من أهم معالم الحرب الباردة، حيث التي ضيقت على تصدير التقنيات الدفاعية المتطورة للاتحاد السوفياتي ودول أوروبا الشرقية.
ومنذ ذلك الحين أصبحت عملية ضبط هذه السلع "المزدوجة الاستخدام" مدني/ عسكري واحداً من أهم التحديات التي تتصدى لها أميركا في مرحلة ما بعد الحرب الباردة. ومع التطور الهائل في تقنيات الأسلحة صارت أنواع عديدة من الصادرات: من المضخات الهيدروليكية إلى أنظمة الرادار، قابلة للاستخدام في أغراض مدنية وعسكرية على السواء.
ومنذ أن تم حل لجنة كوكوم" بنهاية مارس 1994 سقط الفيتو الذي كانت تستخدمه لمنع التكنولوجيات المزدوجة الاستخدام من الوصول إلى "الدول المارقة". وفي مسعى جزئي للاستعاضة عن "كوكوم" وقعت الدول الأوروبية وأميركا وروسيا "اتفاقية فاسينار" عام 1996. إلا أن هذا التحالف قد قبضته أقل قوة من قبضة "كوكوم".
مفاجأة تايوانية
ومع تصاعد الاهتمام الدولي بالمشروع النووي الإيراني بدت أجواء الرقابة على الصادرات تعود بقوة. وقبل أيام أعلنت تايوان أنها تفحص تقريرا يكشف عن بيع إيران معدات نووية، المعلومات الواردة بالتقرير تفيد بقيام شركات المحلية في حصول إيران على معدات يمكن استخدامها لإنتاج مواد تصلح لصنع أسلحة نووية.
وحسب مسؤول في مكتب التجارة الخارجية التايوانية فإن هذا التحقيق من شأنه أيضا
دراسة ما إذا كانت هناك ثغرات في الإجراءات التنظيمية للتجارة التايوانية. والتقرير يتهم شركات تايوانية بتزويد إيران – وبالتحديد – وزارة الدفاع بـ 100 من محولات الضغط التي يمكن استخدامها في تخصيب اليورانيوم. وبناء على معلومات مصدرها استخباراتية غربية لم تحدد، فإن مسؤولين إيرانيين عقدوا اجتماعات مع شركات مقرها تايوان لشراء مئات من محولات الضغط، وأن 100 منها تم شحنها بالفعل إلى إيران.
وكانت إيران تحاول جاهدة للحصول على هذه المعدات لأكثر من سنة، لكن جهودها أحبطت بسبب رفض الشركات الأوروبية والأمريكية بيعها إياها. والمحولات التي يشير التقرير إليها صنعت في شركات أوروبية واشترتها شركات تايوانية لتعيد بيعها لإيران لإحباط الجهد الدولي المتنامي لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية. والمعدات تتمثل أهميتها في تحويل الضغط التناظرية (التقليدي) إلى رقمي، وصحيح أن لها استخدامات مدنية عديدة، لكنها أيضا تمثل عنصرا حيويا في تخصيب اليورانيوم وذلك بسبب الحاجة لإجراء قياسات دقيقة. وهذه المعدات محظور على إيران شراؤها من في السوق المفتوح، وهو إجراء هدفه الحد من انتشار الأسلحة النووية عبر السيطرة على تجارة المواد التي يمكن استخدامها في صنعها.
وحسب دبلوماسي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المعلومات، فإن التحقيق الرسمي التايواني تم بأمر من رئيس مجلس الأمن القومي سو تشي، فيما امتنع المتحدث باسم مكتب الرئاسة عن التعليق على هذه المسألة، قائلا إنه لم يتم التعامل معها عن طريق مكتبه، رغم أن رئيس مجلس الأمن القومي يعمل مباشرة مع الرئيس. ورغم تحول أميركا من الاعتراف الديبلوماسي بتايوان إلى الاعتراف بالصين، فإن أميركا تظل الشريك الأجنبي الأهم لتايوان. وفي حال تأكدت صحة هذه المعلومات فمن المؤكد أن تثير ردود فعل أميركية سلبية قوية، بل يمكن أن تقوض الثقة الطويلة الأمد بين الجانبين.
الثغرة الروسية
وتأتي المفاجأة التايونية بعد سجال إسرائيلي روسي حاد حول مساعدات علمية يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه أن علماء روس قدموها للمشروع النووي الإيراني. وهو بالفعل قدم قائمة بأسماء هؤلاء العلماء إلى الكرملين. رئيس الوزراء الإسرائيلي زار موسكو منصف سبتمبر 2009 خصيصا لهذا الغرض مصطحبا معه عوزي آراد مستشاره للأمن القومي في زيارة سرية. وكان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أعلن آنذاك أن نيتانياهو في إسرائيل. وهو كان فعليا في موسكو وأجرى محادثات – وصفت بـ "المتوترة" – مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، ومع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف.
ويصر المسؤولون الإسرائيليون أن أي العلماء الروس الذين يعملون في إيران لا يمكن أن يفعلوا ذلك إلا بموافقة رسمية. كان ديفيد أولبريت وهو مفتش أسلحة سابق يعمل حاليا رئيسا لمعهد العلوم والأمن الدولي قال إن هناك مساعدات روسية ليس من الحكومة بل من أفراد ساعدوا إيران في أنشطة تسلح نووي. ويؤكد غاري سامور المسؤول بمجلس الأمن القومي في عهد الرئيس كلينتون أن الإيرانيين كانوا نشطين للغاية في تجنيد ودفع العلماء الروس لتقديم المساعدة لهم في برنامجهم النووي.
أنف إليكترونية نووية
وفي تطور يعزز القول بأن إيران موضوع "حصار تكنولوجي" بسبب الطبيعة الغامضة لبرنامجها النووي أعلن أن محطة لرصد الأنشطة النووية يجري إنجازها في تركمانستان قرب الحدود الإيرانية، وهي جزء من شبكة من المحطات في جميع أنحاء العالم تراقب الغلاف الجوي للكشف عن التفجيرات النووية من جانب البلدان التي تجري اختبارات نووية سرا، ومن المتوقع تشغيل المحطة بحلول عام 2010.
وتشكل التقديرات المتفاوتة لقدرات إيران النووية مشكلة تعكسها التقارير المتضاربة حول الشوط الذي قطعته في مشروعها النووي. وفي تقييم لمسئولين أمميين وغربيين لوثيقة سرية إيرانية كشف عنها مؤخرا جاء أن العلماء الإيرانيين أجروا تجارب على عنصر يستخدم في تفجير الرؤوس الحربية النووية. في واحدة من أقوى الأدلة التي تكشف عن الجهد السري الإيراني لصنع أسلحة نووية.
ويفترض أن إيران أجرت أبحاثا سرية حول بناء سلاح نووي حتى عام 2003 ثم توقفت الأبحاث استجابة لضغوط دولية، ومن المحتمل أن تكون استأنفت تجارها السرية عام 2005. وكان خبير تقني إيراني رفيع أعلن في تموز/ يوليو 2009 أن إيران تولي اهتماما لتشجيع الإنتاج المحلي من المعدات النووية مقدرا أن 60 % من هذه المعدات يمكن صنعها دون مساعدة خارجية.
التعليقات (0)