مواضيع اليوم

المشاركة السياسية للمرأة في الإسلام

طالبه تخشى الموت

2010-10-25 22:20:46

0

 ليست هناك قضية أعقد وأوضح من قضية مشاركة المرأة في مجالس الأمة والبرلمانات؛فهي من أعقد القضايا لما حام حولها من آراء ونظريات مؤيدة ومعارضة،بين محلل ومحرّم،حتى إن بعض الدول الإسلامية لازالت متوقفة في هذا الموضوع حارمة المرأة حقاً طبيعياً من حقوقها المشروعة. وفي الوقت نفسه ليست هناك قضية إسلامية أوضح من هذه القضية لكثرة الأدلة،ووضوح دلالتها على السماح للمرأة بممارسة هذا الدور من خلال حق الاقتراع و الترشيح.
ويكفى أن يكون أول شهيد في الإسلام امرأة.وشاركت المرأة في هجرة الحبشة مرتين،وفي هجرة المدينة حيث أُسِّسَت الدولة على أكتاف الأمة جميعا:نساء ورجالا،كما شاركت المرأة في البيعة بأنواعها وشاركت في الجهاد. وكانت هجرة المدينة انتقالا من"الدعوة المضطهدة"إلى "الدولة الإسلامية"،وهي بلا شك أخطر حركة سياسية سلمية آنذاك.وكان للمرأة دور كبير في هجرة النبي تحديدا،وبرز فيها دور"أسماء بنت أبى بكر"(ذات النطاقين)رضي الله عنها و أختها"عائشة" وغيرهن.
وهاجرت المرأة كالرجل وضحَّت بالأهل والديار والأموال.واستمرت هجرة المرأة لما بعد صلح الحديبية،فكان الرجل يُمنع من الهجرة إلا إذا وافق أبوه أو قرابته أو مولاه،أما المرأة فاستمرت وحدها تهاجر للمدينة وكانت تُمتحن بعد هجرتها وتبايع.ومن دلائل هذه المبايعة لهن على تمام أهليتهن للمسئولية والتكليف،أن الرسول كان يبايعهن على الهجرة بينما كان يأبى على بعض الأعراب أن يبايعهم عليها،لما كانوا عليه من الضعف،فكان يخاف ألا يَقْوَوا عليها ولا يقوموا بحقوقها لأن أمر الهجرة شديد.
ولم تكن بيعة النساء دينية فحسب،بل كانت سياسية كذلك،فهي ميثاق ولاء للنظام السياسي الإسلامي والالتزام بجماعة المسلمين والطاعة لإمامهم،وهي تضفي الشرعية على نظام الحكم بل تسبق في الخبرة الإسلامية في عهد الرسول إنشاء الدولة،فهي أساس المجتمع السياسي الإسلامي وأداة إعلانه التزامه بالمنهج. وفيما يتصل بمسئولية المرأة في الشورى،تشارك المرأة في المسائل التشريعية ذات الصبغة الفقهية،ولها بالإجماع حق الاجتهاد والفتوى،و تشارك في الشورى في المسائل الفنية المتخصصة،فالعبرة فيها بالأهلية بمعنى القوة والأمانة. كما تشارك في الشورى على المسائل العامة باعتبارها فردا في الأمة.وتشارك في الشورى على المسائل الخاصة بفئة معينة من خلال العمل النقابى الذي تتأسس مشاركتها فيه على حقها في العمل المهنى،ومن خلال الاستفتاءات المحدودة إذا كانت ضمن فئة ذات مصلحة خاصة.
ورغم دخول النساء في المساحة الفقهية،والعلاقة المهنية،والرابطة الإيمانية،فإن المرأة يظل لها بعض الأحكام الخاصة في الشرع،وبعض المصالح الخاصة في الواقع،وهو ما يستلزم الرجوع لعامة النساء قبل اتخاذ قرارات تخصُّهن في الدولة الإسلامية،وهو ما فعله الرسول في مناسبات عديدة،وكذلك خلفاؤه الراشدون.
وهناك من اعترض على مشاركة المرأة في مجلس الشعب،وذكروا في أسباب المنع اختلاط المرأة بالرجل الأجنبي،والذي سيؤدي إلى كشفها عن جسدها،غير الوجه واليدين - وهذا هو رأي قحطان الدوري- وما ذكره الدوري ليس بقاعدة عامة؛فمع تقيّد المرأة في مكان عملها بحجابها،بحيث أن مشاركتها في العمل ليس مدعاة لارتكاب المحرمات،أو إثارة شهوة الآخرين ،ينتفي المحذور الذي ذكره المانعون،فمجرّد وجود المرأة في العمل ليس أمراً محرماً شرط أن يكون هذا العمل مشروعا.
بينما استند المؤيدون إلى الآية:(وأمرهم شورى بينهم)،يقول محمد عبد الله العربي:(لم يخصّ فئة من القوم دون سواهم بأداء مقتضيات الشورى،وإذن الشعب كله أي كل مكلف راشد فيه من ذكر أو أنثى يجب أن يشترك على الأقل في أهم العمليات التي تقتضيها الشورى ومنها عملية الإنابة). واستند البعض إلى الآية:(ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)يقول آية الله العظمى السيد الشيرازي:(إن المرأة لها مكانة في الإسلام كمكانة الرجل في جميع الحقوق والواجبات،والأصل هو التساوي، إلا بعض المستثنيات التي هي في مصلحة الرجل والمرأة كليهما.
و في الحديبية عندما فرغ رسول الله(ص)من الصلح أمر المسلمين أن ينحروا ويحلقوا فرفض المسلمون ذلك،فلما لم يقم منهم أحد دخل(ص)على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس،فقالت"أم سلمة":(يا نبيّ الله أتحب ذلك؟أخرجْ ولا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك،وتدعو حالقك فيحلقك)؛فخرج فلم يكلّم أحداً منهم حتى فعل ذلك؛نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه،فلما رأوا ذلك،قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاَ حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً.
و أيضاً قبوله(ص)ل"أسماء بنت يزيد"أن تمثل النساء،فقد سمح لها أن تمثل النساء بين يديه وطلب منها أن تنقل لمجموعة النساء اللائي تمثلهن الكلمات التي قالها لها حيث روي عن(أسماء بنت يزيد)أنها أتت النبي(ص)،فقالت:إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين يقلن بقولي ،وعلى مثل رأيي،إن الله بعثك إلى الرجال والنساء،فآمنا بك واتبعناك، ونحن معشر النساء مقصورات مخدرات قواعد بيوت وموضع شهوات الرجال وحاملات أولادكم،وإن الرجال فضلوا بالجماعات وشهود الجنائزوإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم، وبيننا أولادهم،أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟
فالتفت رسول الله(ص)بوجهه إلى أصحابه وقال لهم: سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذهِ؟،فقالوا:لا يا رسول الله،فقال رسول الله(ص):انصرفي أيتها المرأة،وأعلِمي من وراءك من النساء أن حسن تبعّل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته،وإتباعها موافقته يعدل ذلك كله.فانصرفت أسماء وهي تهلل وتكبّر استبشاراً بما قال لها رسول الله.وكان رسول الله(ص) يستشير المرأة فيأخذ برأيها:جاء في(عيون الأخبار)عن الزيادي، قال:(حدثنا حماد بن زيد عن هشام عن الحسن قال:كان النبي (ص) يستشير حتى المرأة فتشير عليه بالشيء فيأخذ به.
فمما تقدم يتبين لنا مشروعية عضوية المرأة في مجلس الشعب- بجواز مشاورتها- فهي والرجل على حدٍّ سواء في هذه العضوية،وعلى هذا الأساس ذهب البعض إلى تجويز دخول المرأة في عضوية مجلس الشعب،منهم"تقي الدين النبهاني"الذي ناقش الأدلة المعارضة واستنتج قائلاً:(للمرأة الحق في أن توكل عنها في الرأي،ويوكلها غيرها فيه،لأن لها حق إبداء الرأي،فلها أن توكل فيه،ولأن الوكالة لا تشترط فيها الذكورة فلها أن تتوكل عن غيرها). وإلى ذلك فقد قال الشيخ" شمس الدين"(رحمه الله):(من الناحية الفقهية المرأة؛باستثناءات قليلة في التشريعات التعبدية؛هي مماثلة للرجل في كل الحقوق والواجبات وإن أهليتها كاملة في تولي مسؤوليات أخرى،وأنها في جزء من ولاية الأمة على نفسها).
ويذهب الشيخ"شمس الدين"(رحمه الله)إلى أبعد مما قيل حتى الآن،حول مشاركة المرأة في الإسلام ،حيث أجاز لها أيضاً تولي رئاسة الدولة بالإضافة إلى المشاركة في الحياة السياسية كناخبة أو منتخبة.وعلى نظرية(ولاية الأمة)التي يراها المرحوم"شمس الدين"فإن رئاسة الدولة هي أعلى منصب في الدولة وإن للمرأة الحق في تولي أعلى منصب في الأمة عبر الانتخاب.و يرى الدكتور"محمد عبد الملك المتوكل"(من اليمن)،وكان رحمه الله المنسق العام للمؤتمر القومي- الإسلامي،في دراسة عن "الاسلام وحقوق الإنسان" نشرت ضمن كتاب" حقوق الإنسان العربي"-(بيروت،مركز دراسات الوحدة العربية،1999)أن"المساواة التامة بين الرجل والمرأة في الإسلام هي القاعدة الأساسية والاتجاه العام،أما الأحكام الجزئية التي تخالف هذا الاتجاه أو تبدو انها تخالفه،فلابد من البحث عن معقوليتها في المقاصد وأسباب النزول".
و يرى الشيخ"راشد الغنوشي"إنه ليس هناك في الإسلام ما يقطع بمنع المرأة من الولاية العامة قضاءً أو إمارة استناداً إلى قول الله تعالى"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر".ويعمق الرأي السابق فقيهان سوريان هما الدكتور" محمد الحبش" والدكتور"محمود عكام".يقول الدكتور"الحبش":"إن ما تقوم به بعض البلاد الإسلامية...من صد المراة عن المشاركة في الحياة العامة... هو خيار واحد من خيارات أخرى في التاريخ الإسلامي،وهو مردود ببيانات القرآن والسنة".
ويستطرد الدكتور"الحبش" مستشهداً بالإمامين"القرطبي"و"العسقلاني"الذين جزما بأن المراة قد بلغت رتبة النبوة في شخص السيدة الطاهرة"مريم بنت عمران"والدة السيد المسيح،ولاشك ان بلوغها مرتبة النبوة إقرارمن هذين الإمامين الجليلين بأنه لاتصد المرأة عن رتبة الولاية إذا كانت لها كفؤاً.أما الدكتور"محمود عكام"فيقول:"للمراة الولاية إذا امتلكت مقوماتها كما هو الأمر بالنسبة إلى الرجل.ولايمكن أبداً أن تفقد صفة الأنوثة أحقية المرأة بالولاية إذا كانت مقتدرة وممتلكة لمقوماتها.وأقصد بالولاية هنا:الولاية بشكل عام، حتى إذا وصفناها بالعامة صار المراد منها الرئاسة العامة.وإلا فماذا يعني حديث الرسول (ص)القائل"إنما النساء شقائق الرجال"....".




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !