ســــــرحْ الطرف في المُســـيبِ يُسَيبُكَ جمــالٌ مِن مَنظــرِ فَتانِ
مّرَ يشــــدوا لها الفــــــرات أغا نيهِ مُحبــاً فـي رقـــةٍ وحــــنان
النخيل النخيل يضــــــفي عليها كلَ حسـنٍ من خضـــرةِِ الأفنانِِِِِِ
عـامَ في وجههـا راحت تمــنيهِ وعــــــود الوصــال في نسـيان
ياعروس الفرات لأنت روضـاً مـــونقناً بالـــــورود والريحـانِ
جنوب العاصمة بغداد بـ 65 كلم يمر الفرات الهادر بين صدر مدينة عذراء ناعسة حنى عليها ليكون لها سكناً وتكون له داراً.
شاركت التأريخ صنع أحداثه، فبانت ملامح الزمن عليها وعلى معالمها فشهدَ لها تحملها الضيم والصبر ألماً وكمداً كي لاتقول للظالم نعم ... وحتى لا تأكل بثدييها، بل كانت شماء حربة في خاصرة الحاكمين الكفرة بمبادئ الإنسانية والعدالة الإلهية وأعوانهم من الظالمين، وبالمقابل كانت حفراً لضم رفات الأبطال من شهداء المبدأ والعقيدة الفكرية التي تحمل السمو والرفعة لبني البشر ليدفنوا في القلوب قبل المقابر الجماعية والذين كانوا نبراس في طريق من أتى بعدهم ينشد الحرية ...
ومن ضحكات التأريخ عليها ما ذكره الرحالة البرتغالي ستيفن هيمسلي حين مر بها برحلته عام 1604م واصفاً إياها بقوله : (خاناً كبيراً يقوم في موضع مناسب على الفرات فوق أنقاض مدينة قديمة كانت تسمى المسيب !؟).
ففي كل زمان يقسوا عليها يهدّها فتعود من بقايا مدن و خانات إلى مدينة تضاهي بما بها المدن.
فهذه المدينة المجاهدة حالها حال محبي أهل بيت النبي محمد (ص) من المؤمنين الذين يودوّن قربى الرسول الأعظم فنجدها كالكشاف الذي مِن خلاله نستطيع تحديد نوع الحكم العراقي أهو كافر وظالم أم هو مؤمن موالي للإسلام!!!
فتتهدم المدينة على رأس أهلها في الحالة الأولى وتزدهر بالثانية بقوافل زوار كربلاء المقدسة مروراً بها، فيُذكر في التأريخ إن من ضمن من مر بهذه الأرض الطيبة هو الشاه عباس الصفوي (وقد إستطرقها الشاه عباس بموكبه لزيارة العتبات المقدسة وأمر ببناء معقل هناك لاستراحة المسافرين والزائرين في الجهة الجنوبية من النهر على ضفة الفرات )2.
ومن ميزات هذه المدينة التي وسمت بها ، مامر بها زائر إلا وأعاده الشوق لها، وما من ساكن أقام وجيزة الوقت بها، إلا وأكمل بقية عمره فيها، لطيب أهلها ولحنوها على الغرباء.
فهذه المدينة المجاهدة ضحت ومازالت تضحي من اجل تحرر العراق وشعبه من نير الاستعباد والأنانية، إضافة إلى إنها عصب من أعصاب اقتصاد عراقنا الحبيب من عدة نواحي كالزراعة (ففي العهد العثماني للعراق كانت المسيب ذات أهمية كبيرة من الناحية المادية التي توفرها الزراعة للحكومة آنذاك ...فقد كانت تعتمد عليها إضافة للحكومة المناطق القريبة من الحلة وبغداد)3، و تشتهر المسيب بزراعة الشلب والتمور والفواكه وكذلك وجود سوق كبير فيها لتوريد المواشي لباقي مدن العراق والعاصمة بالذات، إضافة إلى إنها ركن من أركان السياحة الدينية التي هي نفط دائم لا ينضب، ففي وسط هذه المدينة قرب فلكتها الدائرية تربض حسينية أهالي المسيب تجمّع المؤمنين وملاذ أهاليها الطيبين، وتبعد مدينة المسيب عن كربلاء المقدسة بـ 25 كلم فشاركت جغرافيتها بمعركة الطف فضمت أضرحة عديدة من الصحابة وأهل بيت الرسول (ص) ففيها يرقد أولاد مسلم ابن عقيل ابن أبي طالب (محمد وإبراهيم (ع)):
وقصة شهادتهم بعد انجلاء معركة الطف سنة 61 هـ وكيفية هروبهما من السجن مشهورة والتي أبكت بأحداثها التأريخ، يقع هذا المرقد الطاهر على بُعد حوالي ثلاث كيلومترات شرقيَّ المسيَّب.
وقبر الإمام أبو يعلي العرزمي:
هو السيد الجليل أبو يعلي بن الحسين بن علي العرزمي بن محمد بن جعفر بن الحسن بن الإمام موسى الكاظم (ع) وقد اشتهر بكنية محلية شائعة هي (أبو ورور ).
وقال عن صاحبه ( السيد الجليل والفاضل النبيل ابن السادة الأمجاد المقتول ظلما استشهد في طريق قصر ابن هبيرة) .
والسيد إبراهيم المجاب :
بن السيد محمد العابد بن الإمام موسى بن جعفر(ع) أخو محمد ذو النفس الزكية (ع).
وابنه الإمام احمد ويكنى بـ (أبو القاسم ):
ومرقده من المراقد المقدسة في مدينة المسيب هو مرقد السيد احمد بن إبراهيم المجاب بن محمد العابد بن موسى الكاظم (ع) وكنيته أبو جعفر, واشتهر بكنية محلية غلبت على كنيته السابقة وهي اسمه ( أبو الجاسم ), ولد في كربلاء وانتقل إلى مدينة قصر ابن هبيرة حيث أدركته الوفاة فيها، ويقع مرقده شرقي المسيب على مسافة عشرة كيلو مترات تقريبا.
السيد محمد:
الذي يرجع للإمام موسى بن جعفر (ع) ويقع مرقده في داخل المسيب المدينة .
وأيضا على إطراف المدينة قبر أحد أبناء الإمام موسى الكاظم (ع) .
إضافة لقبر السيد الجليل إبراهيم بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي ابن أبى طالب (ع)، والذي أشار إليه دعبل الخزاعي بقوله:
وقبرٌ بأرضِ الجوزجانِ محلهُ وقبرٌ بباخمرا لدى الغربات .
وقصدها الخزاعي (باخمرا) كانت ومازالت حاضنة الأولياء والصالحين.
ففيها الكثير من ما يبحث عليه الزائر والباحث التأريخي، إضافة إلى إنها ممر من بغداد والمحافظات الشمالية إلى كربلاء المقدسة وباقي مدن الجنوب.
فيا أيها الحاضر احنوا على هذه المدينة حنوا الحوادث فيها، فلم يبق من هزات التاريخ بها سوى تحملها، لتبقى المسيب بنت وعشق الفرات الهادر .
ولسان حالي يعتذر من الرئيس الكاتب أبو بكر بن القبطرنة برسالته التي كتبها إلى للعالم أبي الحسين بن سراج، فيحولها الى الحسين السبط بن فاطمة الزهراء والى مدينة الكرام المسيب فأقول:
يا سيدي وأبي هوىً وجلالةً
ورسول ودي إن طلبت رسولا
عرج بالمســـــيب إذا بلغتها
بابي السجاد وناده تامـــــيلا
وإذا سعدت بنظرة في ارضه
اهـدِ الســـــلام لقبرهِ تقبيـــلا
واذكر له شوقي وشكري مجملاً
ولو استطعت شرحته تفصيلا
بتحــــيةٍ تهــــــدى إليه كأنمــــا
جرت على زهر الرياض ديول
حيدر طالب الأحمر
أستاذ جامعي
التعليقات (0)