الإسلام كبير بتعاليمه، صغير بأتباعه
الإسلام دين عقلاني ، فإذا دخل عقلَ أكثر المسلمين توقف التفكير واستعان معتنقوه بالنقل.
الإسلام دين تسامح، ويؤكد أنَّ من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وأن الله هدىَ الإنسانَ النجدين، وألهم النفس فجورها وتقواها، وطلب من المسلمين أن يصمتوا ولا يضرّهم من ضَلَّ إذا اهتدوا، ورفض أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعضه، وأن نقول ما لا نفعل.
وجاء المسلمون الجدد فجعلوه دين تعصب، واخترعوا حدّ الردّة في مخالفة صريحة لكلام الله، فمن يعتنق الإسلام يحتفلون به، والمسلم الذي يبحث عن دين آخر ويعتنقه يقطعوا رقبته ، بعد استتابته.
وأول أمر في الإسلام هو القراءة، وجاء المسلمون الجدد فكانت الأمية آخر اهتماماتهم.
والإسلام يربط النظافة بالإيمان فجاء المسلمون الجدد وربطوا القذارة بالإيمان، ولم يأبهوا لجبال من القمامة ملتصقة بموقع السجود.
ونبينا الكريم، صلوات الله وسلامه عليه، أكد أنه خـَـصـْـم يوم القيامة للمسلم الذي يؤذي غير المسلم، فجاء المسلمون الجدد ليحرّموا تهنئة غير المسلمين في أعيادهم.
والإسلام أكد على الجمال والوجه الحسن والابتسامة، والمسلمون الجدد يغطي شعر اللحية نصف الوجه الأسفل، ويعتز أكثرهم بأنها غير مهذبة أو مشذبة، وإذا تديــَّـن أحدهم اختفت الابتسامة كأنها تتناقض مع الدين.
اعتنق الإسلامَ علماءٌ أجلاء مثل روجيه جارودي وفانساي مونتاي ومراد هوفمان وميشيل بوكاي وليوبولد فايس، وقابلت في نصف قرن شيوخاً ورجال دين تكاد تنطق من وجوههم سماحة الإيمان، وجاء المسلمون الجدد فجعلونا نخاف من أشكالهم ولحاهم وكحلهم وعيونهم ونظراتهم وتفسيراتهم وفتاواهم، وبتنا نخاف منهم على أطفالنا ونسائنا وقناعاتنا الدينية ، فهم يجبرونك على النفور من دين آبائك.
توجيه إلهي رائع وملزم بأنْ خلقنا الله من ذكر وأنثى لنتعارف ونحتكم إلى نعمته في الوجه معبرا عن المشاعر كلها، من غضب وحب وكراهية وطيبة وسماحة وبغضاء وحيرة وانتقام واقتناع وذكاء وفهم ومكر ودهاء و ... ومئات من المشاعر الأخرى التي لا تعرف طريقها إلى الحياة الصحية إلا عن طريق الوجه، فجاء المسلمون الجدد، ورفضوا التوجيهات الالهية، واخترعوا ملابس تغطي وجه المرأة في نوع جديد من الاحتقار والوأد، فإذا حاججتهم بتوجيهات العلي القدير ردّوا عليك بتفسيرات علمائهم الذين يعتبرونهم، فعلا وليس قولا، أكبر من الله، تعالى عما يصفون.
المسلم سلوك، فجاء المسلمون الجدد يقررون أن المسلم لسان.
في الإسلام الحقيقي ينبغي أن تجد لأخيك، المسلم وغير المسلم، سبعين عذرا لكل ذنب، وجاء المسلمون الجدد فعكسوا الآية لتجد نفسك باحثا عن سبعين ذنباً لهفوة صغيرة.
الإسلام حالة حب تتسلل إلى النفس فتشعر أنك متوّحد مع الكون كله، ودعاؤك إلى الله لا يفرّق بين الناس، وتطلب من الله أن يغفر لكل من أتاه بقلب سليم. وجاء المسلمون الجدد ليتحول في سلوكياتهم وأقوالهم ووجوهم إلى حالة من البغضاء، والدعاء أن يشل الله أيدي غير المسلمين، وأن يرحم في الآخرة المسلمين فقط.
مازلت أتذكر تلك الرسالة التي أدمعت لها عيناي وهي من مهاجر قبطي كتب لي بأنه لم يتحدث مع مسلم منذ ثلاثين عاما، فلما قرأ بعض مقالاتي استعاد ذكريات جميلة، واشتاق إلى اخوانه المسلمين وجيرانه وصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد والآذان في المسجد القريب الذي يختلط مع جرس الكنيسة فيتكون منهما توأمان لا ينفصلان.
المسلمون الجدد يتوهمون أنهم يدافعون عن الإسلام، والحقيقة أنهم لو تركوا الإسلام في حاله فسيدافع عنهم بقوة صمتهم وسلامهم ومحبتهم للإنسان مهما كان دينه.
جاء حين من الوقت كانت مقارنة الأديان عملا ثقافيا، ومعرفيا، وعلميا يخوض فيه المتخصصون، وجاء الزمن الأسود... زمن الفلول والعسكر والاخوان المسلمين والسلفيين وموريس صادق وأتباعه فتحولت المقارنة للضرب تحت الحزام في أعفن عملية ردح وكذب وأباطيل بين الدينين الكبيرين.
عبقرية مصر ليست في الزمان والمكان فقط، ولكن في التحام وتعاون وتسامح ومحبة أصحاب الدينين الكبيرين، الإسلام والمسيحية.
عبقرية مصر عندما يكتشف المصريون أن التعصب والطائفية والتمييز والاستعلاء والطاووسية الدينية وخرافة أن هناك فرقة واحدة ناجية هي حالة عداء مع الله وليست مع البشر، وأنها نقص في الإيمان.
أحب كثيرا إسلامي لأنني فيه إنسان يرى أخاه في أي شخص صادق وأمين وطيب ومتسامح، ولكن عندما أرى أو أشاهد أو أناقش أو أحاور أو أقرأ للمسلمين الجدد، أعيد الكــَـرَّةَ مثنى ورباع وسُداس وأسأل: أيّ دين هذا الذي يتحدثون عنه؟
الدعوة الصادقة هي الصمت مع قناعة بأن لا أحد ســُـئـِـلَ وهو في رحم أمه أيّ دين يختار.
والدعوة الكاذبة هي التي تعيد تشكيلك لتتحول إلىَ مسلم مفخخ في وجوه خصومك و .. أحبابك!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 18 نوفمبر
التعليقات (0)