المسجد ولا غير
أظن أننا في أمس الحاجة لإعادة النظر في كثيرِ من المشاريع الخيرية والتبرعات التي تصب في مصرفِ واحد ، المسجد دار عباده شغل حيزاً كبيراً من مربع العمل الخيري فمن آراد التبرع بمبلغِ مالي فإنه لا يفكر إلا في المساهمة في بناء مسجدِ أو شراء بعض المستلزمات لمسجد الحي الذي يقطنه ، توجيه الأموال نحو المسجد لا يخرج عن التربية الفكرية التي نشأ عليها المجتمع وهذه قضية كبيرة أبطالها رموز الفكر الصحوي الذين استخدموا المسجد لبث سمومهم وتجنيد أتباعهم وتقسيم المجتمع لفئتين فئة مؤمنة وأخرى كافرة ، ضخ الأموال الخيرية في مصرفِ واحد ليس عبادة وديناً يتقرب به الفرد والمجتمع إلى الله بل عادة وتقليد ومرض أُبتلي به المجتمع فقد غدت الأحياء كجسد المُصاب بمرض البُهاق الجلدي أحياء مشوهه تفتقد للحدائق والمنشآت الصحية والسكنية والتربوية والثقافية التطوعية الخيرية ويكثر فيها المساجد والمصليات المتنقلة ، ليس من الدين التوسع في بناء المساجد وزيادة عددها فالأرض جُعلت مسجداً وطهورا كما ورد عن نبي الأمة لكن هناك من يؤمن أن لا صلاة إلا في بنيانِ مبني على أحدث طراز معماري يدخله المُصلي من أيُ بابِ شاء.
هناك مصارف خيرية مُهمشة وهناك احتياجات مجتمعية بحاجة لإلتفاته من قبل فاعلي الخير الذين هم في أمس الحاجة للتوجيه والآخذ بأيديهم ليضعوا أموالهم بالمكان الصحيح الذي يدوم نفعه جيلاً بعد جيل ، ماذا تستفيد مُطلقة أو أرمله من بناء المساجد وماذا يستفيد العاطلين عن العمل من ذلك وماذا يستفيد المرضى والمعسرين لا يستفيدون شيئاً على الإطلاق ، التوسع في بناء المساجد يحقق المصالح الدينية فقط اما مصالح البشر الدنيوية فلا يُحقق منها شيئاً ذلك التوسع الغير منضبط والذي جعل المساجد تزدحم بجانب بعضها بعضا كأنها بنيانُ واحد ،ذلك التوسع ليس دليلاً على التقوى أو خيرية المجتمع فهناك من يرتادها وهو سارقُ للمال العام ومُنتهك للمحرمات القطعية لكنه يُصلي وصلاته عادة أكثرُ منها عبادة في الغالب .
نحتاج لترشيد اعمال الخير ترشيد حقيقي بضوابطِ واضحة ترشيد يحد من تضخم بعض وجوه الخير على حساب البقية التي ليس لها سوى الانتظار لعل وعسى يأتي الفرج ، هناك قصور إعلامي في تناول ضرورة ترشيد أعمال الخير وهناك تكاسل من المؤسسة الدينية الرسمية في تناول تلك القضية ذات الابعاد الاجتماعية والاقتصادية والدينية وهذا يجب الا يستمر خصوصاً وأننا مجتمع يبذل أمواله في سبيل الخير بالداخل والخارج ، لا يوجد عاقل يقف ضد المساجد كدور عبادة لكنه يقف ضد التوسع في إنشائها وازدحام الحي الواحد بها وهذا ليس بكُفر أو ضد شعائر الله كما يتوهم بعض من على قلبه غشاوه بل ايمان واستشعار للمسؤولية الاجتماعية والدينية فهناك منافذ كثيرة لفعل الخير واجرها عظيم يمتد حتى قيام الساعة وكما قيل لقمة في بطن جائع خيرُ من بناء ألف جامع وعلى هذه المقولة يكون القياس فأحسنوا التفكير يا أولي الألباب لعلكم تفلحون .
التعليقات (0)