مواضيع اليوم

المستحيل

انور محمد

2011-02-23 11:26:00

0

                                                                 2 - المستحيل

                          الثورة ومشايخ الفضائيات

                                  النجاح والفشل

                          --------

    كما أثبتت الثورة التونسية ، ومن بعدها المصرية ، وما يتبعهما من ثورات نجاح الشباب المثقف تكنولوجيا ، فإنها أثبتت فشل التيارات الدينية أو مايسمى بالجماعات الإسلامية أو ما شئت من مصطلحات عشنا معها قرابة ثلاثة عقود منصرمة ، فقد عشنا ردحا من الزمن تحت نير هذه المصطلحات ، والأسماء الرنانة ؛ من وهابية وإخوان وأنصار سنة وجماعة السلف وأهل السنة والجماعة ، وغيرها العديد من الأسماء التى لهج بها مشايخ الفضائيات الذين كانوا يتحدثون باسم الإسلام ، ويحتكرون الخطاب الدينى على الشاشات ، وفى المجالس ، وكل هؤلاء لم يقدموا شيئا ، ولم يحركوا ساكنا ، بل إن ما حدث فى أيام قليلة فى تونس ومصر لم تستطع الجماعة المحظورة أو المحظوظة فعله على مدى تاريخها كله ، ولو مكثت ألف عام لما فعلته ، من ثم وجب علينا جميعا أن نقف لنعرف الحقيقة ، ونراجع النفس قبل أن يأتى يوم لا ينفع فيه المراجعة ، ولا يفيد فيه بيع ولا خلال .

 

    ماذا يعنى هذا الفشل ؟ وماذا يعنى لولم تقم هذه الثورة ؟ وما الحل مع هذه العقول التى خدعتنا ليل نهار ، والذين كانوا يأتوننا عن اليمين ، وهل ننتظر منهم العودة للحق ؟ أم ينتظرون ثورة تطيح بهم أيضا كما أطاحت ثورتنا بالأنظمة العربية التى لم تطور نفسها ؟  أن الحياة والعقل والمنطق والدين يدعون جميعا للتغيير والتطوير ، فما لهؤلاء القوم لا يفقهون حديثا .

    ذكرت فى المقال الأول إن من سنة الله فى أرضه الثورة ، وكنت أعنى أن دوام الحال من المحال ، وأن كل شيء لابد من تطوره وتغيره ، فلا يدوم إلا وجه الله عز وعلا ، هذه حقيقة لابد من فهمها جيدا وتعقلها واستيعابها ، وقارئ التاريخ يشهد بذلك ، ومن لى بشيء دام ، ومن لى بطريقة استقرت ، إن الجاهل فقط من يظن الدوام له أو لرأيه أو لمنطقه ، كل شيء لابد له من نهاية ، وإذا وقفنا أمام الزمن فسيقتلعنا معه ، كما فعل بغيرنا وأمامنا العظة والاعتبار ، فهل من مدكر ؟

 

    عشنا زمنا مع الجماعات ومشايخ الفضائيات والحديث عن مؤامرات الغرب ضد الدين وضد المرأة المسلمة  والزى الإسلامى والنقاب وغيرها من حروب وهمية ، وأنفقنا ردحا من الزمن والجهد فى صراع مع طواحين الهواء ، ولسنا ندرى ماذا حقق هذا السجال الطويل غير المزيد من الغفلة عن عيوبنا ، وعما نحن فيه من تأخر وتخلف عن ركب الحياة ، وحتى عن أخذ أبسط حقوقنا الإنسانية فى حياة كريمة وتعبير صادق عن الرأى ، ولو استمر بنا الحال على ماكان عليه لتأخرنا ملايين السنين الضوئية عن واقعنا المعاصر ، فماذا بعد أن صرنا فى ذيل الأمم والشعوب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

     إن حديثى اليوم يبدو قاسيا ؛ لكنها قسوة الحزين على نفسه وأهله ، فأنا النذير العريان ، لابد من تصحيح المفاهيم ، فليس العيب فى النص ، ولكن العيب فيمن يتحدث باسمه ويفرض فهمه وتفكيره ، ومن يستغل جهل الناس ، وعاطفتهم وعدم استيعاب الواقع ، إن ثورتنا أثبتت تلك الفجوة العميقة بين مشايخ الفضائيات وبين واقع الحياة ، فهؤلاء لم يقدموا حلا ، ولم يتقدموا صفا ، ولم يغيروا أمرا ، مكتفين بمجالسهم وأبراجهم العاجية ، وما حققوه من مكاسب الشهرة والمال ، وليس يعنيهم بعدها صلح الناس أم طلحوا ، وذلك ما يؤكد فشلهم وتغيبهم عن الواقع ، فهم ليسوا أقل خطرا من النظام السابق على الشعوب والإنسانية كلها ، فلم تخرج دعوتهم خالصة لوجه الله عز وجل ، والدليل أنها لم تحرك فيما سبق ساكنا ، بل العجب العجاب أن نراهم يلهثون وراء الثورة محاولين أن يضعوا لأنفسهم قدما فيها ، فكانوا أكثر ذلا ومهانة ، فتجد منهم من يغنى بالنصر أويخطب الجمعة فى الميدان محاولا قطف زهرة لم يسقيها ، وجنى ثمرة لم يغرسها ، وكان الأحق بهم الاعتراف بما وقع منهم من أخطاء ، وتصحيح طريقهم واستيعاب الدرس والتنحى عن مقعد المعلم والنزول إلى مقاعد المستمعين .

    كانوا قديما يقولون إن العيب فى الشعب الذى لا يفهم ولا يستوعب الدرس وأنهم رضى الله عنهم ينادون ولا حياة لمن ينادونهم ، فقد أثبتت الثورة أنهم هم الموتى ، وليس الشعب وهم الغالفون وليس الشباب ، ولم نستمع حتى الآن إلى بيان يثبتون فيه فشلهم وأخطاءهم ، فلماذا هذا الكبر ولماذا هذا الصلف ، إننى أريد أن أسمع واحدا مهم يعلن تنحيه ، أو يصحح من كلامه ويكفر عن أخطائه ،  أو يعلن أن ماقيل من فتاوى سابقة هو خطأ يستحق التصحيح والمراجعة ، فماذا بعد الحق إلا الضلال ، إنها فرصة للتوبة والتصحيح ، ولا أعتقد أن الله يعطيها لهم ثانية إن أهملوها ، فإن الله يمهل ولا يهمل ، إن الإنسان الذى لا يستوعب الدرس ولا يحاول تصحيح أخطائه ليس جديرا بأن يشرح درسا لغيره ، ولا يقوم سلوكا أو خطأ عند الناس .

                         والله من وراء القصد

                                 أنور محمد أنور




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !