مصطلح المسؤولية الاجتماعية للشركات ذلك المصطلح الذي أصبح شائعا نتيجة لتداوله الإعلامي لدرجة أن خرج مضمونه الأوسع ليقتصر على مفهوم التبرعات والأعمال الخيرية يحتاج منا إلى وقفة تأمل ورؤية فالأعمال الخيرية والتبرعات العينية هي جزء أصيل من تراث وثقافة هذا الوطن الذي تربي عليه أبنائه وتوارثته أجيال تلك النبتة الطيبة، أما المسؤولية الإجتماعية فهي مفهوم حديث فرض نفسه نتيجة لاحتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لذا فهي تختلف من بلد إلى أخر وحتى من مكان لأخر.
إذن فمفهوم المسؤولية الإجتماعية هو وليد لمتطلبات التنمية المستدامة والشراكة في التنمية الاقتصادية بين الدولة والقطاع الخاص لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة بهدف إيجاد ودعم برامج اجتماعية واقتصادية وثقافية مستدامة مستقاة من الاحتياجات والأولويات الوطنية وهذا المفهوم يقوم على الاستثمار في الموارد البشرية وخلق فرص عمل وتوفير بيئة عمل صحية وآمنة جنباً إلى جنب مع حل المشكلات الاجتماعية والبيئية وتعزيز التنمية المستدامة ومن هنا تكمن أهمية تطوير برامج المسؤولية الإجتماعية وفقا لظروف مجتمعاتنا العربية والإسلامية واحتياجاتها لتحقيق التنمية أي تطبيقات خاصة بنا وليست قوالب مستقاة من الغرب.
برامج خدمة المجتمع في الشركات ليست تطوعية بل هي وأجب وفرض يمليه الانتماء إلى هذا البلد الكريم ويشمل أبناء الوطن مقيمين ووافدين فهو جزء من رد الجميل وتطلع نحو مستقبل أفضل للأجيال القادمة ....هذا ما يجب أن يكون جزء من ثقافة المجتمع ومؤسساته إذا ما أردنا حقيقة تفعيل هذا المفهوم للوصول إلى الأهداف المرجوة.
الحديث عن الجانب المادي دائما ما يكون حاضراً وبقوة عند الحديث عن المسئولية الإجتماعية وهذا مالا نستطيع أن نتجاهله فالجانب المادي هام في تحقيق أهداف خدمة المجتمع ولكن قد لايكون الأهم وفي هذا تقع بعض وسائل الإعلام والمجتمع من ورائها في مقارنات ومنافسات خاطئة عند المقارنة بين جهود الشركات في خدمة المجتمع على هذا الأساس فالنماذج الناجحة في دعم برامج التنمية بالدولة تؤكد أن جهود كل مؤسسة وشركة إنما ينبع من رؤيتها وأهدافها ونجاحها في أن تتناسب هذه الأهداف مع قدرتها المادية وفي النهاية فالجميع يتكاتف من أجل مصلحة واحدة.
ومن هذا المنطلق نرى ضرورة تنسيق برامج المجتمع للشركات في إطار واحد لجعلها أكثر فعالية هذه النقطة هامة للغاية فالتنسيق والعمل المشترك وتوحيد الجهود في إطار رؤية شاملة سيؤمن الاستغلال الأمثل لموارد الشركات والمؤسسات سواء كانت المادية أو البشرية مما يجعل نتائج هذه الجهود تتضاعف ومردوده عظيم الأثر والفائدة ، وإذا ما وصلنا حتى إلى تنسيق جزئي بين الشركات ومؤسسات النفع العام وقطاعات التنمية الوطنية بالدولة فهذا يسهم في التنمية بشكل كبير.
ويجب أن نشير هنا إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه القطاع العام والحكومة في مساعدة الشركات على القيام بدورها في برامج المجتمع بما يقدمه من تسهيلات ودعم معنوي لهذه الشركات لتشجيعها على إطلاق برامجها الاجتماعية بيسر وسهولة، مثل توفير المعلومات وتنسيق الجهود وجمعها تحت مظلة واحدة وإيجاد التكامل بينها وتشجيع المبادرات المبتكرة ومكافأتها معنوياً، وأيضاً التأكيد على الشركات بضرورة إشراك شباب المجتمع والعاملين بها في مبادراتها وبرامجها للتوعية بأهمية العمل التطوعي، ويبقى الإعلام هو اللاعب الأبرز في توعية المجتمع بالمسؤولية الاجتماعية وتعديل المفاهيم الخاطئة.
التعليقات (0)