في الواقع ينبغي إلى أن نلتفت إلى عنصر من عناصر التطرف وهو تقديس بعض الموروثات الإسلامية لدرجة الغلو فحين نبحث عن الدوافع التي من وراء ذلك نجد أن الفكرة التي يزرعها هؤلاء المتطرفون في نفوس العوام وسذج الناس هي الحرص الشديد والذوبان في التدين والحقيقة تجافي ذلك تماما حيث أن الدين يعتمد الدليل والمنطق والمجادلة بالحسنى وليس تقديس المحدّثين والرواة إلى الدرجة التي تعطى لهم العصمة في كل ما نقلوه . في الإسلام وجدت في كل مذاهبه كتب أعتبرت قوام المذهبية والتراث المعتمد لدى الطوائف والمرجع الحديثي للعلماء والحفاظ فكان مثلاً في المذهب الأمامي الكتب الأربعة الكافي والاستبصار والتهذيب ومن لا يحضره الفقيه فيما وجدت عند أهل السنة كتب الصحاح ,صحيح البخاري ,صحيح مسلم ,سنن النسائي, سنن أبي داود والحق بها سنن ابن ماجة, وقد أخذ صحيح البخاري حصة الأسد من هذه الكتب حيث أعتبر عدل القران بل تم تقديمه عليه باعتباره صحيح السنة والسنة هي التي تفسر القرآن وضمن المنهجية التصحيحية يقول المرجع المحقق الصرخي الحسني (( في الحقيقة أنّ عموم الأمة وعلى طول الأجيال والتاريخ منذ تأليف واشتهار صحيح البخاري، فإنها أخذته على محمل الصحّة، وَتَقَبَّلَتْهُ على أساس صحته، وَرَتّبَتِ الآثار على ذلك إلى المستوى أنه جُعِل ولا زال عِدْلَ القرآن إن لم يكن مقدّمًا عليه باعتباره يمثل السنّة، والسنّة تُقدّم على القرآن باعتبارها مفسّرة له، ومن هنا جاء تكفير وتجريم وإباحة دماء وأعراض وأموال من يناقش ويعترض على ما في البخاري، فضلًا عمّن لا يعتقد بتقدّمه على غيره من الصحح أو غيرها من كتب أحاديث وروايات))
وهنا يلفت المرجع المحقق إلى ما نريد أن نبحث عنه جوابا على سؤالنا حول سر الغلو والتطرف في هذا الكتاب .. إلى أن هناك منهجية متعمدة في تصحيح كل البخاري حيث يوجد أفكار وعقائد لا تمر إلا بتصحيح كل البخاري فعندما يتم التحقيق بالخبر وفق علوم الحديث وأحكامه ومنطق الاعتدال فكم من حديث سيكون ساقطاً وفق كونه شاذا أو مرسلاً أو ضعيفاً وكم من عقيدة مكفرة تلغي المقابل وتبيح دمه ستسقط مع هذه الاخبار ؟ هذا هو السر وراء تكفير من يخالف البخاري هو الخوف والرعب الذي ينتاب المتعصبين من التحقيق العلمي المعتدل .. وهذا هو السر الذي جعل المذاهب منغلقة على نفسها ولا تتداخل فيما بينها وتكون خاضعة لحكم العقل والمنطق من هنا يفتح المرجع المحقق بابا فعليا للتحرر من سجن الدكتاتورية المذهبية في بحوثة المعنونة تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ
عبد الاله الراشدي .
المحاضرة السابعة عشرة ( السيستاني ما قبل المهد الى ما بعد اللحد )
https://goo.gl/iFuzQx
التعليقات (0)