المهدي ليست عقيدة راديكالية كما يظن البعض لكنها وكحال الكثير من العقائد والطروحات الإسلامية أصبحت ضحية التحجر والتطرف الفكري . إن قضية المهدي ترتبط ببعد العدالة أو العدل الإلهي وهي بهذا الحال كفكرة تكون دائماً على المحك مع أنظمة الحكم السياسية والاقتصادية .
بدأ الإسلام في ذلك المجتمع البسيط فلم تكن هنالك مؤونة كبيرة في إدارة الشؤون السياسية والاقتصادية كما هو الحال في زمننا الحالي وعليه لم تكن هنالك حاجة لبناء مؤسسات تنظم شؤون الدولة . لكن لأن الإسلام نظام ذو بعد مستقبلي اختزلت تشريعاته ما يناسب التطور الذي تصل إليه المجتمعات آخذا بنظر الاعتبار ذلك في منظوره البعدي . وهذا ما نراه بوضوح كيف أن تلك المؤسسة الاقتصادية البسيطة التي كانت عبارة عن بيت مال يُجمع من الأخماس والزكوات وتدار به شؤون الدولة بمجوعة أحكام تمثل النظام الاقتصادي. أصبح اليوم عبارة عن نظريات اقتصادية جبارة تفوق كل النظريات الحديثة وتتوسع عرضياً لتشمل نظام إدارة كل مؤسسات الدولة الحديثة من ناحية اقتصادية.
هكذا اختزلت تلك الأحكام البسيطة نظريات عملاقة . وكذا قضية المهدي فلو ركزنا بها ملياً لوجدناها مرتبطة بجانب العدل ,يملأ الأرض عدلاً , يحث المال حثاً يملأ الأرض قسطاً, تضع الحرب على يديه أوزارها... وهنا حيث بدأت الأحاديث تصور المهدي وقضية المهدي بشكل يناسب ذلك الزمان وطرق الصراع فيه وباعتبار فكرة المهدي تمثل نظرية المعارضة في قبال الظلم والانحراف, من هنا بدأت أقلام البلاط بالمسح والتدليس على كل ما يرتبط بفكرة المهدي, يقول المحقق المرجع العراقي الصرخي الحسني في المحاضرة الرابعة من بحث ( الدولة ..المارقة ... في عصر الظهور... منذ عهد الرسول ) ((المنتمون إلى داعش يصرون على محو اسم المهدي وفكرته)) والمهدي جزء من القانون العام لمسيرة البشرية مساوق للتكامل التأريخي وكاستدلال ورد على من يحاول محو فكرة المهدي قال المرجع المحقق في نفس المحاضرة (({وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء : 157] {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء : 158] هذا قرآن أم خرافة !!؟ هذا قرآن أم خزعبلات !!؟ هذا قرآن أم أسطورة توراتية إسرائيلية !!؟... إنه قرآن ,رفع, غاب عيسى عليه السلام , رُفع عيسى عليه السلام , لم يُقتل عيسى عليه السلام , شُبّه لهم بشخص يشبه عيسى عليه السلام, قتلو شبيه عيسى عليه السلام ... أين غاب؟ في السرداب, في الغرب, على السطح, في بئر, على جبل, تحت الماء, في بطن الحوت,المهم ...{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء : 159]... لماذا بقي عيسى ويبقى عيسى ؟ حتى يتحقق هذا القانون الإلهي ... ومن أجله غاب عيسى ... ماهو القانون ؟ {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء : 159] إذن تحتاج إمام زمان يكون حجة عليك حتى لو كان غائباً لاحظ تحتاج إلى إمام حي تبايع الحي )) وهنا وعلى أساس هذا القانون هو الإيمان والغيبة ووجود الأحكام والمبادئ السماوية يتم قانون التخطيط العام فلو افترضنا وجود الأطروحة العادلة بدون إمام غائب جهة حق لكان أشبه بمسير سفينة بلا بوصلة لأننا نقطع يقيناً أن العدالة التامة هي العدالة الإلهية وما لم يكن هنالك شخص ينتهل من أطروحة السماء فلا وجهة لنا صحيحة حيث أن البقية الباقية التي ترتبط بالمشاريع والقوانين الوضعية التي تمثل الصراع الدنيوي القائم على المصالح الضيقة المحدودة والذي فشل عبر تأريخ البشرية الطويل في إقامة أسس العدالة الاجتماعية لن يحقق العدالة السمواية باعتبار أن جميع القوانين الوضعية تبقى مرتبطة بالنفس الانسانية المتقولبة داخل حدود خاصة ولذا نحن نشاهد الدول المتحضرة أن وضعت قوانين لحقوق الانسان فأنها اقتصرت على حدود خاصة فيما تواجه بلدان أخرى ابشع الانتهاكات وعلى يد نفس الدول التي تدعي التحضر.
مقتبس من المحاضرة
التعليقات (0)