المرجع الصرخي حاضرا و ناشطا ومتظاهرا...
إن من أهم الخصائص التي ينبغي أن تتوفر في القيادة هي الحضور الميداني، والنزول إلى الساحة، والاحتكاك مع المجتمع والتعايش معه، والانصهار مع همومه ومعاناته، والوقوف على متطلباته واحتياجاته لأن العزوف والانعزال يؤثر سلبا على مواقف ورؤى وتصورات وقراءات القيادة وبالتالي فشلها، أضف إلى ذلك إنَّ الطبيعة البشرية، والفطرة الإنسانية السليمة لا تتأثر واقعا بالفرد الذي يعيش في بروج مشيدة بعيدا عن آلامها وطموحاتها وتوجهاتها، ولهذا نجد أن الرسالات السماوية دفعت بالقيادات إلى عمق المجتمع، ليكون لها الحضور الميداني والتفاعل الحقيقي مع الأمة، هذا في الحالات الاعتيادية والأجواء الطبيعية، وتشتد الحاجة وتتأكد ضرورة الحضور والتفاعل الفعلي للقيادة عندما تمر الأمة في مراحل حرجة ومفصلية، وتكون أمام تحديات خطيرة تهدد كيانها ودينها وتاريخها وحاضرها ومستقبلها، وهذا هو من صميم المسؤولية الشرعية والأخلاقية والإنسانية والتاريخية التي تقع على عاتق القيادات، لأنها المحرك للشعوب نحو حياة أفضل يسودها العلم والسلام والتحضر والتحرر والرقي، ولهذا نجد أن أعداء الإنسانية ومستعبدي الشعوب ومستعمري البلدان على طول الخط حرصوا على دعم وتسليط القيادات الخاملة المنزوية، وقمع وتغييب القيادات الحركية الجماهيرية، بل إنهم اعتبروا منهج العزلة والانزواء منقبة وضرب من الحكمة والقداسة فتحول أصحاب المسلك الانعزالي إلى آلهة تعبد من دون الله والوطن والقيم والمثل الإنسانية العليا، وخط احمر لا يمكن التفكير في الاقتراب من ساحته، فضلا عن تجاوزه، وأما منهج الحركية والنزول إلى المجتمع، فهو في نظرهم مثلبة على القيادة وهذه شبهة أثارها مشركو قريش على نبي الإسلام كونه كان يعيش مع الناس ويمارس دوره وحضوره الميداني ويأكل الطعام ويمشي في الأسواق ويجلس مع الصغير وغيرها، لأن هذا المنهج خطر على مصالحهم ووجودهم، ((وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً )).
ومن هنا عمل المرجع الصرخي على تحطيم هذه الصنمية وتمزيق هالة القداسة المزيفة التي فتكت بالمجتمعات والأوطان، فراح يمارس النشاطات الرياضية، كلعبة كرة القدم والطائرة والمنضدة، والخدمية كطهو الطعام وتقديمه للضيوف، والاجتماعية كمعاشرة الناس وزيارتهم والجلوس معهم والاستماع إلى حديثهم صغارا وكبارا، ومواساتهم ومشاركتهم جشوبة العيش ومكاره الدهر التي تطغي على حياة العراقيين.
وفي ساحات الحراك والإصلاح والتغيير نجده الحاضر بروحه وفكره وتوجيهاته وخطاباته وإعطائه الحلول والمعالجات والنصائح، وأيضا حضوره بجسده في سوح التظاهر فهو الناشط والمتظاهر مع رفاقه المتظاهرين، وأعلنها صراحة في بيانه الموسوم:"من الحكم الديني(اللا ديني)..الى..الحكم المَدَني" الذي وجهه للمتظاهرين حيث قال:((( ابنائي اخواني اعزائي يا جماهير شعبي العزيز أيها المتظاهرون يشرفني ان أكونَ أحدَكم ومعَكم وفي خدمَتِكم ويشرّفني ان أكونَ احدَ الناشطين الباذلين كلَّ ما بوِسْعِهم لتأييدِ ونصرةِ تظاهراتِكم المباركة...أتحدث معكم وأنا أحد المتظاهرين معكم وناشط داعم وناصر لتظاهراتكم)).
وقد قدم الإستراتيجية الحضارية للتظاهر والتي لاقت إعجابا وتفاعلا جماهيريا واسعا، وأنصف من خلالها انتفاضة الشعب السلمية حينما وصفها والمتظاهرين بمفخرة لشعوب العالم مؤكدا في الوقت ذاته على ضرورة الاستمرار والمواصلة وزيادة الزخم حينما خاطبهم قائلا: (( أعزائي منكم نتعلم وبكم نقتدي أيها المتظاهرون المصلحون هذه نصيحتي لكم فاعْقُلوها ولا تضيّعوا جهودكم وجهودَ مَن سمِع لكم وخرج معكم وايَّدكم ودعا لكم واهتم لخروجكم وآزركم فلا تخذلوهم ولا تخيبوا آمالهم لا تتخلوا عن العراق الجريح وشعبه المظلوم ،ايّاكم اِياكم لان التراجع يعني الخسران والضياع وان القادم أسوأ وأسوأ فالحذر الحذر الحذر
ولا ننسى ابدا هتافات أفواه وضمير وقلوب الجماهير المظلومة المسحوقة {{ باسم الدين.. باگونة الحرامية}}...))
بقلم
احمد الدراجي
التعليقات (0)