من مذكرات مدير شئون الموظفين لشركة شل لبيا
1971-1974
السيدة هدى عبد المنعم المرأة االحديدية
كان المدير السابق لادارة الأفراد الأنجليزي لشركة شل ليبيا المستر جراهام هيل قد سافر إلى القاهرة سنة 1970 للحصول على سكرتيرة عربية خبيرة تتقن العربية والانجليزية خاصة أن الشركة أصبحت ملزمة بالكتابة إلى السلطات الحكومية باللغة العربية بناء على سياسة التعريب التي فرضتها حكومة ثورة الفاتح من ستمبر . وكنت لا أعرف عن الموضوع شيئا لأن ذلك ثم قبل إستلامي لمهام شئون الادارة ولم يذكر لي من قدمها له وأوصي بأختيارها لهذه الوظيفة . كانت السيدة هدى عبد المنعم ذكية إلى درجة الافراط ويظهر أنها كانت لها علاقات مع بعض الليبيين ذوي النفوذ في االثورة الليبية ولا أعرف ما أذا كانوا أوصوا بها المستر جراهام هيل . لقد كونت السيدة هدى عبد المنعم صداقات كثيرة مع االليبيين ذوي النفوذ . بعد وصول االسيدة هدى الى طرابلس نزلت في فندق ليبيا بالاس وطلبت من الفندق إرسال فواتير أقامتها الكاملة إلى شركة شل . وقد حاول موظفوا الشركة أفهامها بأن عقدها موظفة محلية ولا حق لها في علاوة السكن االتي أخذت في الأعتبار كجزء من مرتبها الوارد في االعقد وعليها أيجاد سكن لها على حسابها . وقد أثارت مع الشركة مشكلة وأوضحت بأنها موظفة أجنبية ويجب أن تعامل كالموظفات الأنجليزيات والأوربيات الأخريات وتخصيص سكن لها على حساب الشركة . وقامت بتقديم شكوى ضد الشركة ألى رئيس الاتحاد الأشتراكي أنذاك . ولا أعرف كيف أختارت الأتحاد الاشتراكي وعلى أعلى مستوى . وقد أضطر المدير الأنجليزي بأن يحل المشكلة معها بتخصيص علاوة سكن لها بشكل أستتنائي وبعد إ نتقاله ترك لي هذه المشكلة ,. في الحقيقة لم تكن لدى مشكلة معها فقد رحبت بي عندما توليت مقاليد الأدارة وكانت تحترمني كثيرا مما جعلني أعاملها معاملة حسنة رغم إنها لم تكن تتمتع بثقة زملائها الليبيين والأجانب . بعد فترة أخبرتني بانها تزوجت ليبيا وهو قريب عضو مجلس االثورة الذي توفي في حادث مرور وذكرت بأنها تقيم بعض الوقت مع اسرته التي تحظى برعاية خاصة من طرف شخصيى كبيرة الذي خصص لها سكنا إلى جانبه . وقد وجدت نفسي في موقف حساس فإدعاء المرأة هذا ليس لدي معلومات عنه من أي طرف رسمي ولم يكن من المناسب أن أسأل حتى لا أتعرض لمشاكل خاصة. بالأضافة إلى ذلك أستلمت مكالمة تلفونية من الأتحاد الأشتراكي وقد أدعى المتكلم بأنه يتكتم بإسم االسيد رئيس الأتحاد الأشتراكي في تلك الفترة وطلب أن تعامل الشركة السيدة هدى عبد المنعم أسوة بالسكرتيرات الأجنبيات . وقد ذكرت له بأن الشركة قد سوت المشكلة معها االتي اثيرت مع المدير الأنجليزي السابق, وقد ربطت هذه المكالمة التلفونية مع أدعاء االسيدة هدى بعلاقاتها بالشخصيلة الليبية الكبيرة جعلني أصدق دعواها وأكون حريصا حتى لا تحدث مشاكل للشركة مع السلطات الحكومية . وقد دعوت السيدة هدى إلى مكتبي وأوضحت لها بأني أعتبرها موظفة بالشركة كباقي الموظفين وأن علاقاتها الخاصة خارج العمل لا يجب أن تتد خل في عملها في الشركة وقد كانت متعاونة وأعربت لي عن ثقتها في وأحترامها لي ووعدت باداء مهامها كما يطلب منها .
مضت فترة وجاءتني تطلب إجازتها السنوية المستحقة لها وتريد السفر ألى القاهرة وأضافت بأنها سترافق والد الشخصية الليبية الكبيرة إلى القاهرة للعلاج وهنا ذكرت لها بأن علاقاتها خارج الشركة هو من إختصاصها ولكن عليها إحترام لوائح الشركة ولها hالحق في الأجازة ووافقت لها على شهر إجازة كما طلبت . وفعلا سافرت إلى القاهرة وليس لدي معلومات رسمية عن حقيقة مرافقتها لوالد الشخصية الليبية الكبيرة وهي لا تريد أن توضح مركزها كتابيا للشركة لأنها تريد الأحتفاظ بعملها في الشركة . وبعد فترة شهر تقريبا تلقيت منها مكالمة هاتفية وذكرت لي بأنها لا تستطيع العودة ألى طرابلس في الموعد المحدد وأنها مريضة وقد نصحتها بأرسال شهادة مرضية من طبيب معترف به ومصدق عليها من االسفارة الليبية في القاهرة . وفعلا وصلتني االرسالة على وجه السرعة وحفظتها في ملفها . وبعد أسابيع رجعت االسيدة هدى من القاهرة وواصلت عملها مع الشركة كالعادة . وبعد فترة طلب مقابلتي رجلان لا أعرفهما وقدما نفسيهما بأنهما من المخابرات الليبية ويحملان بطاقات تعريف وردت فيها إشارة من وزير الداخلية يطلب فيها من جميع موظفي الدولة والشركات الخاصة الليبيين االتعاون مع حاملي هذه البطافة وتقدثم أية معلومات يطلبونها . أجراء غريب ولكننا كنا في فترة غير عادية لا نقاش فيها مع السلطة . وبعد ذلك سألا عن االسيدة هدى عبد المنعم وكيفية تعيينها وطبيعة عملها في الشركة فاعطيتهم ملخصا لوضعها الاداري وكيف عينت . وأضفت بأني لا أعرف حياتها أو علاقاتها خارج العمل . وعندئد قالا لي بأن السيدة هدى تتصل بكثيرين في ليبيا وتسافر الى مصر في رحلات مشبوهة فذكرت لهما بأنه حسب علمي سافرت مرة في إجازة إلى القاهرة وهنا أوضحا بأني أتعامل معها وأعطيها تسهيلات خاصة للتغيب عن عملها في االشركة وقدما لي نسخة من مراسلاتي معها بشان الأجازة االمرضية االتي يظهر إنهما حصلا عليها من إدارة البريد. فشرحت لهما الوضع والأجراءات االتي أتخذت معها وفقا لأجراءات االشركة الأدارية.وانتهى الحال عند هذا الحد ولم يتعرضا لجوازها من ليبي الذي قدمته لي في إحدى زياراته لها في الشركة . وكانت علاقتي معه لا تتجاوز تبادل التحية والسلام كلما تلقينا . وموقف الاتحاد الاشتركي المحابي منها وموقف وزارة الداخلية ووزيرها المعادي لها جعلني أتسائل عما كان هذا يعكس خلافات داخلية بين أعضاء مجلس قيادة الثورة . ومما زاد من حيرتي أنه بعد قيام االسيد عبد الحميد البكوش باللجوء إلى مصر ومهاجمة االنظام الليبي في الأذاعة المصرية قامت المخابرات الليبية بتكليف من وزارة االداخلية يسحب جوازات سفرمن بعض المواطنين وكنت أنا من بينهم . ونظرا لكوني أستعمل جواز سفري العادي كثيرا للسفر في عمليث مع شركة شل االتي كنت أعمل بها فقد طلبت إسترجاع جواز سفري من المهاجرة فقيل لي أن جواز سفري لا يرجع إلا بموافقة من وزير الداخلية وطلبوا مني إحضار رسالة من الوزير بذلك وأنا لا أعرف الوزير ولم أدخل أي مكتب لاعضاء مجلس قيادة الثورة أو الضباط الأحرار طوال فترة ما بعد الثورة . ولكن أمام هذه الظروف تقدمت بطلب إلى وزير الداخلية بأسترجاع جواز سفري وذهبت بناء على طلبه لمقابلته . وقد وجدت في غرفة الانتظار لمكتب الوزير الدكتور عوني الدجاني جاء يطلب جواز سفره الذي أخذ منه للسفر للخارج . وفي أثناء وجودنا في مكتب االسكرتير الخاص المؤدي إلى مكتب ا لوزير دخل السيد زوج السيدة هدى عبد المنعم االسكرتيرة في شركة شل فسلم علي بحرارة لأني كما ذكرت أعلاه قدمته زوجته لي أثناء زيارته لها في الشركة . وٌقد بادرني بالسؤال عن سبب وجودي في مكتب وزير الداخلية فذكرت له عن حسن نية بأني أريد مقابلة االوزير لأ ستلاف رسالة منه لإ سترجاع جواز سفري فما كان منه أن قال لي ساكلم الوزير حالا وكان داخلا إلى مكتبه . وبعد أن خرج من مكتب الوزيرقال لي لقد كلمت الوزير بشأنك فشكرته بطبيعة الحال . وبعد حوالي االساعة خرج السيد الوزير وحوله كبار رجال الأمن وتوجه في االحيث إلى الدكتور عوني الدجاني وقال له يا دجاني لن يسمح لك بالخروج حتى رجوع زوجتك من الخارج ثم توجه الي قائلا إما أنت هل لا زلت تعيش في العهد االبائد وتعتقد أن الواسطة هي الطريق للحصول على مطلبك ,فقد كنت أريد أن أوقع رسالتك الموجودة فوق مكتبي ولكن شخص دخل علي وكلمني بشأ نها ولهذا رفضت توقيعها . وهذا الشخص هل تعرفه وكيف تعرفت عليه . وقد حاولت أن أشرح له ظرؤف دخول في الموضوع وعلاقتي به وتفضل سكرتير االوزيرالخاص الذي كان حاضرا أثتناء دخول السيد المذكور وقال للوزير أني لم أ طلب منه أن يكلمك ولكن هو نفسه االذي أقترح هذا . وهنا قال لي االوزير أنه الأن ذاهب إلى االمطار لأستقبال الرئيس أنور السادات وطلب مني الرجوع في االيوم التالي لأستلام رسا لته إلى المهاجرة بشأن إسترجاع جواز سفري ,. وفعلا رجعت في االيوم التالي وأستلمت رسالتي وذهبت بها إلى المهاجرة وأستلمت جواز سفري وتأشيرة الخروج كالعادة. وقبل هذه المقابلة أستمر عدد من رجال المخابرات الليبية زيارتي في مكتبي يستفسرون عن موظفي الشركة الاجانب . وكان من بين االذين أستفسر عنهم مدير االمالية للشركة الانجليزي االمستر ديفس وليامس وقالوا لي بأنه يهودي ودللوا على ذلك بأن إسمه ديفس وإسماء أينائه روبين وليزا ؟ ولما كان المخبران من صغار السن أخذت أعاملهم كأب وناصح فشرحت لهم أن المسيحيين يستعملون أسماء أنبياء بني إسرائيل مثلنا ونحن نستعمل اسماء داوود وهارون ويعقوب وموسى . والأسم لا يدل على ديانة الشخص . ونحن في شركة شل لا نطلب من االمتقدمين للعمل معنا ذكر إسم ديانتهم فهذا حق من حقوقهم الأنسانية وحتى لا نتهم بالتعصب العنصري والديني حسب القوانين الاوريبية ويظهر إن معاملتي لهما وشرحي ساعد على عدم تكرار مثل هذه الزيارات . أستمرت هدى عبد المنعم في العمل بالشركة لفترة حتى قرار شركة شل وقف عملياتها وأنهاء خدمات موظفيها ومنهم هدى . ولم أسمع عنها شيئا بعد ذلك . وفي التسعينات قرأت في الاهرام المصرية بأن سيدة مصرية أسمها هدى عبد المنعم فتحت مصرفا إستتماريا وخدعت عددا كبيرا من المستتمرين و خلقت مشاريع خيالية بملايين الجنيهات وهربت أموالها للخارج . وقد سميت بالمرأة الحديدية وألقي القبض عليها ومن صورها في الصحف المصرية تعرفت عليها وهي نفس االسيدة هدى عبد المنعم االتي عملت سكرتيرة مع شركة شل وكانت لها علاقات بكثير من ذوي النفود الليبيين . وكانت تتمتع بذكاء غير عاد كما ذكرت أعلاه . ولا أعرف بعد ذلك ما تم بشأنها . وفي السنة الماضية نشرت جريدة الاهرام أن هدى عبد المنعم المرأة االحديدية رجعت من اليونان حيث كانت لها أعمال تجارية ومالية كبيرة وأصبحت تحمل االجنسية االيونانية وقد أألقي القبض عليها في المطار لتقديمها للمحاكمة . وفجأة إختفت أخبارها في الأهرام واالصحافة المصرية ويظهر أن علاقاتها بذوي النفوذ الليبيين كان وراء إطلاق سراحها ولا أعرف اليوم مكانها هل رجعت لليونان أو أعفي عليها وبقت في مصر . قصة غريبة في مراحلها المختلفة وتداعياتها وملايساتها .
التعليقات (0)