قرأت مقالاً للأخت سهيلة زين العابدين حمَّاد " وضع المرأة قبل الديانات السماوية " وبالتأكيد سيكون الموضوع القادم عن الأديان السماوية إذا سمح وقت الكاتبة ، وبكل أحترام أحب أن أتوقف لمناقشة جزئية هامة فى هذا المقال وغيره من المقالات التى تحوى تصويراً للسلبيات الحضارية لإثبات أفكار ليس لها وجود فى أرض الواقع بل توجد فقط فى كتب التراث والأديان .
كلمة أخوية أهمس بها فى أذن كل أمرأة : لا تحاولوا أتهام أو إظهار بعض سلبيات الحضارات والشعوب لإثبات حقائق مزيفة تضر ولا تنفع قضاياكم ، لا تدخلوا فى قضايا فرعية تعيق نضج قضيتكم الأساسية ، إن التعلق بالأديان لأستخراج حقوق أو حريات للمرأة يقود دائماً إلى تغييب الفكر النسائى والتقهقر إلى مراحل التخلف يوم صدق عرب الجاهلية أنهم خير أمة أخرجت للناس ، لا تذهبوا بعيداً بخيالكم وتتخيلوا المستحيل .
لا أريد أن أشكك فى مدى دقة وصحة المعلومات فىالكتب المذكورة كمراجع فى مقال الأخت الكاتبة ، ولا أعتقد أنها معلومات يجانبها الصواب ، لأن كل إنسان يمكنه توظيف معلومة بسيطة لإقحامها فى سرد مخالف تماماً ، لكن علينا الحذر ومراجعة ما نقرأه لأن كثيرة هى الكتب التى يكتبها العرب لأنفسهم متحيزون يبدو فيها واضحاً تأثير المشاعر والأحاسيس ، وبالتالى لا يراعون فيها الدقة العلمية والتاريخية ويتم نقلها بأعتبارها حقائق لا تقبل الشك أو المراجعة، كثيرة هى كتب المؤرخين العرب الزاخرة بالأخطاء وعدم الموضوعية.
بنظرة فاحصة سنجد أن تارخ بلادنا العربية تم تزويره بأيدينا العربية لأنه يحقق مصالحنا وأهدافنا الدينية والقومية والعروبية وغيرها من مصطلحات تسقط برداً وسلاماً على عقولنا التى تتلذذ بمن ينشدها أقوالاً من طائفة أننا صناع الحضارة وأننا أفضل الناس وخير الناس ونحن أهل العلم والتقدم وغيرنا يعيشون فى جاهلية وتخلف .
أقتنعنا حقاً بأننا رواد العالم فى إعطاء المرأة حقوقها ولكن العيب كل العيب فى أنظمتنا وحكامنا الملاعين الدكتاتوريين الصهيونيين ... " وإذا كان لديك أوصافاً أخرى أنطق بها فى سرك " ، أصبحنا نعيش على قناعات زائفة نكررها أجيالاً بعد أجيال ، نرددها مبهورين بعظمة مجتمعنا العربى حتى وصل حالنا إلى ما نحن عليه " من عظمة ".
إن لم تستيقظ المرأة وتربى نفسها أولاً ثم أولادها على حقائق المعارف البشرية وأصولها ، فلن يكتب لها النجاح فى أسترداد أدوارها التاريخية وحقوقها ، ولن يقف الرجل ليضرب تعظيم سلام ليفسح لها طريق الحياة الحقيقية.
يا نساء العرب .. أتركوا الكلام فى الأديان وأدخلوا إلى أعماق مشاكلكم ، لا تخلطوا أوراقكم الجميلة بأوراق ستعبث بمستقبل قضاياكم وتلقى بكم إلى أدغال ومجاهل التاريخ العربى وينتهى بكم المطاف على رفوف المكتبات التراثية والخرافية .. كفاكم تقديساً لأفكار الرجال وأساطيرهم التى تعيشون عليها وتبشرون أولادكم بها .
لا تضيعوا أوقاتكم وجهودكم عبثاً فى عالم من الأوهام المقدسة التى تحجب عنكم طريق الإصلاح والتجديد ، طريق الواقع الملموس الذى يحتاج منكم إلى أن تفتحوا نوافذكم وأبوابكم لأستقبال نسيم الحرية التى تهب على من يشاء أن يستضيفها لتسكن بيته وأسرته ومجتمعه ، لا تقبعوا إذن خلف الأسوار العقلية والمنزلية تنتظرون فارس التحرير ليقدم لكم جزء من حريتكم ويعتبرها هبة منه تنتظر تقبيل أيديه ورجليه على ما أنعم به على جنس النساء .
عندما تقتنع المرأة بأنها تملك عقلها كله ، وأنها تستطيع الرد على المزاعم الذكورية القائلة بأنها بنصف عقل ، عندما تقتنع المرأة أنها ليست شيطاناً نجساً خلقه الله لينغص حياة الرجل ويدفعه إلى المعاصى ونار جهنم ، عندما تفهم وتعى المرأة حجم مشاكلها ساعتها يمكنها أن تنتصر فى جهادها على عنصرية الرجل التى أباحتها له الأديان ، وتنتزع الحقوق المشروعة التى سلبها الرجال .
أخرجوا من عزلتكم العقلية التى فرضها عليكم المجتمع ، أمامكم الفرصة لتختاروا بين أن تفكروا بعقولكم أم تتركوا الرجال يفكروا لكم ويضعون لكم المحرمات والمحلالات ، ويقيدونكم بقيود المفاهيم الجاهلية لتجلسوا على كرسى شهرذاد تسردوا للرجال حواديت وحكايات مسلية تضمن لكم حق البقاء .
2004 / 8 / 30
التعليقات (0)