بداية لتعلم أخي القارئ أن الكاتب ليس ممن يمانع قيادة المرأة ولا ممن يحاجف عن القيادة وليس مع عمل المرأة أو ضد لها في طلبها للرزق , ولكن الواقع يفرض علينا نفسه ويتجرد أمامنا جليا كي نحسه ونلتمسه. ونعيه ونعمل على ضوئه وفق معايير التغير الزمني فلا بد من تحديث العقل ليواكب القفزات في محيطنا البشري , واللحاق بركب الحضارة التي تتقدم كل يوم ونحن عكس عقاربها نسير .
لا أنكر أن المجتمع قد وفر للمرأة السعودية سبل الراحة والرفاهية الجسدية التي تطلبها جميع النسوة في كل البقاع والأصقاع سواء في بيت أهلها أو في عش الزوجية مع زوجها كما أن المرأة السعودية برأيي تختلف عن نساء العالم ككل إن كان بأنوثتها أو رقتها أو بجمال الروح التي تقطن جسدها وقد أجد نفسي بعيدا عن الحرج عندما أقول أن ما يتوفر في السعودية وللسعودية لا يتوفر لغيرها في معظم الأقطار العربية .
ولكن المجتمع في ذات الوقت , كما أعطى المرأة , اخذ منها أهم احتياجاتها كمعاملتها كانسان له كيانه وذاته , وسلب منها أيضا الثقة التي تمثل أهم متطلباتها النفسية , وغلا في توجيه الاتهام لها بضعف العقل أضف إليه سعيه على أخراجها من دائرة المعرفة وتمييز الصالح من الطالح واعتباره المرأة برمتها عوره خلقت لتقر في بيت ربها فحسب , وفرض عليها عادات وأعراف باليه وشرع جاهلي نسبه جهلا للشرع الإسلامي باعتقاده وعقليته ووعيه التجاري فتمحور جل نظره في زقاق ضيق حول الغريزة الجنسية والعشق والمتعة حتى تجاوز الحد وأفرط بأفكاره ونظرياته ليتحول من الصوت إلى الاسم ليضمه هو الآخر إلى قائمة هذه العورة .
إن مجرد معارضة المرأة للعرف أو تمردها على العادات السائدة التي قد لا تتناسب مع حياتها ولا تتكيف مع ذاتها ولا تخدم مصالحها والتي قد تجد فيها المرأة بعض الأحيان إجحاف بحقها كأنثى لها كرامة وذات وعقلية تستحق التوقير والاحترام , ومجرد سعيها للمطالبة بحق النقد ورفع الصوت والمعارضة لتختار الحرية التامة التي تتمتع فيها بمناقشة رؤيتها لمستقبلها والسماح لها بان تفكر وتنتقد , وتحلل وتختار ما تراه يعود عليها وعلى بنت جنسها بالنفع والمنفعة , تكون قد ارتكبت جرما مشين يخل بالشرف , يكثر فيه الكيل لها بالتهم الشنعاء والتراهات العوجاء , نظرة برأيي مقيتة تدنس كرامة أمهاتنا وبناتنا ونسائنا كانسان له وعليه , يعي ويميز , يعطي ويأخذ , كائن حي يمتلك الروح والعقل لابد من مراعاته واستثمار أفكاره وان يسمع رأيه وتحترم وجهة نظره .
عندما نطرق النظر في العوالم العربية من حولنا والقياس على العربية لأنها شقيق يشاركنا علة التخلف والرجعية والدول الخليجية التي تشاركنا العادات والأعراف . نجد أن المرأة تنتقد وتحلل وتبيع وتبتاع وتعمل كاشير في الأسواق ومسوق للبضائع وتقطع الفيافي والأفاق آمنة مطمئنه بدون قيود أو حدود , وكثير من نساء تلك المجتمعات قدن الطائرات فضلا عن السيارات , ولم تكن هناك سلبيات تذكر أو معضلات تنثر , ولم نسمع عن حملات شرسة كرست ضد المرأة , مع أن الإسلام يقطن تلك البلدان كما قطن بلادنا ويسكن نفوس سكانها كما سكن اجسادنا وفيها من العلماء والفقهاء والمفكرين ومن الإجلاء الكثيرين . ولم نشاهد أو نسمع أن التحرشات الجنسية خلقتها قيادة المرأة ولا الرذيلة صنعها البيع والابتياع ,
قيادة المرأة للسيارة لها ايجابيات كثيرة تعود بالإيجاب بدءا من الدولة ومنها الى المجتمع وبدوره يتعدى إلى خدمة الأسر , تفوق السلبيات الناتجة بكثير , ولنا أن نقض ونقلص من السلبيات التي تطفو على السطح بقليل يسير من التفكير, أهمها إيجاد قوانين صارمة تحمي المرأة وتحول بينها وبين الاعتداء عليها أو تمنع التحرش بها حتى وان كان من خلال البصر , سواء في القيادة أو في الوظائف المختلطة أو غيرها من المخاطر التي تحدق بالمرأة .
وبعيدا عن بعض المراهقات التي تحاول القيادة للمتعة ولف الشوارع وزيارة الأسواق والمنتزهات المقصورة على العوائل البرجوازية , هناك فئات لابد من مراعاتها من الأرامل والمطلقات والموظفات وهناك الكثير ممن هي بحاجه ماسه للقيادة لتقوم بواجبات أسرية مقسورة عليها لسبب افتقارها للرجل القوام الذي يلبي متطلباتها ومتطلبات أسرتها.او لاي سبب آخر كان , وقد نجد في القيادة تجنيب للسناء من الاصطفاف على قوارع الطرق بحثا عن سيارات الأجر . وإبعاد لها عن الخلوة الغير شرعية مع سائق أجنبي الذي فرضه عليها المجتمع عنوه .
هدا الله إخواننا خالفوا التقعيد بالتطبيق وقدموا سوء الظن على أحسنه كل هذا بحجة قاعدة (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) ولو اطرق احدهم نظره لوجد أن كل شي أصله الحل ما لم يأتي الشرع بتحريمه , وما لم يأتي الشرع بتحريمه ليس له أضرار إلا الخطأ في تطبيقه , ولو سلمنا لأرائهم دون نقاش أو نقد وتعقيب لحرم قياسا عليه الانترنت بما فيه من المصالح العديدة ولحرمت القنوات الفضائية بما فيها من الفوائد الجمة الكثيرة وفق القاعدة السالفة المذكورة .
لكل شيء سلبياته سواء محرم أو مباح وما يهمنا ما ليس فيه مخالفة شرعيه فيمكننا تلافي سلبياته بسن الأنظمة والقوانين وإيجاد الآليات والحلول التي تجنبنا طوالح موبقاته .وكل معضلة أو ضرر هو في الحقيقة نتيجة ومحصلة للتطبيق ومطبقه . فمن قلة الوعي أن ننسب العيب في ذات القيادة ولا العيب بعين السيارة ولا في البيع والابتياع إنما العيب في الشخص المطبق للعملية وطريقة تطبيق العملية , إن كانت قيادة أو كاشير أو ما سواه من الأعمال أيا كانت , أضف إليه العيب الأكبر الذي يكمن في العقول التي تنظم وتحلل وتنظر وتنظِّر دون مراعاة لجانب الايجابيات ودون التفكير والتمعن ودراسة السلبيات والبحث لها عن حلول وبدائل .
ولا شك عندي أن التناقضات في مجتمعنا لا تعد ولا تحص وليس لها نظير في العالم ممشوقة القوام طويلة , ففي وقت لا يسمح فيه بعمل المرأة يرفض تطبيبها عند الرجل وفي وقت يدعوا لتحريم الخلوة يجبرها قسرا على الخلوة مع سائق أجنبي أو سائق اجر لا تعرف ملته .
فالأجدر بنا كشعب مسلم يعتز بثقافته ودينة وأخلاقه أن يحترم المرأة في كل زمان ومكان إتباعا لدينه واقتداء لسنة نبيه . ولكي نحكم لنا أن نشاهد المرأة وكيف تعاني الخطر في بلادنا متى ابتعدت بضع مترات عن المنزل , بنقيض الدول العربية والأجنبية والخليجية التي طالما اتهمناها بطريقة التفكير السلبية وبأنها لا تؤمن بدين ولا تدين بخلق , تجد هناك احترام للأنثى الحرة بعيدة عن الخطر حتى لو كانت تبعد مئات الكيلومترات عن المنزل .باستثناء من سعت هي لذلك , أما مجتمعنا فاللهم سلم سلم , من سلم من فعله لم يسلم من سلاطة لسانه حتى كيس القمامه الأسود لم يسلم هو الآخر من الاعتداء عليه ولو من خلال البصر قبل التأكد من كونه أنثى أو جماد لا ينفع , وإذا أحب احدنا أحب عشرة وحاول أن يلحق بها الضرر متى سنحت له الفرصة . فأي دين وأي منطق وأي عقل نحن نحمل ..
التعليقات (0)