المرأة.. ليست لعبة الرجل!
فضاء الكلمة
بقلم: خليل الفزيع
رغم ما كل ما تتعرض له المرأة في مجال الغناء الذي يتخذ من جسدها مرتعا لنزوات بعض المخرجين.. ورغم وجود جمعيات نسائية وجمعيات حقوقية كثيرة في كل دول العالم.. ورغم استمرار وتصاعد موجة العري التي تجتاح الأغاني العربية وغير العربية فيما يسمى (الفيديو كليب).. رغم ذلك كله.. فإن هذه الظاهرة لا تلقى الرفض المطلوب لهذا العبث بجسد المرأة، والسخرية من وجودها والاستهانة بإنسانيتها، وكأنما لا يراد لكل ذلك أن يتوقف، وهو أمر معيب بكل المقاييس.
ومن المؤسف أن المرأة تسهم بشكل مباشر في هذه اللعبة القذرة من خلال انصياعها لمثل هذه النزوات، لتؤصل هذه القيم الهزيلة المستوردة، التي ظهرت أول ما ظهرت في المجتمعات الغربية المنفتحة لحد الانهيار الأخلاقي، ثم وجدت طريقها بعد ذلك إلى المجتمعات العربية على أيدي بعض المخرجين أو الفنانين الذين يريدون ترويج بضاعتهم الرديئة من الأغاني الفجة الهزيلة، وليس أدل على فشل هذه الأغاني من استخدام جسد المرأة ة لترويجها بهذا الشكل المستهتر الممجوج.
فأين الناشطين في مجال الإصلاح الاجتماعي؟ وأين الجمعيات النسائية وهيئات حقوق الإنسان من هذا العبث السافر بإنسانية المرأة؟ ولما لا تنشط هذه الجهات في مكافحة هذا الوباء المستشري، والتصدي له بكل الوسائل؟
إن الأخطار التي تهدد المجتمعات العربية ـ وغير العربية ـ نتيجة هذا الانحراف في الذوق والأخلاق، ستكون أشد خطورة في المستقبل، لأنها تهيئ لمناخ فاسد وبيئة ملوثة تحتضن الأخلاق السيئة، وتلهب ظهور الشباب بسياط الانحراف، بدل توجيهه إلى المسار الصحيح، على أيدي الغيورين على مستقبل الأمة، والحريصين على توجيه الشباب للبناء والمشاركة في صنع المستقبل الأفضل لهم ولأوطانهم وأمتهم.
ظاهرة ( الهشك بشك) والتعري التي تجتاح الفضائيات التجارية، وغيرها من الظواهر الفنية السيئة.. لا يمكن أن تتخذ مقياسا للذوق العربي العام، فلا زالت الذائقة العربية تأنس للغناء العربي الأصيل، وللطرب الممتع الجميل، حيث لا زالت أغاني أساطين الفن العربي تلقى رواجا بين مختلف الأجيال العربية، وهي ليست قصرا على كبار السن الذين عاصروا ظهورها، بل امتد تأثيرها على الأجيال التالية لتحظى باهتمامهم، ولا شك أن قول: (هذا ما يريده الجمهور) زعم باطل.. لأن هذا الإسفاف مفروض على الجمهور من قبل المتنفذين في المجال الفني.. من منتجين ومخرجين وأدعياء الفن غير الموهوبين، الذين لا يجدون ما يردعهم عن المضي في هذا العبث السافر بالمرأة، والنظر إليها من هذه الزاوية الجسدية المنحرفة، وتجاهل عقلها وطموحها وإنجازاتها في مختلف المجالات الحضارية، إلى جانب ودورها البناء في الأسرة والمجتمع.
إن من يقودون هذا الانحراف من أصحاب الفضائيات التجارية، لا بد أن يخضعوا للمساءلة وللعقوبات الصارمة.. لتكون رادعا لهم وليكونوا عبرة لغيرهم، فالفن لا يستقيم له معنى إذا ولغ من مستنقعات العهر، وخاطب الغرائز الحيوانية في الإنسان، وألغى كل ما يستظل به الإنسان من أخلاق فاضلة، وقاد جماهير المشاهدين إلى حالات التغييب عن همومهم وقضاياهم الأساسية، والانشغال بالتسطح والانهزام.. والانصراف عن أمور دينهم ودنياهم.
المرأة ليست لعبة الرجل ليعبث بها كما يشاء، ناسيا إنسانيتها، فمتى يتخلى عن خطيئة النظر إلى المرأة جسدا مباحا للجميع، وليس عقلا بناء ومنجزا ومشاركا في صناعة حضارة العصر؟!.
يقول أبو الفضل الوليد وفي قوله إنصاف للمرأة:
وفسادُ النساءِ منكم فلولا
غدرُكم دامَ للجمالِ الحياء
أنصِفوا المرأة التي خنتموها
فهي في الخدرِ نجمةٌ زهراء
وهي سلطانةٌ تدَبِّرُ مُلكا
وهي ليلى في الشعرِ والخنساء
وهي أختٌ تحنو وأمّ تصلّي
وهي زوجٌ من نسلها الأنبياء
التعليقات (0)