غالبية الدساتير العربية تؤكد على المساواة بين جميع أبناء البلد , دون تمييز في الجنس أو الدين أو المذهب أو القومية , بمعنى أن الدساتير تؤكد المساواة بين الرجل والمرأة , كما ان القوانيين تؤكد على هذه المقولة , وتدعو المرأة أن تأخذ دورها في المجتمع وفي الدولة .
عندما تأخذ المرأة دورها في العمل , فانها تشكل حافزا ايجابيا في زيادة الانتاج , عندما تكون الادارة واعية وحريصة على زيادة الانتاج حقا , وكذلك الحال في الدراسة وفي العمل الاجتماعي . واذكر انه في التظاهرات التي جرت عام 1963 في الاردن عندما كانت المفاوضات على قدم وساق من اجل ابرام الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق , كان الشارع الاردني يموج ثائرا يطالب بان ينضم الاردن الى هذه الوحدة , وكان الشعار انذاك " النجم الرابع يا عمان " , في تلك التظاهرات كانت الطالبات يتقدمنها في الشوارع , وكن يتعرضن للاذى الجسدي والنفسي من قوى الامن التي كانت تضرب بقوة المتظاهرين , وكان هذا الفعل محفزا للشباب لان يصمدوا في الشارع أطول مدة من الزمن .
تضاءل دور المرأة الجماهيري في العقود اللاحقة , نظرا لشراسة أجهزة الامن وملاحقتها السياسين والمنتسبين للاحزاب وزجهم في السجون وحرمانهم من الوظائف , أو طردهم منها . ونتيجة تلك الاوضاع عزفت المرأة عن الاشتراك في العمل السياسي , او الدخول في الاحزاب وبالذات الاحزاب اليسارية والقومية .
لقد عم الظلم والاستبداد معظم شرائح المجتمع رجالا ونساءّّ ,وزاد الطين بلة , أن معظم المجتمعات العربية تتحكم فيها " الذكورة " , أي العنصر الذكري , بحيث كاد يغيب دور المرأة في المجتمع وفي الحياة السياسية .
وهذا الواقع المؤلم خلف احتقانا كبيرا لدى ابناء المجتمعات , وعندما جاءت اللحظة المناسبة , أي عندما اشعل عود الثقاب , أشتعلت معه كل الغابة , وهكذا كان عندما انتحر محمد بو عزيزي في تونس , فكان هو عود الثقاب الذي أشعل الشارع التونسي واسقط الرئيس بن علي , وامتدت الانتفاضات العربية الى مصر واليمن وليبيا وسوريا والبحرين والعراق والسعودية والاردن , وامتدت هذه الانتفاضات الى اسبانيا واليونان وبريطانيا واسرائيل .
كان للمرأة العربية دور بارز في تونس ومصر واليمن , وظهرت عشرات النساء على شاشات التلفاز محرضات على الثورة ورفض الظلم والاستبداد , فبرزت الشاعرة في ميادين التحرير والتغيير , والكاتبة في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية وصفحات الفيس بوك .
برز دور المرأة بشكل واضح وجلي حيث كانت الانتفاضات سلمية الى حد ما , وحيث ساد العنف في الساحات ابتعدت المرأة عنها .وما تكريم الناشطة اليمنية توكل كرمان بجائزة نوبل للسلام , الى جانب امراتين أخريين من افريقيا الا مؤشر على عناية المجتمع الدولي بالمرأة , وبالذات الامم المتحدة التي نظمت أكثر من مناسبة لتكريمها وسن القوانين التي ترعى حقوقها , والضغط على الحكومات الوطنية لاصدار تشريعات تنتصر للمرأة وتمنحها حقوقها أسوة بالرجال .
المرأة موجودة في دوائر الدولة وفي منظمات المجتمع المحلي وفي بعض البرلمانات ومجالس البلديات والوزارات والمنظمات الاممية , ولكن ما زالت هذه المواقع حكرا على النساء المتميزات علميا وثقافيا وسياسيا , وتحتاج المرأة في معظم بلدان عالم الجنوب الى كفاح طويل حتى تتمكن من نيل كامل حقوقها وتكون فاعلة في المجتمع .
التعليقات (0)