مواضيع اليوم

المرأة بين المطبخ و العمل

محمد الشبراوي

2023-08-09 08:44:15

0

يعتقد البعض أن وظيفة المرأة تقتصر على تربية الأطفال،التكفل بالمطبخ فلا مكان لها في الحياة إلا المنزل،و مازال البعض ينادي بأن تعود إلى هذه الوظيفة حتى أنه في المغرب ينادي البعض "بكوزينتك" "مطبخك"في احتقار للمرأة.

كانت هذه فكرتي أيضا،فما هو دور المرأة إن لم تتكفل بتربية الأبناء؟و لم تعتني بهم ؟و ما هدفها من العمل ؟ لقد كنت شابا وضد أن تشتغل المرأة، خصوصا إخوتي أو زوجتي،فيجب عليهن أن يجلسن في البيت ،و أن الرجل هو من يكفل بالمصاريف و توفير ما يلزم ،كنت دائما في خلاف مع أمي التي تنادي بحريتهن وحقهن في الشغل، و التعليم ،مع أنها أمية لم تدرس في مدارس،أو جامعات.

كانت دائما تقول،ماذا سيفعلن في البيت إذا لم يشتغلن؟،و لم يدرسن؟هل ستتكفل بهن؟،وجوابي دائما نعم،سأوفر ما يحتاجون له، سأعمل وأساعدهن في تلبية طلباتهم ،كان هذا صوت يافع،يخرج،كأنه صوت صبي،لا يفقه في الدنيا شيئا متأثرا ببعض أقوال الفقهاء يبني فكره و مواقفه لكن سرعان ما تتكسر تباعا مع الواقع الذي نعيشه.

لقد اكتشفت أخطائي و أنا أقوم بمراجعة لفكري و تفكيري،أنني سلطوي ألغي الأخر، الأنثى شخصيتها ذاتها،حقها في اتخاذ قرار بنفسها يهم حياتها،لقد ألغيت إخوتي فكرهم،مستقبلهم،أحلامهم وربطتها بقدرتي على توفير لقمة العيش،اكتشفت أننا في مجتمع سلطوي هكذا يفكر إلا قليل منهم، مجتمع يعتقد أن ذكوريته تمنحه الحق في أن ينتزع من الأنثى أحلامها،قدرتها على تحمل المسؤولية،حقها في اتخاذ القرار،يريد أن يحتضنها ذلك الاحتضان السلطوي الذي يلغيها ككائن مثلها مثله،بحجة الشرف، و العرض،و نظرة المجتمع ،فهي دائما دون مستوى الرجل مهما بلغت و مهما حققت من إنجازات.

في حواراتي مع أمي كانت تحاول دائما أن تقنعني، أن لا فائدة من جلوس المرأة في المنزل،و أن ذلك يجعلها تفكربشكل سلبي ،ولأن الحشمة كانت سببا في أن لا تقول كل شيء،إلا أنني فهمت متأخرا هذا الكلام،ما فائدة أن تسجن إنسانا في البيت، لا شغل له سوى أن يشاهد التلفاز،يحضر الطعام،وينام،تصور أنك مكانها،لا تشتغل سنوفر لك جميع احتياجاتك،هل تستطيع أن تستمر في نفس الروتين اليومي الذي تمارسه،إنهن يعانين في صمت،يسترجعون الذكريات،يتذكرون الأحلام،يرغبون في التحرر من القيود،و يلقون بالمسؤولية على من كان سببا في حرمانهم من تحقيقها.

ما إن يأتي حدث نسوي،حتى يثار هذا الموضوع،أين يجب أن تكون المرأة،في المطبخ أم في العمل،لا زال البعض يعيش في قرون سابقة،لم يستطع أن يغادرها، أو يتجاوزها،أو حتى نقدها،لذلك فكلما أخطأت المرأة في عملها سيكون أول من ينادي برجوعها إلى البيت في إلغاء لذاتها،و في حط من كرامتها.

في العمل صادفت العديد من النساء، يخرجن للعمل مرغمين،هذه لم يوفر لها زوجها ما كانت تبحث عنه،من راحة للبال و عيش كريم، و أخرى توفي زوجها و هي المعيلة الوحيدة لعائلتها،و هذه تساعد زوجها في أعباء البيت و الكراء،و أخرى تساعد نفسها بتوفير ما تحتاجه حتى لا تكون عالة على عائلتها،تختلف الأسباب و الهدف واحد،مساعدة نفسها بنفسها،والشعور بذاتها.

و حين أسألهن عن مساهمات العائلة،من أب أو أخ،و موقفهم من عملهن ،فنادرا ما يكون الجواب شافيا، فهذه تقول،أنه منذ زواج أخوها لم يعد يساهم في مصاريف المنزل، و أخرى توضح أنه و بعد موت الأب و الأم، وتوزيع التركة،أصبحت وحيدة تتكفل بمصاريفها،  حكايات كثيرة تذكرني بأمي، التي رغم أميتها اتضح صدق أفكارها فلا يمكن أن نلغي الاخر و نتحكم به فقط لأنه يسمح بذلك في إطار العائلة و الاحترام لذلك فمواقف عائلتهن كان رفض العمل في البداية إلا أنهم يقتنعون في الأخير بأنه لا مفرمن ذلك،لأن كل شخص مسؤول عن نفسه،و لا يمكن أن تحتضنه مدى الحياة.

 فالإنسان مسؤول عن ذاته باختلاف جنسه ولا يمكنك أن ترسم مستقبله،وتحطم أماله و أحلامه،لأن رابطة معينة تربطك به،  فما إن تنتزع هذه الرابطة، حتى تصبح أفكارك و تسلطك و رغباتك التي تريدها لهذا الاخر،مجرد وهم ،وهذا ما يجب أن يفهمه البعض ممن ينادون برجوع المرأة إلى المطبخ في احتقار ودونية  و تنمر على هذه الأخيرة.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات