المرأة المثيرة في التلفزيون تطرد الزوجة من البيت والرجل لايشبع أبداً
يعترف كل العاملين بقضايا المرأة، دراسة وتجميلاً، أن المرأة "الموديل" أثرت على المرأة العادية الواقعية التي تحيا مع زوج أو عاشق أو وسط مجتمع. فالموديل هي الجسد المثالي والنقي والجامع لكل معايير الجمال والجاذبية والإثارة. فيما المرأة المعاشة، المتاحة، تعاني من انعدام مقدرتها على مجاراة الصورة/الموديل.
هذا الانعدام لايعني بحال من الأحوال نقصاً أو عيباً خلْقياً في المرأة المتداولة المتاحة، إنه مجرد فارقٍ بين الشخصية العاملة المتعددة والشخصيةِ المثالية الأقرب إلى الوهم. فالمرأة المثالية، الموديل، بعيدة عن الأكل والشرب والنوم والتعرق والطبخ والصيف والشتاء. بينما المرأة المتاحة، الواقعية، هي كل هذا. وفي الوقت الذي تعمل فيه المرأة الموديل على فرض نموذجها المثير على الرجل، أي رجل، ترتبك المرأة الواقعية وهي ترى الموديل آخذة بمعايير الأنوثة نحو الرجل، الأخير الذي سيتجه بكليته الى النموذج الموديل، محمّلاً المرأة الواقعية كل عيوب العالم: فالمرأة الواقعية هي التي تسببت بوجود رائحة الثوم والبصل ودخان السيارات. بينما المرأة المثالية هي التي تزيل رائحة الديزل والشحم من الكرة الأرضية. وبينما الواقعية أمٌ وأختٌ وعاشقة وصديقة وزوجة، تأتي الموديل لتكون مجرد تذكير للرجل برجولته. إنها، أي الموديل، هي الحلم الأبعد والصورة المثالية الكاملة التي يعجز الرجل ذاته عن أن يكونها في عالم رجولته. إلا أنه في المقابل، ومع هذا العجز، يدين المرأة لأنها ليست موديلاً، ليست ذلك الجسد المستعد 24 ساعة وفي كل مكان. المرأة الموديل، هنا، هي شهوة الرجل وحلمه ورغبته اللامتناهية بامتلاك كل النساء.
المرأة الموديل تركت أثرا على الحياة الزوجية، في المقام الأول. سيندفع الرجل للمقارنة رغماً عنه. سيبحث عن السيقان النحيلة في زوجته الممتلئة، وسيبحث عن عينين متصوفتين في وجه زوجته المرهقة من البيت والحياة. وسيفتش عن أصابع حرير مقلمة بغبار الطلع في يد زوجته التي انتهت الآن من تقطيع البصل والثوم. وسيريد سُرّة بركانية من حرير في بطن زوجته التي تغيرت ملامحها في الإنجاب. هنا تتحول المرأة الواقعية الى أداة تذكير مستمرة للرجل بأن ذوقه النسائي خضع لتبدل عنيف وعوضا من إعجابه بالعينين السابقتين للزوجة أو العاشقة يبدأ المطالبة بالنموذج المفرط للموديل: نعومة مطلقة وجسد معقّم بالشمبانيا وقابلية دائمة للوجود في غرفة النوم مع مقدرة لاتُحد على الجذب والإشباع. لكن، من يشبع الرجل؟ ومن ينصف المرأة الواقعية؟
هنا يتفق أغلب الأخصائيين بأن المرأة الواقعية عليها الاعتراف بالأزمة. إذ لايكفي الاعتماد على الحب السابق للزوج. وذلك من خلال اكتساب مواصفات أكثر حداثة للجسد من شكلها السابق. فإذا أحب الرجل زوجته وقت كانت ممتلئة الجسم، فهذا لايعني أنه سيظل على المعيار ذاته. قوة النموذج الموديلي تدفع بالرجل الى البحث عنه واكتشافه. تماما كالإعلان التجاري الذي يقصد منه دفع المستهلك لشراء سلعة محددة. هنا على المرأة الواقعية أن لاتتقنع بالحب والأولاد وقضايا الأخلاق والصدق. مع الجسد والإثارة تتغير القيم والمعايير. والرجل عالمٌ متطلبٌ من الشهوة المفتوحة لايمكن السيطرة عليها بأغانٍ دارجة أو مثل شعبي أو ثقافة أخلاقية. الرجل يتعامل مع الجسد كما يتعامل مع طموحه. لذلك فعلى المرأة الواقعية أن تتسلل بين النقاط وتكتسب بعضا من صفات الموديل التي أصبحت في الحقيقة نموذج الرجل. لايمكن الهروب من هذه النقطة. المرأة الواقعية والمرأة الموديل في صراع دائم. ولن تفوز الواقعية في مطلق الأحوال.
الحب والثقة يتركان أثرا، إنما لايغيران المعادلة. الجسدُ أعمى كالإرادة وكالطموح والرغبة. يجب الاعتماد على أن الجسد لايسمع ولايتكلم ولايرى. الجسد حركة اندفاعية عصية على الفهم تقاتلت الثقافات للسيطرة عليه وفشلت. حاول الشيوعيون تحويل الجسد إلى أداة للعمل فقط وتوفير فضل القيمة، وفشلوا. وحاولت النازية التعامل مع الجسد كدجاجة لاتبيض إلا ذهبا جرمانيا معقماً، وفشلت. وحاولت الماورائيات منح الجسد مزيدا من التقشف والسيطرة والعزل، وفشلت. الجسد لايفهم إلا على نفسه. الجسد وحده صديق الجسد، والرغبة هي مكان اللقاء الوحيد.
ستتعذب المرأة الواقعية قليلا. لكن ماالحل؟ بمزيد من الموديل، بمزيد من التشبه بالمثال تصبح المسألة أفضل. غير ذلك فالكواراث في العلاقة هي البديل. كوارث من كل نوع.
التعليقات (0)