المرأة المتاع.
نقرأ في الآية (21) من سورة الروم: " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة ورحمة. إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ". هذه الآية تشير إلى المغزى العميق من رابطة الزواج باعتبارها علاقة منظمة بين الرجل و المرأة. لكن الواقع في بلاد المسلمين يشهد أشكالا من " الزواج " تسيء إلى هذه القاعدة، بل إنها تسيء إلى المرأة وتجعلها بضاعة في سوق متعة الرجال.
زواج "المتعة" و زواج " المسيار" يمثلان وجهين لعملة واحدة. و بالرغم من التضاربات الفقهية بين الشيعة والسنة بخصوص زواج المتعة، وداخل الأوساط السنية نفسها فيما يتعلق بالمسيار، فإن القاسم المشترك بين النوعين هو الإساءة إلى مكانة المرأة وصورتها في المجتمع الإسلامي. فالأصل اللغوي في تسمية زواج المتعة بهذا الإسم نجده في مادة " متع " ومن الواضح أن الغاية منه هي تحقيق المتعة، إذ يتزوج الرجل المرأة لأيام من أجل التمتع بها ثم يخلي سبيلها بعد ذلك بدون طلاق، ولا يترتب عنه أية حقوق للزوجة كالإرث مثلا. وتلك إهانة حقيقية للمرأة التي ينظر إليها ككائن للمتعة و إطفاء الغرائز الجنسية للرجل. إنها متاع و سلعة يستمتع بها "الزوج" كما يحلو له، وعندما يقضي حاجته يلقي بها إلى غياهب المجهول، ليتحين الفرصة للإيقاع بفريسة أخرى، وكل ذلك يتم تحت غطاء شرعي عامر بمعاني الورع و التقوى... ولا يختلف الأمر في شيء عند الحديث عن زواج المسيار، فهو من " السير " مادام الرجل يسير إلى المرأة من أجل معاشرتها. وهذا يعني أن هذه الزوجة لا تقيم معه في نفس البيت، فهي على الأرجح تسكن في بيت والديها، ويحق للزوج " السائر" أن يطرق بابها في أي وقت، وطبعا سيكون الداعي إلى ذلك هو إشباع رغبته الجنسية.
تشييئ المرأة هو العنوان المناسب للتعبير عن هذه العقلية التي تحاول أن تضفي المشروعية الدينية على سلوكات فيها الكثير من الإحتقار للمرأة و كرامتها، وإذا كان المسلمون يفتخرون بأن الإسلام قد حرر المرأة و كرمها، فإن ما يجري من سلوكات باسم الدين وبتأشيرة من الفقهاء يعبر عن العكس تماما. حيث مازالت النظرة الدونية للجنس الناعم أمرا واقعا ومكرسا بشكل متزايد. ونحن نعلم أن المبررات التي يسوغها الذين يقبلون هذه الأنواع من الزواج تتحدد في مشروعية التعدد و محاربة الزنا و الإغتصاب و الرذيلة. وبما أن المرأة تميل بحكم طبيعتها النفسية إلى الخوف من أن تشاركها في زوجها امرأة ثانية وترفض ذلك بشدة، فإن الرجل يلتجئ إلى الزواج السري تفاديا للقلاقل مع " أم العيال " ( الزوجة الأولى). وإذا كانت الآية الكريمة التي بدأنا بها هذا الموضوع تتحدث عن التساكن والمودة والرحمة كأبعاد أساسية في مؤسسة الزواج، فإن هذه العناصر كلها لا تتوفر في زواجي المتعة والمسيار. فالمرأة في الحالتين كائن للمتعة الجنسية فقط. طبعا يشترط الفقهاء في الزواجين المذكورين قبول المرأة ورضاها، لكننا نعلم طبيعة المجتمعات الإسلامية التي تعتبر سكوت المرأة علامة على الرضا. ونحن نعلم أيضا سبب هذا السكوت. فهي مسكينة لا حول لها ولا قوة تدرك أن قدرها في يد أولياء أمورها. وبذلك ترضى صاغرة بالنصيب.
مازالت العقلية الذكورية في المجتمع الإسلامي إذن تنظر إلى المرأة ككائن قاصر. ولا ترى فيها إلا وعاء لإفراغ المكبوت الجنسي و تحقيق اللذة والمتعة الجسدية. وما عدا حقها البيولوجي في العادة الشهرية، يبدو أن هذه العقلية لا ترى لها حقا آخر. محمد مغوتي.27/06/2010.
التعليقات (0)